قائد الطوفان قائد الطوفان

صحيفة فرنسية: شبهات بحالات فساد.. الصفحات المظلمة من تاريخ إيرباص

طائرة
طائرة

الرسالة نت- وكالات

لمدة أربعة أعوام، كانت الشركة الأوروبية لصناعة الطائرات "إيرباص" هدفا لملاحقة قانونية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، بشأن مزاعم بوجود وسطاء ورشاوى وإهمال وغياب الدقة، وفق ما أوردته صحيفة "ليزيكو" الفرنسية.

بدأت "الأعمال" عام 2007، عندما كانت المجموعة لا تزال تسمى "إيادس" (EADS). وفي هذا التقرير الذي نشرته صحيفة "ليزيكو" الفرنسية، سلط الكاتب جان ميشيل غراد الضوء على بعض التواريخ التي تعكس الجانب المظلم لشركة "إيرباص".

بعد ملاحقتها قانونيا منذ ما يقارب أربعة أعوام في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، وبعد مواجهة مزاعم الفساد وعدم الامتثال لقوانين تصدير الأسلحة، أكدت شركة "إيرباص" -في بيان لها صدر الثلاثاء الماضي- أنها أبرمت اتفاقا من حيث المبدأ مع مكتب المدعي العام المالي الفرنسي ومكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني والولايات المتحدة.

وينقل الكاتب عن صحيفة "فايننشال تايمز" أن مصادر مطلعة أفادت بأن الشركة المصنعة للطائرات الأوروبية قد توافق على دفع نحو أربعة مليارات دولار (3.6 مليارات يورو) كعقوبات لإنهاء التحقيقات.

يشار إلى أن إيرباص أعلنت الثلاثاء الماضي توصلها إلى "اتفاق مبدئي" مع السلطات القضائية البريطانية والفرنسية والأميركية يقضي بدفعها غرامات مالية كبيرة لتجنب ملاحقتها على خلفية مزاعم بانتهاكات مفترضة لقوانين مكافحة الفساد.

وقالت الشركة -في بيان- إنه تم "التوصل لهذه الاتفاقات في إطار تحقيق حول مزاعم فساد والامتثال للوائح الأميركية لتجارة الأسلحة".

ولعبت هذه القضية دورا في تغيير فريق إدارة مصنّع الطائرات الأوروبي، الذي يعمل فيه 134 ألف شخص، ويسهم بنسبة مهمة في التجارة الخارجية لفرنسا وألمانيا.

شبهات منذ 2007
كانت الشبهات تحوم حول مجموعة "إيادس للدفاع والفضاء الجوية الأوروبية" منذ عام 2007، التي نشأت من اندماج إيادس الفرنسية الألمانية وشركة "بي أي إي سيستمز" البريطانية، ليصبح اسم المجموعة "إيرباص" في يناير/كانون الثاني 2014، حسب ما ذكرته صحيفة ليزيكو.

ونقل الكاتب أن شركة "بي أي إي سيستمز" يشتبه في أنها دفعت رشاوى للمسؤولين السعوديين لتسهيل بيع 72 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون"، مُصنعة من قبل شركة إيادس "بي أي إي سيستمز" البريطانية. وأوقف التحقيق البريطاني من أجل المصلحة الوطنية، حسب الكاتب.

ومنذ 2011، أجريت تحقيقات في ألمانيا والنمسا بشأن شبهات فساد مرتبطة ببيع نحو 15 من يوروفايتر في فيينا في 2003. وفي فرنسا، ندد اثنان من الوسطاء الأتراك عام 2014 بوجود لجان خفية أثناء عملية بيع 160 طائرة إيرباص إلى الصين، و34 طائرة أخرى إلى تركيا.


إيرباص طبقت القانون الفرنسي الذي  ينص على إعفاء الشركات التي تبلغ عن الفساد فيها من العقوبات (رويترز)
إيرباص طبقت القانون الفرنسي الذي  ينص على إعفاء الشركات التي تبلغ عن الفساد فيها من العقوبات (رويترز)

التحقيق الفرنسي البريطاني
لاحظت شركة إيرباص عام 2013 وجود عدد من المعاملات التجارية التي لم تكن مطابقة للأصل، أجراها كيان داخلي متمثل في مكتب إدارة الإستراتيجية، هذا إلى جانب اكتشاف تناقضات في مبالغ العمولات الاستشارية.

وفي نهاية 2015، ثبت أنه لم يُتعرف على الوكلاء التجاريين في بعض المعاملات في أوساط الوكالات المساعدة في عملية التصدير.

وفي دفاعه عن نفسه، جادل الرئيس التنفيذي السابق لشركة إيرباص (بين سنتي 2012 و2019) توم إندرز بأنه توقف عن دفع العمولات إلى الوسطاء في سبتمبر/أيلول 2014، حسب الكاتب.

وفي عام 2016، أبلغ إندرز بنفسه عن مخالفات في المعاملة التجارية إلى سلطتين قضائيتين: الشركة الفرنسية لتأمين التجارة الخارجية (كوفاس)، التي أحالت الملف إلى مكتب المدعي العام المالي الفرنسي. ومكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني.

وفي أغسطس/آب 2016، فتح مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني تحقيقا في شبهات عمليات الاحتيال والفساد.

من جهتها، ارتكبت الشركة المصنعة للطائرات خطأ في عدم ذكر الدور الذي لعبه بعض "الاستشاريين" الأجانب في الحصول على الطلبات، كما يذكر تقرير ليزيكو.

إيرباص تدين نفسها
إذا كان القرار الذي اتخذته شركة إيرباص -التي تقول إنها اكتشفت عدة حقائق خلال مراجعة شاملة لحساباتها الداخلية - يحيل إلى إدانة نفسها، فإن الهدف منه هو تجنب الدعاوى القضائية الممكنة المترتبة عن الأحكام الواردة في التشريعات البريطانية (قانون الرشوة في المملكة المتحدة) والتشريعات الفرنسية (قانون الشفافية ومكافحة الفساد وتحديث الحياة الاقتصادية المسمى "سابين الثاني")، وفق ما يذكره تقرير ليزيكو.

وينص القانون الفرنسي على إعفاء الشركات التي تُبلّغ طوعا عن الفساد من العقوبات. وكانت "إيرباص" واحدة من أولى الشركات التي تطبق هذا الإجراء في هذه الحالة، وفق الكاتب.

وفي مايو/أيار 2017، أنشأت الشركة المصنعة للطائرات لجنة تتكون من ثلاثة محامين كبار (نويل لو نوار ولورد جولد وتيودور ويجل)، وأسندت إليهم مهمة تدقيق ممارسات وقواعد حسن السيرة لجميع الشركات التابعة للمجموعة.

وفي تقريرها المالي لعام 2018، أوضحت إيرباص أن هيئات المراقبة اكتشفت بالفعل غياب الدقة والتقصير في ما يتعلق بالمعلومات المسندة إلى وكالات التأمين على قروض الصادرات البريطانية والفرنسية والألمانية لضمان إبرام عقود معينة.


فيينا اتخذت عام 2017 إجراءات تدين بها إيرباص للمطالبة بمليار دولار مقابل الأضرار التي تسببت بها عام 2003 (رويترز)
فيينا اتخذت عام 2017 إجراءات تدين بها إيرباص للمطالبة بمليار دولار مقابل الأضرار التي تسببت بها عام 2003 (رويترز)

الإدانة في ألمانيا
في أكتوبر/تشرين الأول 2017، نشر موقع "ميديابار" الفرنسي ومجلة "دير شبيغل" الألمانية تحقيقا في محاولة لإثبات تورط توم إندرز في بيع 18 طائرة مقاتلة من طراز يوروفايتر إلى النمسا عام 2003، عندما كان يترأس قسم الدفاع في شركة إيادس، كما يذكر الكاتب.

لذلك، اتخذت فيينا إجراءات تدين إيرباص في فبراير/شباط 2017 للمطالبة بمليار دولار مقابل الأضرار التي تسببت فيها عام 2003. ثم في فبراير/شباط 2018، طُلب من الشركة المصنعة للطائرات في ألمانيا دفع غرامة مالية قدرها 81.25 مليون يورو بسبب الإهمال.

العدالة الأميركية تظهر مجددا
في 20 ديسمبر/كانون الأول 2018، أدت المخاوف من تسديد غرامة مالية بمليارات الدولارات ويمكن أن تمتد إلى ما هو أسوأ لتصبح إدانة بجنحة خطيرة؛ إلى انخفاض أسهم شركة إيرباص في سوق الأسهم (-4.4%)، وذلك بعد الكشف عن اتخاذ وزارة العدل الأميركية إجراء قانونيا جديدا بشأن الشركة المصنعة للطائرات الأوروبية، كما ينقل الكاتب.

وفي الواقع - حسب الكاتب- أعلنت إيرباص في أكتوبر/تشرين الأول 2017 فتح إجراءات في الولايات المتحدة بعد اكتشاف "بيانات مغلوطة" في التصريحات التي أدلت بها الشركة المصنعة للطائرات الأوروبية إلى وزارة العدل الأميركية حول مبيعات الأسلحة.

غيوم فوري يتولى القضية
بعد 14 عاما من رئاسة الشركة الأوروبية للدفاع الجوي والفضاء ومجموعة إيرباص، سلم توماس إندرز زمام القيادة إلى غيوم فيوري في 10 أبريل/نيسان 2019.

اعلان

وأشار الكاتب إلى أن فيوري لا يرغب في التدخل في الدعاوى التي زعزعت استقرار إدارة إيرباص، وهو يضطلع الآن بالمهمة الشاقة المتمثلة في التفاوض على تخفيض الغرامات التي فرضتها السلطات القضائية في هذه البلدان الثلاثة.

وقد تبلغ الغرامة المالية ثلاثة مليارات دولار، وهو ما يساوي الربح الصافي لسنة 2018. ولكن بالنسبة إلى إدارة الشركة، فإنه لا شك أن العقوبة ستسهم في طيّ صفحة مظلمة من تاريخ الشركة، كما يختم الكاتب.

المصدر : وكالات,ليزيكو

البث المباشر