قالوا قديما رب ضارة نافعة ومن عمق المأساة يولد الامل، ولذا فإن الخطر الداهم الذي اوجده فيروس كورونا جعل العالم يخضع صاغرا لبعض مقتضيات العقل وأجبر الدول على ان تتخلى عن مصالحها الضيقة التي كانت سمة عالم السياسة للتعاون والتكاتف ولتكمل بعضها بعضا من اجل القضاء على هذا الخطر الذي يهدد البشرية والمتمثل في فيروس كورونا ... ربما كان انتشار الفيروس بمثابة الصدمة التي لا بد منها للإنسانية التي فقدت انسانيتها منذ زمن وانخرطت في الحياة المادية لأبعد الحدود وتنكرت للأصل الواحد للجنس البشري المتواجد على هذا الكوكب وتشرنقت كل دولة على نفسها وغلبت مصالحها ولفظت من سواها، ظانة انها تحقق وهما اسمه المصلحة العليا لشعبها وما فطنت الى ان سعادة ومصلحة شعبها تكمن في سعادة ومصلحة البشرية جمعاء، وما اعتقدت انه مصلحة لها ما هو الا وهم سرعان ما تبدد عند اول خطر هدد هذا الكوكب، لقد جلبت ( سياسة المصلحة العليا للدولة ) على البشرية ما جلبت من الشقاء والكوارث والمصائب .. ففي اطار السباق المحموم للسيطرة على موارد الكون التي اوجدها الله سبحانه وتعالى لكافة البشر، دمرت الطبيعة ولوثت المياه وأُفسد والهواء وعاثت بعض الدول فسادا في أعماق الأرض ولجج البحار وطبقات الجو في حالة من الجنون المطبق، بل لقد بلغ هذا الجنون مبلغه ببعض الدول حتى أنتجت عوامل فناء البشرية، فسخرت الموارد لصناعة وسائل الموت الفتاكة لقتل الجنس البشري وما تورعت عن استخدامها كلما لاحت لها الفرصة.. ورفعت كذبا شعارات كرامة الانسان وحريته ورفاهيته وأغمضت عيونها عن مآسي الشعوب المستضعفة لأنها نهبت ثرواتهم مقابل سكوتها عن حكامهم الظلمة وجعلت من المؤسسات الدولية التي قالت انها لتحقيق الامن والسلم الدوليين جعلتها وسيلة لقهر الشعوب وحصارها وافقارها وتركت لنوازع النفوس المريضة ان تُخرج اسوأ ما فيها من حقد وحسد وغل تجسد على شكل حروب وسجون وفقر وحصار. وحينما بلغت الأمور ذروتها في هذا الجنون جاء كورونا ليرد البشرية الى جادة الصواب ويجبرها على ان تتعاون على البر والتقوى وتعمل صاغرة من اجل خدمة البشرية جمعاء.. فهل عقلنا الدرس؟؟ ماذا على البشرية لو عملت من اجل اسعاد نفسها، ماذا كان ينقص الدول ان تتوحد من اجل تسخير موارد الكوكب لخدمة سكانه؟ لماذا يستأثر بعض سكانه بالرفاهية الباذخة فيما البعض الاخر يموت جوعا وقهرا ومرضا؟ ان موارد الكوكب التي حباها الله للبشرية لو وزعت على سكانه لكفتهم جميعا ولأسعدتهم جميعا ولحققت رفاهيتهم جميعا.. ولكنها النفس الامارة بالسوء التي تأبى الا ان تفسد ما صلح من أمر بني البشر وتسابق الشيطان الذي قال لرب العزة لأقعدن لهم صراطك المستقيم في العمل على تعاسة البشرية. ما كان اسعد هذه البشرية لو تكاملت فيما بينها وقدمت كل امة ما لديها من اجل الجميع كما يحث الان.. السنا كلنا نمقت الحرب والظلم والجهل والفقر السنا... كلنا نطمح للرفاهية وإقامة العدل وتحقيق كرامة الانسان... لماذا تسول لنا أنفسنا ان سعادتنا في شقاء الاخرين؟ السنا كلنا مخلوقات الله سبحانه الذي اوجدنا واوجد رزقنا.. لماذا غلبت علينا شقوتنا فاستأثرنا بما يفيض عن حاجتنا ومنعناه غيرنا فمات جوعا وفقرا ومرضا امام ناظرينا ونحن نملك لهم سعادة ورفاهية حلنا بينهم وبينها ونحن ندعي الحضارة.. الم نشعر في كوامن نفوسنا ان سعادتنا منقوصة ونحن نغمض اعيننا كل مساء على ماسي لا حصر لها في هذه الأرض ونوهم أنفسنا اننا سعداء.. لماذا لا نسعد ونسعد جميعا بدل ان نشقى ونشقى جميعا؟؟؟
كورونا يدلنا على الطرق
بقلم: أسامة سعد