بشكل مفاجئ سلم الاحتلال الإسرائيلي عائلة البنا جثمان ابنهم الشهيد "شادي" منفذ عملية إطلاق النار التي وقعت الخميس الماضي قرب ساحة الغزالي القريبة من باب الأسباط في مدينة القدس المحتلة، وأجبروا عائلته على دفنه فورا وبمشاركة أربعين شخصا فقط، في المقبرة الإسلامية في كفر سمير.
ليست المرة الأولى التي يتحكم فيها الاحتلال الإسرائيلي بجنازات الشهداء، فهو حين يحتجز جثامينهم لفترات قد تكون طويلة، يجبر ذويهم على التعجيل بدفنهم وغالبا ما يسمح لعدد قليل من الأشخاص بحضور الجنازة قد لا يتجاوزون العشرة.
الشهيد "شادي" – 45 عاما- لم ينثر عليه ذووه عند تشييع جثمانه الورود، رغم أنه بائع للورد ويمتلك محلا لبيع الورود في منطقة الهداء، وكانت يربطه علاقة ودية مع كل من عرفه، عدا عن أنه أعلن إسلامه قبل سنوات قليلة من استشهاده.
وبحسب ما أوردته شرطة الاحتلال يوم استشهاد "شادي" أنه أطلق النار عليهم عند البوابات الخارجية للمسجد الأقصى، الشرطة ذاتها تواجدت بعد استشهاده داخل محل الورود الذي يملكه.
وكان شريط فيديو يدحض رواية الاحتلال حين وثق فيه أنه بعد إصابة "شادي" كان ملقى على الأرض يلفظ أنفاسه الأخيرة دون أن يستدعي أفراد الشرطة الإسعاف له في حينه، كما يظهر الشريط أنه لم يطلق النار بعد أن سحب مسدسه بسبب مشكلة بالمسدس، كما يشاهد في الشريط الكلب الذي كان يصطحبه في القدس.
يذكر أنه قبل الافراج عن جثمان الشهيد بيوم، أوصى غلعاد إردان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، بعدم تسليمه إلى ذويه، لاسيما بعدما بعث برسالة إلى مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، أنه يرفض الافراج عن الجثمان وذلك منعا لتحويله إلى "رمز ذي أهمية وقيمة لدى المنظمات الإرهابية"، كما يدعي.
ووفق التقرير الذي أوردته القناة 12 الإسرائيلية، فإن الغرض من التوصية التي قدمها إردان كان دفن الشهيد في مقابر الأرقام (المقابر السرية التي أنشأتها (إسرائيل) من أجل دفن جثامين الضحايا والأسرى بها)، حتى يتم استخدامه كورقة مساومة في صفقة مستقبلية لتبادل الأسرى.
وادعى إردان في رسالته التي وجهها إلى مجلس الأمن القومي أن "الهجوم الذي نفذه شادي بنا هو حادث إرهابي غير عادي بسبب خصائصه وظروفه"، موضحا أنه "في الآونة الأخيرة، كان هناك توتر كبير في "جبل الهيكل" (في إشارة إلى الحرم القدسي الشريف)، وتم تسجيل نشاط عنيف إلى حد كبير، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الإعلان عن صفقة القرن.
ومن بين الأمور التي أثارت غضب إردان كما أوضح هو عودة الناشطين من شمال البلاد إلى تعميق علاقتهم بالقدس، وتكثيف المواطنين العرب من المناطق الشمالية من حضورهم بالمئات لتأدية صلاة الفجر في المسجد الأقصى مع التركيز على أيام الجمعة والمشاركة في المسيرات والدعوات والمنشورات ذات الطبيعة القومية.
إردان يشعر بالقلق من إقدام مواطنين من البلدات الفلسطينية الواقعة في مناطق الـ 48 على محاكاة مثل هذه العمليات التي تستهدف قوات الاحتلال في القدس وقال إن "هناك قلقا حقيقيا بشأن محاولات التقليد التي قد يقوم بها مرتكبون محتملون آخرون، والذين سيحاولون أيضًا التصرف بطريقة مماثلة".