تنفست المحافل الصهيونية الصعداء في أعقاب الانتصارات المتتالية التي حققها جون بايدن الذي يتنافس على ترشيح الحزب الديموقراطي على منافسه اليهودي بيرني ساندرز.
فبايدن صديق حقيقي للصهاينة وأعلن أكثر من مرة أنه لن يسمح بتبني سياسات تمثل انقلابا على نسق العلاقة القائم بين (تل أبيب) وواشنطن؛ في حين تعهد ساندرز بنقيض ذلك؛ بسبب سياسات الصهاينة تجاه الشعب الفلسطيني تحديدا.
فقد وصف ساندرز رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو بـ "العنصري والبدائي"؛ إلى جانب تعهده بتقليص الدعم للكيان الصهيوني ردا على سياساته تجاه الفلسطينيين.
في الوقت ذاته وجه ساندرز ضربة قوية لمنظمة "أيباك"، كبرى منظمات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وحطم الهالة التي تحيط بها نفسها، عندما رفض إلقاء كلمة أمام مؤتمرها السنوي، لأنها تمنح "منبرا للقيادات التي تنشر العنصرية وترفض منح الفلسطينيين حقوقهم الأساسية".
فقد خشي الكيان الصهيوني والمنظمات اليهودية الكبرى في الولايات المتحدة أن يمثل ظهور ساندرز مقدمة لصعود إدارة أمريكية تعيد النظر في المساعدات العسكرية غير المشروطة التي تقدمها الولايات المتحدة لـ(إسرائيل).
وقد عارض ساندرز الدعم الأمريكي غير المشروط لـ(إسرائيل) والذي جعلها تدمن استخدام القوة وتكون مستلبة لخيار ضم الأراضي الفلسطينية.
المنظمات اليهودية الأمريكية التي تسوق مواقف حكومات اليمين المتطرف في (تل أبيب) قلقت كثيرا من صعود ساندرز، فهذه المنظمات، وتحديدا أيباك تنفق عشرات الملايين من الدولارات من أجل توفير بيئة تسمح بتوفير غطاء أمريكي لدعم السياسات المتطرفة التي تعكف عليها الحكومات اليمينية المتعاقبة في (تل أبيب).
فقد تجندت لمواجهة المطالبة بفرض مقاطعة على منتوجات المستوطنات علاوة على اعتراضها على الاتفاق النووي مع إيران، إلى جانب عدم ترددها في إلصاق تهمة اللاسامية ضد كل من يعترض على سياسات الحكومة اليمينية في (تل أبيب).
وقد خشيت (تل أبيب) أن يسهم صعود ساندرز في تشجيع المزيد من الساسة الأمريكيين على تبني المواقف الرافضة للسياسات الصهيونية وتوسيع دائرة الانتقاد لها.
لكن على ما يبدو أن الارتياح الصهيوني من نتائج الانتخابات التمهيدية في الحزب الديموقراطي سابقة لأوانها؛ حيث أنه حتى لو تمكن بايدين من حسم التنافس لصالحه بشكل نهائي فإن المعسكر الذي يمثله ساندرز بات كبيرا ومؤثرا لدرجة أن مؤيديه سيحصلون على نتائج مهمة في الانتخابات الفرعية القادمة لاختيار أعضاء الكونغرس، بالإضافة إلى أن الحزب الديموقراطي لن يتمكن من تجاوز مواقف هذا المعسكر سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.
ولا يوجد ما يدل على أن صعود بايدن لن يوقف التحول على مواقف الحزب الديموقراطي تجاه (إسرائيل)، الذي تكرس في أعقاب صعود ترامب.
فالمعسكر الذي يمثله "التيار التقدمي" داخل الحزب الديموقراطي والذي ينتمي إليه ساندرز ومجموعة النائبات التي تتبنى مواقف "معادية لـ(إسرائيل) وتؤيد الحقوق الفلسطينية وتساند أفكار حركة المقاطعة الدولية "BDS" بات كبيرا.
من هنا فقد تصاعدت الدعوات في (تل أبيب) لمطالبة صناع القرار بالعمل على إصلاح العلاقة مع الحزب الديموقراطي، سيما في حال فاز بايدن بالانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر القادم.