جاء مقتل الفتى صلاح زكارنة على يد أجهزة أمن السلطة في بلدة قباطية بمحافظة جنين، ليعيد فوضى سلاح السلطة واستخدامه في البطش بالمواطنين والتعدي عليهم، حتى في المناسبات الوطنية التي لا خلاف عليها.
وأدت وفاة الشاب زكارنة إلى إحداث ضجة كبيرة في الضفة الغربية، وسط مطالبات بتنظيم سلاح السلطة، وسحب سلاح الفلتان الأمني الذي تملكه مجموعات تتبع للأجهزة الأمنية في كافة مدن الضفة، فيما كان الصوت الأعلى لرئيس بلدية قباطية، الذي وجه انتقادات لاذعة واتهامات لقيادة السلطة والأجهزة الأمنية.
وفي تفاصيل الموقف، قال أحد وجهاء عائلة زكارنة لـ"الرسالة" إن أجهزة أمن السلطة لم تحترم الأعراف والقوانين في تعديها على المشاركين في حفل استقبال الأسير علي زكارنة ابن قباطية الذي أفرج عنه أمس الثلاثاء، بعد أن قضى أكثر من عام ونصف في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى لوقوع إشكالية بين الأجهزة الأمنية والمشاركين.
وأضاف أن أجهزة أمن السلطة بدأت في التعامل مع المشاركين بالقوة دون سلوك أي طريق آخر لإنهاء الإشكالية التي تدعي السلطة أنها كانت بسبب رفع السلاح في استقبال الأسير، رغم أن هذه الظاهرة معروفة في المجتمع الفلسطيني، ولا يمكن القضاء عليها بهذا الشكل والسرعة.
وأوضح أن إطلاق النار المباشر على المواطنين المشاركين في حفل الاستقبال أدى إلى استشهاد ابننا الفتى صلاح زكارنة بعد أن أصيب برصاص الأجهزة الأمنية، نقل على إثرها للعلاج في مستشفى النجاح في نابلس، مؤكدا أن العائلة تحمل السلطة المسؤولية الكاملة عن استشهاد ابنها.
من جهته، قال حازم قاسم الناطق باسم حركة حماس إنّ "وفاة الشاب صلاح زكارنة برصاص الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية أثناء فضها لاحتفالية بالإفراج عن أحد الأسرى، يؤكد منطق البلطجة التي تمارسها هذه الأجهزة ضد جماهير شعبنا، ومنعها لأي مظهر للعمل الوطني.
وأفاد قاسم في تغريدة له عبر تويتر، على المطلب الوطني بضرورة وقف التنسيق الأمني بين هذه الأجهزة وجيش الاحتلال.
ومن الواجب ذكره أن الاحداث الأمنية في الضفة شهدت قفزة نوعية من حيث العدد والشكل خلال السنوات الأخيرة، دون قدرة الأجهزة الأمنية على القضاء على ظاهرة فوضى السلاح، إلى أن أصبحت جزءا من هذه الفوضى بقتلها المدنيين دون وجه حق.
بدوره، قال رئيس بلدية قباطية بلال عساف في تصريح له: "رسالتنا للسيد الرئيس ورئيس الوزراء ونحن الذين كتبنا لكم وحذرنا مرارا من الوصول لهذه اللحظة التي تراق فيها نقطة دم دون ذنب بين الأهل والإخوة وأبناء الشعب الواحد وخاصة في بلدنا الحبيب قباطية.. نحن الذين رفضنا كل أشكال إطلاق النار في كل المناسبات ولكن ما هكذا تحل الأمور وما هكذا تعالج بقتل الأبرياء ممن لا ذنب لهم".
وطالب بتشكيل لجنة تحقيق وتقص لمحاسبة المتسبب بهذا الحادث المؤلم والجلل ومحاسبة من أعطى التقدير الخاطئ ومحاسبة من أعطى الأمر بحضور الأمن لقباطية والهدف من ورائه ومن أطلق النار على شبابنا ومحاسبة من سمح للسلاح بالانتشار أساسًا".
ودعا عساف إلى محاسبة كل مسؤول مقصر في محافظة جنين بالمؤسسة الامنية وشارك بهذا الدم لا سيما وأن ظاهرة إطلاق النار ليست وليدة الليلة وليست حكرًا على قباطية، وتساءل: "فلماذا الآن؟ ولماذا بهذه الطريقة؟ ولماذا الاحتكاك المباشر رغم العلم منذ الصباح بناء على حديث الأمن بوجود مسلحين في حفل استقبال المحرر وهو ليس بجديد علينا في كل الوطن؟".
وأضاف: "كان بالإمكان حل الأمور بطريقة لا تؤدي لإراقة نقطة دم واحدة والأمن يعلم ما أقصد، ولن أدلي به هنا خوفًا من اشعال الفتنة لكن سنسمعكم اياه في حينه خاصة والجميع يعلم أن استقبال أي اسير يجمع مئات الشبان".
وتابع عساف: "لا فرق بين رجل الأمن وبين المدني.. فجميعنا فلسطينيون وأخوة وأهل وأي دم يسفك هو خسارة لنا جميعا.. كل السلاح الموجود في الضفة تعلمون أصحابه ولو اردتم لجمعتموه فلماذا الآن رغم أننا نسمع الرصاص على مدار الساعة دون أن تحركوا ساكنًا.. مطلبنا واضح هو القصاص العادل ضمن القانون لمن ارتكب الجرم".
ويشار إلى أن الضفة تعيش فوضى سلاح غير مسبوقة، غذّتهاالخلافات الداخلية في حركة فتح، إذ اتجه عدد من قيادات السلطة إلى تشكيل مجموعات عسكرية تابعة لها في المحافظات، فيما شهدت الأيام الماضية وقوع عدة اشتباكات على إثر الانتخابات التنظيمية في مخيم بلاطة ودورا وغيرها.
من جانبه، قال محافظ جنين اللواء أكرم رجوب، إن قوى الأمن الفلسطيني تدخلت لمنع القيام بعرض عسكري مسلح في قباطية، وإنها أطلقت النار في الهواء على الرغم من إطلاق عدد من المسلحين النار تجاه قوى الأمن الفلسطيني.
وأكد رجوب تشكيل لجنة تحقيق داخلية لمعرفة ملابسات الحادث ومن أطلق النار تجاه المواطنين ونوعية الرصاص المستخدم، داعيا المواطنين إلى الابتعاد عن الإشاعات ومصادر ترويجها، خاصة وأن قوى الأمن الفلسطيني تقف وستبقى إلى جانب الشعب الفلسطيني، على حد تعبيره.