أمريكا التي طغت وتجبرت وفي قتل الآلاف من الأبرياء في العراق وسوريا وأفغانستان أمعنت، وحلفاءها القتلة على أرض فلسطين دعمت، وللنفط، والمال، والسلطة، والقرار، ومستقبل الأجيال سلبت، لم تتوقف لحظة في سعيها لترى الشعوب العربية عالةً على حكامهم، تقتلهم لقمة العيش وشربة ماء بعد توسل واستجداء.. هذه إرادة ترامب وقوى الغرب، وإرادة إدارته المهووسة في مواجهة البلدان النامية، فتلك إرادة الله التي أعجزت إرادات ومشيئات كل الأمم وفتتت.
البيت الأبيض يستجدي الحلفاء والأصدقاء
أمريكا العظمى تتوسل تستجدي طلب المساعدة، لم تصمد طويلاً أمام النزيف البشري الهائل، والكارثة التي لم يستطع الوقوف أمامها جبار من جبابرة الأرض، تستعين بقوى التحالف الذين عجزوا وفشلوا في تحييد كورونا أو مواجهته كحدٍ أدنى، تناشد العالم وتقول: أنقذونا، فأنتم لا تنقذوا نيويورك وحدها، بل تنقذوا مستقبلكم وأمنكم القومي، فعن أي أمن قومي يتحدثون، وقد قتلوا العلماء في الشرق، وهدموا المستشفيات في سوريا والعراق وفلسطين فوق رؤوس من يحتضرون، فلسنا بعيدون عن زمان تطايرت به أشلاء أطفال غزة المحاصرة وتناثرت عبر أزقتها دمائهم، وأشعلت فينا غيظاً حرّك ألسنة توهجت بالدعاء، فقد سقط البنيان واكتمل المشهد وارتعدت أوصال العالم المذعور الذي رسخ اهتماماته في تكنولوجيا القتل وحيازة السلاح وتأهيل الجيوش ونهب البورصات العالمية وتدمير اقتصاديات البلدان الفقيرة التي عجزت عن توفير أدنى ما يعزز بقاءها على الوجود..
فوضى شعبية ليست أقل خطراً من كورونا
في ظاهرة لم تكن الأولى أو الأخيرة، وفي بلد يدّعي عبادة الديمقراطية دون الله، والتحضر والتمايز عن باقي شعوب الأرض، تتسع رقعة أعمال الشغب واقتحام المحال التجارية والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، سعوا في بلدهم خراباً، تسابقوا على شراء الأسلحة، في مشهدٍ يعكس حقيقة هذا الشعب وإدارته العنصرية المتطرفة التي تجذرت بسياساتها وأدواتها الفاعلة مبادئ القتل والدمار، ويكشف عن تلك الأرواح الشريرة التي تحكم العالم منذ عقود.
ظنت أمريكا أنها إله عُبد في الأرض وأيقنت أنها المتحكم في كل مفصلٍ من مفاصل هذا الكون، ومن بيدها الهلاك والنجاة، فما أعدل تلك الأقدار التي حملت رسائلها لحلفاء الشر في أصقاع الأرض من شرقها إلى غربها، لتسطر تاريخاً جديداً يعيد خارطة العالم كما أرادت السماء. فشلت القوى الدولية في إدارة أزمة رصدت لها موازنات هائلة، وشكّلت لها فرق طوارئ تقاتل المجهول بلونٍ جديد وأسلوب غير معلوم، أسقط أمامه أمم وأردى بمستقبل أنظمة عظمى لم تألو جهداً على المواجهة التي أعادتها إلى عصر البدايات، فهو مكانها المحتوم الذي سبق عقود من الزمان وقرون، وهُدم البنيان الذي فيه تقامرون وللخراب تُقرون، وقد حلّ الموت الذي منه تفرون، فماذا أنتم فاعلون؟!
أمريكا ومرحلة الخنوع بمعزل عن الحلفاء والأصدقاء
بقلم: خالد النجار.. كاتب وباحث سياسي