هل يمكن أن يكون العالم مكانا أفضل لعيش النساء؟ هذا هو السؤال الذي يسعى الجميع في يوم المرأة العالمي كل عام للإجابة عنه بالإيجاب، من خلال أهداف وشعارات يتم تسويقها على مستوى العالم لعلاج قضية معينة تهم جميع النساء، وتتم متابعة ذلك من قبل منظمة الأمم المتحدة.
ويأتي عنوان يوم المرأة العالمي هذا العام -8 مارس/آذار 2020- رافعا شعار "المساواة بين الأجيال.. إعمال حقوق المرأة".
وتهدف احتفالية اليوم العالمي للمرأة بشكل عام إلى تشجيع المساواة بين الجنسين، وتسهيل حق المرأة في الحصول على عمل.
ورغم مرور أكثر من مئة عام على الاحتفال بيوم المرأة منذ عام 1909 وحتى الآن، ورغم التطور الحضاري والإنساني الكبير، فإن الفجوة بين النساء والرجال لن تغلق تماما إلا بحلول عام 2186، وفقا لتنبؤات مؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي.
تم اختيار يوم 8 مارس/آذار من كل عام ليكون يوم المرأة العالمي، ولكن لماذا هذا اليوم تحديدا؟ وهل تستفيد منه المرأة حقا؟
الورد والخبز
تبدأ قصة اليوم العالمي للمرأة منذ عام 1856، حينما خرجت آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك الأميركية على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل وفقها، وعملت الشرطة على تفريق المظاهرات، ورغم ذلك فقد نجحت المسيرة في إبراز مشكلة المرأة العاملة كقضية ملحة لفتت أنظار السياسيين والمسؤولين.
في عام 1908، وفي يوم 8 مارس/آذار تحديدا، تعود قضية عمالة النساء لتتصدر المشهد مرة أخرى، حين تظاهرت الآلاف من عاملات النسيج في شوارع نيويورك، وهن يحملن الخبز اليابس وباقات الورد، مطالبات بتخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الاقتراع.
وفي حين رمزت الورود التي حملتها النساء إلى الحب والتعاطف والمساواة، فإن الخبز رمز إلى حق العمل والمساواة فيه.
بعد هذه المظاهرات، أتى 8 مارس/آذار من العام التالي 1909، ليتحول إلى الاحتفالية الأولى تخليدا للاحتجاجات النسوية في نيويورك، وعرف بـ"اليوم القومي للمرأة في الولايات المتحدة الأميركية". ومن ثم اندفعت الحركة نفسها إلى أوروبا، إلى أن تم تبني اليوم على الصعيد العالمي بعد أن وجدت التجربة صدى داخل الولايات المتحدة الأميركية.
أما على المستوى الرسمي، وعلى الصعيد العالمي، فإن منظمة الأمم المتحدة اعتمدت اليوم العالمي للمرأة لأول مرة سنة 1977 ليتحول هذا التاريخ إلى رمز لنضال المرأة وحقوقها يتم الاحتفال به سنويا.
الإضراب العالمي للمرأة
لم يخل عام 2020 من الدعوة إلى إضراب عالمي للنساء في يوم المرأة العالمي، من قبل بعض المنظمات النسوية من شتى أنحاء العالم، حيث تمت دعوة النساء إلى التوقف عن العمل في ذلك اليوم، إقرارا لحقوق العمال التي تعود جذورها إلى اليوم العالمي للمرأة، ولإظهار أنه "عندما تضرب النساء، يتعطل العالم".
تم إطلاق هذه الدعوة من قبل منتدى آسيا والمحيط الهادئ المعني بالمرأة والقانون والتنمية (APWLD)، وانضم أكثر من مئتي فرد و165 منظمة من 59 دولة إلى حملة "الإضراب العالمي للمرأة".
يرجع السبب في هذه الدعوات، وفقا لموقع "الإضراب العالمي للمرأة" (Women's Global Strike) إلى العيش في نظام اقتصادي يستغل النساء ويستفيد من العمل المجاني أو متدني الأجر الذي يقمن به.
وكذلك بسبب آثار التغير المناخي التي تنعكس على النساء بشكل أكبر وأعمق، لأنهن الأكثر عرضة للتشرد والنزوح وعدم توفر المياه وغيرها.
تمت الدعوة للاعتراض أيضا على عدم تقدير أعمال الرعاية والأعمال المنزلية التي تقوم بها النساء على مستوى العالم، فهذه الأعمال لا يتم ضمها إلى حسابات إجمالي الناتج المحلي للدول، وكذلك الاعتراض على الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء في كثير من الدول، التي لا يتم الالتفات لها، وربما تزيد في أحيان أخرى وفي بلاد أخرى.
وتطالب النساء بشكل أساسي بتوفير ظروف عمل لائقة وأجور معيشية للجميع، وإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي، والعدالة في إتاحة الوصول للموارد، والسيادة الغذائية للجميع.
شعار 2020
في اليوم العالمي للمرأة تبرز عادة قضايا ملحة؛ مثل حق المرأة في العمل، والتصدي للعنف ضد النساء، ووضعية النساء والأطفال في الحروب، وحقها السياسي، وغيرها من القضايا. أما هذا العام فيأتي اليوم العالمي للمرأة رافعا شعار "أنا المساواة بين الأجيال: إعمال حقوق المرأة".
في إطار حملة هيئة الأمم المتحدة للمرأة الجديدة متعددة الأجيال، وهو جيل المساواة، الذي يأتي بمناسبة مرور 25 عاما على اعتماد إعلان ومنهاج عمل بكين، الذي اعتمد عام 1995 في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بكين بالصين، باعتباره خارطة الطريق الأكثر تقدما لتمكين النساء والفتيات في كل مكان.
وفقا لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن عام 2020 يعد عاما محوريا للنهوض بالمساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم، حيث يقوم المجتمع العالمي بتقييم التقدم المحرز في مجال حقوق المرأة منذ اعتماد منهاج عمل بكين.
كما سيشهد العديد من الخطوات في حركة المساواة بين الجنسين، مثل مرور خمس سنوات منذ إعلان أهداف التنمية المستدامة، والذكرى العشرين لقرار مجلس الأمن 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، وكذلك الذكرى العاشرة لتأسيس هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
تقر هيئة الأمم المتحدة للمرأة بأنه لا يمكن لبلد واحد في العالم أن يدعي أنه حقق المساواة بين الجنسين بالكامل.
وتبقى العقبات متعددة دون تغيير في القانون، كما أنه يوجد إجماع عالمي على أنه رغم إحراز بعض التقدم، فإن التغيير الحقيقي كان بطيئا بشكل مؤلم بالنسبة لأغلبية النساء والفتيات في العالم.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية