الأمن .. عصا في دولاب المصالحة

موسى: القضايا الأمنية تتطلب معايير يتم الاتفاق على حسمها

أبو عين: القوة المشتركة باشراف مصري وعربي جريمة وخيانة

خريشة: المنظومة الأمنية هي الجوهر الحقيقي لنجاح أية مصالحة

فايز أيوب الشيخ                            

دونما أية تأكيدات أو توضيحات رسمية, يحمل المواطن الفلسطيني أخبار المصالحة الفلسطينية وتطوراتها الأخيرة، ويجتهد في تحليلها و تصور سُبل تطبيقها على الأرض وخاصة المتعلقة بالأمن، وذلك ليس من باب الترف بقدر ما أنه شغف كبير لمصالحة حقيقية قابلة للاستمرار.

ولكن الأسئلة المُحيرة حاضرة وتشغل ذهن المواطن ، كيف للمصالحة أن تحيا وقد دُفنت في مرات عديدة سابقة، ولم تصمد في وجه التدخلات الأمريكية والإسرائيلية والعربية وغيرها؟ وكيف لها أن تستمر ومازال برنامج التفاوض قائماً؟ وهل ستعود الاجهزة الامنية السابقة للعمل في غزة؟ وماذا عن تنسيق امن الضفة مع قوات الاحتلال؟ .

"الرسالة نت" طرحت بعضاً من أسئلة الشارع على قطبي المصالحة –حماس وفتح-واستقرأت إلى جانب المستقلين رؤيتهم في الحل والتطبيق، وذلك على ضوء ما تم الإعلان عنه مؤخراً من أن ثلاثة من أصل أربعة نقاط عالقة تم الاتفاق عليها بانتظار أن يتم التوافق على النقطة الشائكة المتعلقة بالأمن خلال اللقاء المرتقب بتاريخ العشرين من أكتوبر الجاري بدمشق.

تقويم المسار السياسي

القيادي بحركة حماس النائب يحيى موسى قال أن أوضاع القضية الفلسطينية تستوجب إعادة تقويم كل المسار السياسي وكل الاتفاقات التي أنتجت السلطة الفلسطينية، بالإشارة إلى الاتفاقيات السياسية والأمنية التي أبرمتها السلطة مع الاحتلال الصهيوني، مشدداً على وجوب مراجعة بنية السلطة ووظيفتها والرؤية التي نشأت في إطارها في ظل أن العملية السياسية وصلت إلى نهايات مسدودة.

 وأشار موسى في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى مخرج من الأوضاع سالفة الذكر من خلال الوفاق الوطني باعتباره الطريق الأوحد للوصول إلى تقديم رؤية إستراتيجية و إعادة تقييم مسار القضية الفلسطينية، معتبراً أنه ليس مُلحاً في الوقت الراهن البحث عن جزئية الأجهزة الأمنية.

وشدد موسى على أن القضايا الأمنية تتطلب وضع معايير يتم الاتفاق على حسمها، حيث سبق وأن تم الاتفاق على عناوينها الكبيرة في الورقة المصرية، منوهاً الى أن ما تبقى من هذه القضايا الأمنية يتعلق بما ينتج من لجان أمنية المطلوب أن يتم في إطارها التوافق الوطني والتوافق بين القوتين الكبيرتين -فتح وحماس- على كافة الإجراءات العملية لتطبيقها على الأرض.

وتطرق موسى للحديث عن القضايا المتعلقة بالضفة الغربية، مشيراً إلى أن هناك تفاهمات جرى التوافق عليها مسبقاً، حيث أنه ليس من المنطق أن تتم المصالحة في ظل ارتباط الوظيفة الأمنية للسلطة الفلسطينية بالاحتلال .

وأوضح أن المحك في إظهار السلطة لرغبتها في المصالحة هو بوقف التعاون الأمني مع الاحتلال ونفي مبررات استئصال المقاومة في الضفة الغربية وملاحقتها وتجفيف منابعها، وقال:" ربما ليس بأيدينا ايقاف الاستيطان ، ولكن ما نملك تحقيقه ألا يستمر التعاون مع الاحتلال ".

وأوضح موسى أن المشكلة مع السلطة تكمن في تعاونها مع الاحتلال ، وأضاف:" لا يمكن القبول بأن تكون الأجهزة الأمنية حامية لأمن الاحتلال الذي يجب أن يدفع ثمن احتلاله لأرضنا ".

ولفت موسى الى أن انتهاء "الاعتقال السياسي" يصبح تحصيل حاصل بمجرد التنصل من الالتزامات الأمنية مع الاحتلال، مشدداً على إنهاء هذا الملف وتبييض السجون لأن ذلك لا يتفق مع الوفاق الوطني ولا يتفق مع المصالحة وتعتبر مواصلته  خنجرا في ظهر المصالحة.

المقترح المصري

ورفض عضو المجلس الثوري لحركة فتح زياد أبو عين في حديثه لـ"الرسالة نت"، المقترح المصري الموجود في الورقة المصرية والقاضي بأن يكون هناك قوة أمنية مشتركة بين حماس وفتح تشرف عليها قوات مصرية واعتبرها "جريمة وخيانة وطنية"، مبرراً رفضه بأنه يجب التفاهم داخلياً على الإدارة الأمنية .

وتنص الورقة المصرية في لجنة الأمن "الاتفاق على عدد الأجهزة الأمنية محصورة في ثلاثة قوى هي قوات الأمن الوطني ـ قوى الأمن الداخلي ـ المخابرات العامة، والاتفاق على معايير وأسس إعادة بناء وهيكلة هذه  الأجهزة من حيث المبدأ تحت إشراف مصري وعربي، ووضع آليات المساعدة العربية في بناء المؤسسات الأمنية".

واعتبر أبو عين أن أقصر الطرق لضبط الحالة الفلسطينية بأن تتفق حركتي فتح وحماس على حكومة انتقالية تتسلم مهام توحيد كافة المؤسسات المدنية والعسكرية و تشرف على عملية الانتخابات التشريعية والرئاسية، مستدركاً بتهكم :" والذي يفرزه الشارع الفلسطيني هو الذي يقرر بأغلبيته هل يسعى للحرب الشاملة وتبني خيار المقاومة المسلحة، أوبيع القدس والمساومة على الثوابت والسير بالمفاوضات وتسيير دوريات مشتركة مع الاحتلال..!؟"، حسب تعبيره.

وأضاف:"لن نقبل أمراء أمن لحماس ولا أمراء أمن لفتح ، ويجب أن يكون هناك قادة أمنين وضباط يلتزمون  بالخط السياسي العام وما تقرره المؤسسة السياسية ".

المصالحة المفاوضات

أما النائب المستقل الدكتور حسن خريشة، فقد اعتبر أن المنظومة الأمنية هي الجوهر الحقيقي لنجاح أية مصالحة، معرباً عن تشاؤمه بتحقيق المصالحة لأنها خرجت بشكل أو بآخر من أن تكون قراراً فلسطينياً، كما قال.

ورأى في طرحه لـ"الرسالة نت "، أن ما يجري من تداخل بين المصالحة والمفاوضات "هو عبارة عن صفقة تبادل مصالح ، فكل طرف يريد أن يتكئ على الآخر للخروج من أزماته"، معتبراً أن فتح في الضفة تعاني من أزمة المفاوضات وتعتقد أن حماس يمكن أن تساعدها، وحماس في غزة تعاني هي الأخرى من أزمة الحصار وتعتقد أن فتح ممكن أن تساعدها.

وبما يتعلق بضبط الوضع الأمني في قطاع غزة والضفة الغربية، فقد اعتبر خريشة أن غزة أصبح فيها منظومة أمنية كاملة وبعقيدة مختلفة عن الأجهزة السابقة، وبالتالي أصبحت حقيقة واقعة ومن الضروي التعامل معها، أما في الضفة الغربية فهناك شئ آخر غير الأجهزة الأمنية القديمة من الصعب تصويب مسار عملها، حيث أن هناك فلسفة أمنية ناشئة مشرفة عليها جهات أمريكية بالتنسيق مع الاحتلال .

ويرى خريشة أن في ذلك معضلة أساسية بأن الاسرائليين والأمريكان لن يسمحوا مرة أخرى لأن يكون لحماس وجود في الأجهزة الأمنية القائمة.

وشدد خريشة على أن الصعوبة ستكون كبيرة جداً إلا إذا اتفق الطرفان أن يبقى الوضع الأمني على ما هو عليه الآن في الضفة الغربية وقطاع غزة ، مؤكداً أنه بهذه الطريقة لن تكون هناك مصالحة حقيقية، مستدركاً :"أنه من غير المتصور أن يكون شخص قد عذب لمدة شهرين في سجون الضفة أن يتعامل بسلاسة مع من شبحوه، وبالتالي نحن بحاجة إلى جهود حقيقية من أجل المصالحة وطمأنة نفوس المواطنين".

 

 

 

البث المباشر