الأسابيع الماضية شهدت عشرات التصريحات التي حملت التهديد والوعيد من قادة الاحتلال، وعلى رأسهم نتنياهو وبنيت وديختر وغانتس وغيرهم، ومن استمع لتلك التصريحات تيقن بأن غزة ستسحق بنيران الآلة العسكرية الصهيونية التدمرية، ولكن حدث العكس تماما، فكان الخضوع الإسرائيلي لمطالب المقاومة الفلسطينية التي كان من أهدافها التخفيف عن أبناء شعبنا في قطاع غزة باعتباره يقع تحت الحصار منذ سنوات؛ ولكن بالتأكيد كان من أول أهداف المقاومة دعم صمود شعبنا أمام خطة ترامب التي أرادت إنهاء القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها القدس واللاجئين وسلاح المقاومة في غزة، ولكن بصمود شعبنا ومقاومته تراجعت خطوات خطة ترامب ولو مرحليا، وهذا يعطي للمقاومة فرصة أن تستجمع قواها.
وحسب المعلومات التي وصلتنا بأن قيادة المقاومة كانت تقف ندًّا قويًا أمام التهديدات الصهيونية، بل ردت عليها بحزمة من التهديدات، أولها دكّ المدن الكبرى ومنها تل أبيب والقدس وحيفا بمئات الصواريخ عالية القدرة التدميرية، وثانيها مواجهة شاملة مع الاحتلال وهذا ما يخشاه نتنياهو وفريقه، فكان الخضوع المرحلي للاحتلال أمام المقاومة، خاصة بعد أن وصلتهم رسائل التهديد من الأخ يحيى السنوار قائد حركة حماس في قطاع غزة عبر الوسطاء المصري والقطري والأممي، والذي أبلغهم بأن عديد المفاجآت ستكون في انتظارهم في حال أقدم العدو على أي عملية عسكرية وأمنية ضد أبناء شعبنا.
وهذا ما عنونته الصحافة الصهيونية ومنها صحيفة يديعوت أحرونوت التي قالت: " حماس تستمر في ابتزاز إسرائيل، وإن نتنياهو يكذب عندما يدعي بأن حماس تسعى لاتفاق تهدئة مع إسرائيل"، وأضافت يدعوت بأن نفتالي بينت وزير الجيش يعيش في وهم تراجع الإرهاب من قطاع غزة، وأبرزت الصحيفة العبرية عنوان حماس هي التي تضغط على إسرائيل وليس العكس.
وبذلك تكون المقاومة قد حققت فوزًا أمام دولة الاحتلال في الشوط الأول الذي يسبق الانتخابات الصهيونية التي ستعقد في الثاني من مارس القادم، وننتظر مجريات الشوط الثاني الذي سيلي انتخاباتهم، وهل ستبقى الأوضاع على حالها أم أنها ستتجه نحو تخفيف شامل للحصار أم مواجهة مع الاحتلال؟ في اعتقادي هذا يتوقف على سياسة الاحتلال ومن سيتولى زمام الأمور عندهم، ولكن بالتأكيد ستبقى المقاومة على جهوزية عالية، ولن تخدعها حالة الخضوع المرحلي هذه، رغم أنها تسجل في صفحات المقاومة بأنها أخضعت الاحتلال وأجبرته على تنفيذ مطالبها لا وعيد وتهديد قادته أمثال نتنياهو وبنيت.
وفي ظني أن الاحتلال قد يتجه نحو تنفيذ عملية أمنية في قطاع غزة، وهذا يستدعي أن تبقى المقاومة على يقظتها حتى لا يتحقق للاحتلال مراده ومبتغاه.