في تطور غير مسبوق، نجح رئيس حكومة الاحتلال (الإسرائيلية) بنيامين نتنياهو في استدراج غريمه السياسي بيني غانتس وإقناعه في الدخول إلى حكومة وحدة بالتناوب يترأس فيها نتنياهو الفترة الأولى لمدة عام ونصف ومن ثم يتقلد رئاستها غانتس.
ويمكن القول إن نتنياهو استطاع أن يضرب عصفورين بحجر، من خلال قدرته على إقناع غانتس الدخول في حكومة معه وحرق مستقبله السياسي، إلى جانب التخلص وتفكيك الحزب الذي يتزعمه غانتس "أبيض أزرق" إلى الأبد لا سيما وأن شركائه يرفضون الدخول في أي حكومة مع نتنياهو.
وهاجمَ كل من رئيس حزب "يش عتيد"، يائير لبيد، ورئيس حزب "تيلم"، موشيه يعالون، رئيس كُتلة "كاحول لافان"، بيني غانتس، وذلك بعد انتخابه رئيسا للكنيست، مُعززًا بذلك التقديرات التي تُشير إلى أن تشكيل حكومة سيتمّ خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك على حساب "كاحول لافان" التي باتت في طريقها إلى الانقسام.
وقال لبيد إن "غانتس استسلم اليوم بدون قتال وزحف إلى حكومة نتنياهو"، مُعتبرا أن "ما يتم إنشاؤه اليوم ليس حكومة وحدة وليس حكومة طوارئ. (بل إنها) حكومة أخرى لنتنياهو".
وأضاف لبيد أن "أزمة كورونا ليست تصريحًا ولا إذنًا للتخلي عن القيم"، موضحا أنهم في "كاحول لافان" قد قدّموا وعودا بعدم قبول التواجد تحت مظلّة رئيس حكومة "وُجّهَت بحقّه ثلاث لوائح اتهام (يقصد نتنياهو) ووعدنا ألا نجلس في ائتلاف من المبتزين والمتطرفين".
ومن الجدير بالذكر أنه جرى انتخاب غانتس بدعم جزئي من تحالف "أزرق أبيض"، وبتأييد من حزب "ليكود"، ليترك الجنرال السابق كثيراً من حلفائه السياسيين يستشيطون غضباً لتمهيده الطريق أمام شراكة مع رئيس وزراء يواجه لائحة اتهام في قضايا جنائية.
ونال غانتس أصوات 74 عضواً من أعضاء الكنيست و18 ضده من أصل 120. وكان يفترض أن يقدم غانتس أحد نوابه الى البرلمان لترشيحه للرئاسة، لكنه في اللحظة الأخيرة رشّح نفسه.
وبعد انتخابه دعا غانتس إلى تشكيل "حكومة طوارئ وطنية"، ما يؤشر إلى تحالف مع نتنياهو للتصدي لوباء "كوفيد-19" الذي تفشى في (إسرائيل).
حرق نفسه
ويعتبر الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة أن غانتس حرق نفسه ومستقبله السياسي من خلال الدخول في حكومة وحدة مع نتنياهو وتفكيك حزبه، كونه لن يحصل على نفس الأصوات والمقاعد التي حصل عليها حال جرت انتخابات جديدة.
ويوضح جعارة في حديثه لـ"الرسالة" أن غانتس كرر نفس خطأ نفتالي بينت عندما قال سابقا إما أن يصبح وزيرا للدفاع أو يسقط حكومة نتنياهو عندما كان يمتلك 10 مقاعد فيها، وبعد الانتخابات لم يحصل على شيء، وهو ما يكرره غانتس الذي قال سابقا إنه لن يجلس في حكومة مع شخص متهم بثلاثة لوائح اتهام بالفساد وعاد وتراجع عن كلامه.
ويؤكد أن نتنياهو ذهب إلى حكومة مع غانتس لعدة أسباب أولها أنه لا يمكن الذهاب لانتخابات رابعة، ولأن الشارع (الإسرائيلي) يحمله مسؤولية عدم تشكيل حكومة (إسرائيلية) من خلال ما أظهرته استطلاعات الرأي الأخيرة، إلى جانب عدم امتلاكه المقاعد الكافية لتشكيل أي حكومة.
ويشير إلى أن نتنياهو كان يدفع باتجاه إجراء انتخابات جديدة لتفكيك حزب أبيض أزرق ونجح الآن في ذلك، لا سيما وأنه أغرى غانتس بالدخول معه في المقابل فإن كثير من (الإسرائيليين) يعتقدون أن نتنياهو خدع غانتس ولن يسلمه الحكومة خلال السنوات القادمة.
قضى على مستقبله
ويقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر إن نجاح نتانياهو " ثعلب السياسة الإسرائيلية" في تشكيل حكومة برئاسته بعد ان نجح في تفتيت كتلة أبيض أزرق وجذب بني غانتس لجانبه يعني أنه خرج من الباب ليرجع من الشباك.
ويلفت إلى أن غانتس يمكن أن يعتلي رئاسة الوزراء ضربة حظ كما حدث معه في تولي منصب رئاسة الأركان حين قالت له والدته ما دام الباب لم يغلق بعد فالفرصة موجودة، مردفا "لكني أعتقد أنه قضى على مستقبله السياسي بعد انتهاء الحكومة التي تم تشكيلها".