في الذكرى الرابعة لاغتيال المناضل عمر النايف في حرم سفارة السلطة بصوفيا، بقي الملف مفتوحا إزاء تورط السفير أحمد المدبوح وأركان سفارته ومن خلفهما وزارة الخارجية ومخابرات السلطة، ليؤكدّ الكاتب والسياسي خالد بركات، أنّ هذه السلطة هي أداة من أدوات صفقة القرن.
بركات يكشف في مقابلة خاصة بـ"الرسالة نت" تورط السلطة في عمليات الاغتيال السياسي بحق المقاومين والمناضلين.
السؤال: بداية بعد 4 سنوات يجري الإعلان عن فشل التوصل لنتائج التحقيقات باغتيال عمر، لماذا؟
الجواب: الفشل في التوصل إلى نتائج حول قضية المناضل الشهيد عمر النايف بعد 4 سنوات هو " فشل مقصود" ويشبه الفشل في التوصل إلى نتائج حول أية قضية أخرى تشبه قضية المناضل الشهيد عمر النايف، بما في ذلك اغتيال قادة وكوادر المقاومة في الضفة، المحتلة وليس في الخارج فقط، وهذا الفشل حتمي ومتوقع في ظل سلطة رام الله التي هي شريكة ومتورطة في مثل هذه الجرائم السياسية والوطنية.
هناك عشرات الشهداء الذين جرى اغتيالهم على يد الاحتلال في الأرض المحتلة كان للسلطة وأجهزتها دورًا مباشرًا أو غير مباشرفيها، شعبنا لديه الكثير ليقوله في هذا الإطار. فكيف نطالب السلطة بالكشف عن حقيقة نحن ندرك سلفا انها تدينها؟ هل توصلوا إلى نتائج بخصوص من قتل ياسر عرفات؟ هل توصلوا إلى نتائج حول اغتيال واستشهاد مناضلين ومجاهدين في قلقيلية وبيتونيا والخليل ؟ انه فشلا مقصودا بمعنى ما. فضلا على أن هناك سهولة أكبر في تمييع قضايا مثل الاغتيال، وتحميل المسؤولية الى مجهول و توزيع دم الضحية على القبائل للهروب من المسؤولية وإقفال الملف.
السؤال: كيف تقيم الأداء السياسي من محبي عمر تجاه الملف؟
الجواب: الشعب الفلسطيني هو وليّ الدم وليس أية جهة أخرى. إذا تخلى البعض عن دوره ومسؤوليته فمن حق أبناء شعبنا في أي مكان أن يتابعوا ويلاحقوا من يتورط في جرائم بحق شعبهم، وتخلي البعض عن مسؤوليته لا يعفي الكل الوطني من مسائلة ومحاسبة من على أيديهم دماء فلسطينية. فالشهيد وإن كان مقربا من تنظيم ما يظل مسؤولية شعبية ووطنية خارج الحسابات الحزبية أو هذا ما هو مفترض
السؤال: بكل صراحة.. هل كان مستوى الفعل الرافض للجريمة بحجمها؟
الجواب: التقصير سيظل يلاحق الكل الوطني خاصة المسؤولية المباشرة التي تقع على عاتق الجبهة الشعبية في أن تُبقي هذا الملف مفتوح حتى نهايته الطبيعية ، والجرائم لا تسقط بالتقادم ولا مع مرور الوقت . طالما لم نصل إلى نتائج حقيقية تُعرض بوضوح امام شعبنا اولا ، واهمها محاسبة الاحتلال وتحديد دوره المباشر ، والرد على الجريمة ، وكذلك محاسبة السفير احمد المذبوح وطاقم السفارة ودور المخابرات الفلسطينية ومن تورطوا في التعامل مع الاحتلال ، واهمية كشف اهدافهم وماهية دورهم ، وطالما لم يحصل هذا نحن نظل مقصرين . وهناك مسؤولية تطال كل هؤلاء ، الاحتلال والسلطة والاجهزة الامنية البلغارية فهذه هي الجهات المتورطة في الجريمة. ويجب كشف دور كل واحدة منها.
السؤال: في التقييم الداخلي لا يزال السفير يتمتع بالحصانة، إذن كيف تدار اليات العمل الوطني في ضوء هذه البيئة؟
الجواب: السفير المذبوح هو احد توابع وادوات السلطة ومرجعيته وزير الخارجية رياض المالكي ، وهو شخص فاسد يشبه غيره من سفراء السلطة الفلسطينية ، ومهمته تلميع سياسات ابو مازن والتلطي خلف حزب السلطة ، ويستقوي بها اكثر مما يستقوي بحزبه والوضع الطبيعي هو ان يستقيل ويتحمل مسؤوليته لكن الوظيفة والموقع بالنسبة له اهم الف مرة من سمعته وتحمل المسؤولية.
السؤال: من سياتي بانتقام عمر طالما ان الامر بات مقفلا من لجان التحقيق؟
الجواب: كل جريمة يقوم بها العدو يجب ان يتبعها عقوبة حتى يستقيم العدل . دون الرد على هذه الجريمة تظل دماء عمر النايف تصرخ وتطلب الثأر . وقد يقوم البعض باغلاق الملف لكن هذا يظل مرهونا بارادة رفاق عمر النايف اولا وعاشرا.
السؤال: بعد 4 سنوات هل تقصدوا ان السلطة أوقفت التنسيق الأمني؟
الجواب: التنسيق الامني هو التعاون اليومي بين اجهزة امنية فلسطينية تابعة في قرارها للمخابرات الامريكية على نحو خاص وبين العدو الصهيوني لاستهداف المقاومة وارهاب ابناء شعبنا ، وهذه اسمها خيانة وطنية ، أما تعبير " التنسيق الامني " فهذه عبارة مخففة ومدروسة ومقصود ان تكون على هذا النحو حتى تبدو الجريمة اقل وقعا على الأذن الشعبية الفلسطينية. هذا الامر هو الذي يجعل عباس يصف التنسيق ب " المقدس " . ويسيء الى مشاعر وعقول ابناء الشعب الفلسطيني بكل الصلافة المعهودة عنه . ولكن حقيقة الامر ان جوهر وجود السلطة في رام الله مرتبط بدورها الامني أولا واخيرا ، ان وقفه يعني نهاية السلطة ويعني خسارة البعض لامتيازاته الطبقية والشخصية ، شعبنا لن يخسر اي شي . ولذلك فان الوحل الذي استنقعت فيه رجالات سلطة عباس سيظل موجودا ويكبر ويتسع طالما بقيت هذه القيادات وهذه الاجهزة وهذه السياسات قائمة دون رادع . ولا اظن ان عباس في وسعه ان يوقف التنسيق الامني حتى لو اراد انه تجاوز تلك المرحلة . وكل يوم تميل موازين القوى لصالح مراكز محددة باتت مرتبطة بالكامل مع القرار الامني الامريكي الصهيوني. ولا حل لهذه المسالة الا بخلعها من جذورها ومحاسبتها في الشارع . اي ان تختار السلطة بين وجودها وبين وقف التنسيق الامني من منظور شعبنا وليس من منظور الاحتلال.
ومن هنا ندعو قوى المقاومة الفلسطينية الى القطع الكامل مع سلطة رام الله واعتبارها خصما لشعبنا وعقبة امام مشروع العودة والتحرير . ومن هنا تصبح اهمية تاسيس جبهة مقاومة وطنية موحدة مسؤولية الجميع.
السؤال: هل كانت السلطة بعيدة عن تنفيذ صفقة القرن كاداة من ادواتها الأمنية والسياسية؟
الجواب: السلطة جزء من مشروع التصفية والمؤامرة الامريكية الصهيونية الرجعية منذ العام 1991 ( مؤتمر مدريد ثم اتفاق اوسلو 1993 ) ولا يمكن النظر لوجودها الى كجزء من مشروع امريكي صهيوني معاد لشعبنا وحقوقه وقد تدحرج وتواصل حتى وصلنا الى هذا الجدار . اذن عملية التصفية لم تأت دفعة واحدة ، انها حلقات ، ولم تبدأ مع اعلان ترامب عن صفقته. انها سابقة على ذلك بسنوات، وعليه فاننا اليوم اصبحنا في بطن هذا المشروع تماما ، والا ما معنى ما يسمى " الحقائق على الارض " ، اي المستعمرات والجدار والضم والنهب والقضم والسجون والقوانين العنصرية التي تستهدف شعبنا في الوطن المحتل عام 48 ، كل هذا ما كان ليجري على هذا النسق وبهذه الوتيرة المتسارعة لولا وجود طرف فلسطيني يتآمر مع العدو ، من الداخل ، وطبقة تتعاقد مع العدو من الباطن لتأمين مصالحها .
السؤال: لكن الرئيس ادان ورفض وسب وقال "ابن الكلب" عن مبعوث ترامب، لماذا اذن نشكك في نواياه؟
الجواب: ان تشتم مبعوث ترامب وعائلته هو في الحقيقة دليل العاجز وهذه ممارسة تقليدية بائسة لا تعني اي شيء ولا قيمة لها في حساب الصراع والسياسة، آخر ما يهتم به ترامب هو ان تشتمه ، أي مواطن امريكي يمكن ان يشتمه وباكثر من ذلك وعلنا وامامه ، سيقابله ترامب بابتسامة بلهاء ، ان ما يقال عن ترامب في الاعلام الامريكي يوميا وفي برامج الترفيه والكوميديا اكثر من ذلك بكثير . ثم ان الكلاب حيوانات بريئة ومحببة في الثقافة الامريكية . الاهم من الشتيمة هي المواقف والقرارات والتوجهات المناهضة للمشروع الامريكي. اما الشتائم فهذه فشة خلق وتعبير عن عجز ومحاولة عباس فرد عضلات وعنتريات ونحن نعرف انها عضلات فالصو من هواء وغبار .
السؤال: اين الحلقة المفقودة في تعامل السلطة مع معطيات الصفقة؟
الجواب: رفض السلطة وحركة فتح لصفقة القرن هو للتغطية على عجزهم اولا وليس لارادة وطنية حقيقية لديهم ، انه رفض شكلي ولفظي بائس لا يتجاوز البيانات الفارغة ، العدو يعرف هذه الحقيقة وشعبنا الفلسطيني يعرفها ايضا. اليوم ستجد عملاء يرفضون الصفقة لتلميع جرائمهم ، رفض الصفقة ليس دليلا على اي شيء . وما قيمة هذا الرفض دون الاستجابة الى الارادة الشعبية الفلسطينية اولا. اي دون القطع الكامل مع نهج ومسار اوسلو الذي اسس للصفقة اصلا . نحن نعلم ان هناك مئات الكوادر الفتحاوية المناضلة التي ترفض حقا السياسة الامريكية وتريد ان تُساهم في التغيير وتحقيق الوحدة لكنها بلا اسنان وعاجزة او مهمشة ، فالقرار كله بات في يد مراكز محددة في الحركة وهي الشخصيات الاكثر تورطا وتساوقا مع الكيان ومؤسسته الامنية والاقتصادية.
السؤال: هل تتصورون إمكانية تورط السلطة في مسرحية سياسية تؤدي الى القضاء على المقاومة في غزة؟
الجواب: لا يمكن القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بالحرب والعدوان . لكن يمكن ذلك اذا اخذوا القلعة من الداخل كما يقال . لقد حاولوا وبذلوا الكثير من اجل تحقيق هذا الهدف ، لم يتركوا وسيلة واحدة الا وجربوها ، من عقوبات وحصار وشن الحروب والعدوان اليومي والتآمر على المقاومة والتورط في عمليات اغتيال وغيرها وغيرها. لم ينجحوا . ومارسوا سياسة العصا والجزرة ، رفعوا شعارات مثل " التمكين " وفشلوا . والسبب في ذلك يعود الى وعي وارادة شعبنا في غزة ، والى صموده وتماسك جبهته الداخلية في القطاع . وتقول لنا التجربة الماضية انه بعد كل عدوان صهيوني على شعبنا في غزة تخرج المقاومة أكثر قوة واشد عزيمة. هذا لا يعني الركون الى هذا المنطق فقط ، لا بد من سياسات داخلية في القطاع تخفف الاعباء عن شعبنا وتعزز صموده بالانحياز دائما الى الطبقات الشعبية المفقرة في غزة فهذه حاضنة المقاومة ودون صمودها لن نحقق هدفنا في كسر الحصار دون تقديم تنازلات سياسية للعدوّ .