لم يكن هينا المشهد البعيد عن الإنسانية الذي اقترفه الجنود (الإسرائيليون) من فوق دبابتهم حينما دهسوا ومثلوا بجثة الشاب محمد الناعم – 27 عاما- قرب الحدود الشرقية من قطاع غزة، مما أثار غضب الشبان الذين كانوا يقفون في أراضيهم الزراعية، فذلك المشهد دفع عددا منهم للاقتراب من الآلية العسكرية لحماية جسد الشهيد من التنكيل.
ورصدت كاميرات الهاتف المحمول أعين الشباب وهي تقدح شررا، فنزع أحدهم ملابسه العلوية وهرع ينادي "محمد"، بعدها حاول الشاب معتز النجار ورافقه شقيقه محمد نزع الشهيد من أسنان جرافتهم لكن باغتهما الجنود بإطلاق الرصاص على أرجلهما كلما تقدما خطوة، الأمر الذي يهدد أرجلهما بالبتر لكن لم يبت الأطباء بشيء حتى اللحظة.
على سرير المستشفى الأوروبي في مدينة خانيونس يرقد الشاب معتز وبجانبه شقيقه محمد الذي ما فتئ يئن من الألم، لكن "معتز" كان يتعالى على جراحه ويروي لزواره الواقعة.
بنفس متقطع وكلمات ثقيلة قال معتز:" كنت أتمشى في شارع جكر وعلمت بوجود شباب قام الاحتلال بقنصهم، لحظتها قررت الدخول لإخراجهم".
ومضى بالقول:" حينما قررت إخراج الشباب المصابين في الداخل كل ما كان يجول في خاطري لاسيما حينما شاهدت الجنود يمثلون بجثة "الناعم" هو إخراجه حتى لو أخذوني بدلا منه".
وبمجرد أن اقتربت برفقة شقيقي وشاب آخر، بدأ وابل من الرصاص ينطلق نحونا، لدرجة أن سائق الجرافة اقترب صوبه وضربه، ويعلق:" عند سحبي للشهيد محمد جاء طلق صوب قدمي من بعيد (..) حاول سائق الجرافة أن يدفنني مع الشهيد بالتراب".
لم يكمل معتز حديثه، فقد كان الألم أشد، وصوت أنين شقيقه بجانبه أصعب، وختم بالقول " كيف ما أنقذ محمد الناعم إحنا إخوان كلنا".
وفي ذات السياق طالب مركز "عدالة" الحقوقي من النائب العسكري (الإسرائيلي)، فتح تحقيق جنائي بجريمة التنكيل بالجثمان في حدود قطاع غزة، في إشارة إلى جثمان الشهيد محمد الناعم (27 عاما) الذي استشهد بنيران قوات الاحتلال، صباح أمس، الأحد.
وشدد مركز "عدالة" على أن تنكيل جرافة الاحتلال بجثمان الشهيد الناعم وسرقتها "يعتبر جريمة حرب وخرقا للقانون الدولي الإنساني".
وأوضح المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في (إسرائيل) "عدالة" في بيان صدر عنه، أنه توجه اليوم للنائب العسكري (الإسرائيلي)، شارون أفيك، مطالبا إياه بفتح تحقيق جنائي بخصوص "الأحداث التي صورت ونشرت من حدود قطاع غزة اليوم".
وكانت جرافات الاحتلال قد اقتحمت دون سابق إنذار الحدود الشرقية قرب مدينة خانيونس وأطلقت الرصاص على الشبان، عدا عن استهداف الصواريخ (الإسرائيلية) لعدة مواقع عسكرية تابعة للمقاومة الفلسطينية أدت إلى نقل عدد من المدنيين للمستشفيات.