منتصف الشهر الماضي كشفت الشرطة في قطاع غزة عن وفاة مسنة وحيدة بمنزلها في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، وذلك بعد أربع أيام من موتها دون أن يطرق بابها أحد لتفقد أحوالها.
العديد من كبار السن يعيشون وحدهم، بسبب بعد أولادهم وانشغالاتهم اليومية، عدا عن أن هناك مسنين لا أبناء لهم فيعانون الوحدة ويتلهفون لزيارة أحد.
ورغم أن كبار السن يحبون الوحدة ولا يطيقون الازعاج، لكن في الوقت ذاته يرغبون بمن يتفقد أحوالهم، كي لا يقعوا ضحية الاستغلال لاسيما إن كانوا يملكون المال، كما حدث مع الحاجة "أم عمر" فهي تبلغ السبعين من عمرها وتعيش وحيدة، بعد أن توفي زوجها منذ سنوات ولم تنجب.
تعيش "أم عمر" في منزل صممته برفقة زوجها لكنه لم يعش فيه سوى عام واحد ومات، فكانت مطمعا لأقاربها الذين أخذوا ما تملك من ذهب ومال، وبقيت تنتظر مساعدات الشؤون الاجتماعية التي تحصل عليها كل شهرين تقريبا.
تقدم أم عمر في السن لم يشفع لها عند أقاربها الذين لا يطرقون بابها، فتقضي وقتها في المسجد تحفظ بعض السور القرآنية، وكذلك تراقب من شرفتها الجيران علها تلمح أحدهم ليلبي طلباتها التي تحتاجها من السوق.
ومؤخرا بحسب روايتها، يتردد أقاربها لشقتها محاولين اقناعها ببيعها لتحسين أوضاعهم المعيشية، وتعلق " كل ذكرياتي في هالبيت (..) بدهم أعيش بينهم بغرفة"، متابعة: منذ سماعي حكاية المسنة التي توفت وحيدة أخشى أن يكون مصيري مثلها.
حكاية سيدة المغازي انتشرت على نطاق واسع من قطاع غزة وأثرت بالكثيرين، مما دفع جمعية الزهراء التنموية لإطلاق حملة توعوية بعنوان "ما تسبهاش" في إشارة منهم إلى الاهتمام بكبار السن المهمشين، سواء الأرامل منهن أو المطلقات واللواتي يعيشن لوحدهن دون معيل.
تقول هيام أبو خبيزة رئيس مجلس إدارة جمعية الزهراء التنموية:" مبادرتنا جاءت بعد وفاة السيدة في المغازي وذلك كي لا تتكرر مثل تلك الواقعة".
وذكرت "للرسالة" أن إطلاق اسم "ما تسبهاش" جاء ليكون ملامسا للواقع ويستهدف النساء كبيرات السن وكذلك المطلقات والأرامل اللواتي لا يرغب ذووهن بإعالتهن، مشيرة إلى ضرورة تغيير نظرة المجتمع للمرأة والاهتمام بها حتى لو كانت أرملة أو مطلقة فلابد من احتضانها بدلا من نبذها.
وعن الأنشطة التي قدمتها المبادرة لكبيرات السن، أوضحت أبو خبيزة أن القائمين على الحملة زاروا العديد من الأماكن كبيت الأمان للاستماع لتجربة السيدات لمحاولة تقديم المساعدة اللازمة لهن، عدا عن زيارة بيت المسنين وتقديم الدعم النفسي لنزيلاته.
وأشارت إلى أنهم زاروا العديد من المنازل لتقديم النصح والإرشاد للأبناء للاعتناء بالأم المطلقة أو المعنفة، لافتة في الوقت ذاته إلى أنهم يعانون قلة الإمكانيات والدعم لإيصال صوت المبادرة لجميع أنحاء القطاع.
وبحسب قولها، فإن القائمين على المبادرة لم يتوقعوا أن يصل صدى الحملة لجميع أنحاء القطاع، لاسيما بعدما لامسوا حجم الاهتمام بكبار السن.
وتطرقت خلال حديثها إلى أن من ضمن خطتهم عمل دردشات في الشارع مع الشباب والصغار لتوعيتهم بالاهتمام بمن يحيط بهم من نساء كبيرات كالأم والأخت والعمة والخالة، وكذلك سيكون هناك زيارات واستهداف للأطفال في رياض الأطفال باعتبار أن توعيتهم في سن مبكر يؤثر عليهم في المستقبل.
ووفق مركز الإحصاء الفلسطيني فإن المجتمع في فلسطين مجتمع فتي حيث تشكل فئة صغار السن نسبة مرتفعة في حين تشكل فئة كبار السن نسبة قليلة من حجم السكان، إذ بلغ عدد كبار السن في فلسطين 257,151 فرداً بما نسبته نحو 5% من إجمالي السكان منتصف العام 2019، بواقع 169,503 فرداً يشكلون نحو 6% في الضفة الغربية و87,648 فرداً 4% في قطاع غزة.
ويبلغ عدد كبار السن الذكور في منتصف العام 2019 في فلسطين حوالي 122 ألف فرد أي ما نسبته 5% من اجمالي الذكور في فلسطين مقابل 135 ألف أنثى أي ما نسبته 6% من اجمالي الاناث، بنسبة جنس مقدارها 91 ذكرا لكل 100 أنثى.