نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن احتمال احتواء خطة ترامب للسلام على اقتراح يمكن أن يجرد الآلاف من عرب إسرائيل من جنسيتهم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، يوسف تيسير جبارين سمع أن السياسيين خلال مناقشتهم الحدود الأيديولوجية الإسرائيلية، اقترحوا تجريده هو والآلاف من عرب إسرائيل من جنسيتهم ونقل بلداتهم إلى السلطة الفلسطينية. وقد تفاجأ حين وجد أن نسخة من هذا الاقتراح مذكورة بين طيات خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام بين فلسطين وإسرائيل، "صفقة القرن".
وذكرت الصحيفة أن فقرة واحدة في الوثيقة المكونة من 181 صفحة تقترح إمكانية إعادة ترسيم حدود إسرائيل، بحيث تندرج مجموعة من 10 مدن عربية تقع شمال تل أبيب، التي تعرف باسم "المثلث"، ضمن دولة فلسطين المستقبلية.
من جهته، تساءل جبارين، وهو قائد سياسي وأستاذ قانون بجامعة حيفا: "كيف تحول هذا الخيال اليميني إلى صفقة أمريكية؟ الدافع الواضح هو التقليل من عدد العرب في إسرائيل".
وأوردت الصحيفة أن جبارين، البالغ من العمر 47 سنة، ولد وترعرع في هذه المنطقة المنحدرة بشدة التي يسكنها 50 ألف شخص، حيث تصغي المتاجر والبنوك الإسرائيلية ومحلات الهواتف المحمولة لصوت الآذان الصادر من المساجد القريبة.
وتقول، إن جبارين يحمل جواز سفر إسرائيلي ويدفع الضرائب الإسرائيلية، كما أنه لم يصوت في الانتخابات الإسرائيلية، فقط وإنما شغل أيضًا منصب عضو في الكنيست منذ سنة 2015.
بالنسبة لعرب 48، يعكس الوجود اليومي مزيجًا معقدًا من الهوية الفلسطينية والاندماج غير الكامل في المجتمع الإسرائيلي، حيث أنهم يشتكون من نقص التمويل في مدارسهم والحفاظ على الأمن، ومن رفض إسرائيل بشكل روتيني طلبات البناء الخاصة بهم. في المقابل، تصدر السلطات أوامر بهدم المباني غير الموافق عليها، وتصادر آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية المحيطة التي زرعوها لأجيال.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه العائلات تقدر الفرص المتوفرة لهم للدراسة في الجامعات التي ساعدت الكثير منهم على تحقيق أحلامهم في العمل في قطاع الصحة أو المحاماة. علاوة على ذلك، تسمح لهم الجنسية بالسفر داخل إسرائيل أو خارجها والتي قد لا تتوفر للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأوضحت الصحيفة أن السفارة الأمريكية في القدس لم ترد على طلب التعليق على المساهمات التي سيحصل عليها سكان منطقة المثلث في وضعهم النهائي.
ووفقًا لخطة التقسيم التابعة للأمم المتحدة التي ساهمت في خلق إسرائيل، كان من المفترض أن تخضع مجتمعات منطقة المثلث للسيطرة الأردنية. لكن بعد حرب 1948، احتفظت بهم إسرائيل. وحسب محمد أبو ماجد، فإن الخطة "تفكر في إمكانية إعادة رسم حدود إسرائيل، بشرط موافقة الأطراف المعنية، بحيث تصبح مجتمعات المثلث جزءًا من دولة فلسطين".
أفادت الصحيفة بأن تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية تشير إلى أن هذا البند قد تم تضمينه بناءً على طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن أكد موظفوه عدم صحة الخبر. في المقابل، يفترض سكان المثلث أن المفاوضين الإسرائيليين مسؤولون عن هذا الإجراء.
من جهته، قال إسماعيل أبو عليان الذي يعتمد مثل معظم التجار في المنطقة على إسرائيل للحصول على الإمدادات والعملاء: "يمثل هذا الإجراء هدية أخرى لنتنياهو. لقد أراد هضبة الجولان، فأعطاه ترامب إياها، وأراد السفارة في القدس، فأعطاه ترامب إياها، يريدنا أن نرحل، وسوف ينفذ ترامب مبتغاه"
وحسب خبراء قانونيين، فإن أي تحرك لتغيير وضع المجتمعات بأكملها سيتعارض على الأرجح مع القانون الإسرائيلي والقانون الدولي. حيال هذا الشأن، قال حسن جبارين من مركز عدالة، المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل، إنه بموجب دستور إسرائيل، يمتلك هؤلاء الأشخاص الحق في رفض النزوح بالإكراه.
ونقلت الصحيفة عن المستشارة القانونية السابقة لفريق التفاوض الفلسطيني، ديانا بوتو، أن مسألة نقل السكان العرب القاطنين في منطقة المثلث لم تطرح في المفاوضات السابقة.
ويقول السكان في هذه المنطقة إن اقتراح طردهم من إسرائيل ظهر لأن العديد من العرب الإسرائيليين أصبحوا أكثر انخراطًا في النظام السياسي الإسرائيلي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الانتخابات الوطنية في أيلول/ سبتمبر، ارتفعت نسبة المشاركة في الانتخابات بين 1.8 مليون عربي في إسرائيل بنسبة 10 بالمئة مقارنة بالانتخابات السابقة، أي ما يقرب من 60 بالمئة وذلك بعد حملة اتُهم فيها نتنياهو بشيطنة المواطنين العرب ووصفهم أعداءً لإسرائيل وتهديدا لأمنها. أما الآن، قبل أقل من شهر من الانتخابات الإسرائيلية الثالثة، يقول السياسيون إن الناخبين من المثلث قد يكونون أكثر تحمسًا من أي وقت مضى للتصويت.
وقال جبارين، البرلماني الذي تصطف ملصقاته الانتخابية على الشارع الرئيسي في هذه المنطقة: "أخبرني رجل هذا الصباح قائلا : "يوسف، سيجعلني هذا الأمر أصوت للمرة الأولى'". وأورد جبارين قائلا: "قد يرغب نتنياهو في التخلص من الناخبين العرب، لكنه يصنع المزيد منهم".