لم يعد كورونا مجرد فيروس أو وباء أو لعنة حلت على البشرية جمعاء، أو حرباً بيولوجية لتدمير اقتصاديات بلدان عظمى، أو سيناريو يستطلع إعادة ترتيب وتحالف القوى الدولية من جديد.. كورونا قدراً أسكن الأرواح الشريرة تحت الأرض فمنهم من قضى ومنهم من ينتظر. فلا تلوموا كورونا، فهو مخلوقٌ لا يعصي الله، ولا يتجبر على مخلوق من مخلوقات الله، وكائن يتفشى ويتسلل ويجتاح الأرض كما أراد الله جل في علاه.
كورونا من جديد يكشف زيف وأباطيل وبهتان دول عظمى طالما غيّب التاريخ موقعها الحقيقي في هذا العالم المجهول الغائب عنه الضمير والإنسانية، الحاضرة به أرواح شريرة تهتك وتقتل الإنسان طولاً وعرضاً.. ليُظهر أن تلك الأرواح التي تدير هذا الكوكب الصغير ما هي إلا أضعف المخلوقات التي تذوب وتنصهر بين عشية وضحاها أمام كائنات بالعين لا نراها.
ولنسأل هنا سؤلاً نعصف به أذهاننا ويجعلنا نبحث عن المنطق في ظل ظاهرة كونية قد يظن البعض أنها بعيدة كل البعد عن المنطق، كيف لا يترسخ هذا الظن بأفئدتنا ونحن أمام أنظمة قمعية تمارس القتل وتمتلك من التكنولوجيا ما لا يتخيله العقل أو يؤمن به الإنسان.. جيوش عالمية بدت وكأنها وهمية، رؤساء يفرون إلى الاختباء في حجرٍ منزلي وآخر سريري، أسلحة مدمرة لم يعد لها مكان، حصون مشيدة بالفولاذ سقطت وترنحت وأطفأت أنوارها بعد أن تلألأت..ثرواتٌ أفسدها كورونا وأودى بها إلى الردى، سُحق السحت وتبدد الربا، وأغلقت بوابات العهر والاتجار بهذا الإنسان الذي لم يعد سوى روبوتاً لقضاء حاجته.. إنها قدرة الخالق جلةجلاله، وليست سحر الطبيعة التي أعادت للأرض زينتها وجمالها وبهاء سمائها وعذب مائها وأخلاق علماءها وسماحة مفكريها، وإنسانيتهم التي أفسدها الأشرار، فالأشرار يتهاوون، ومن البلاء يفرون، وللمقابر يُبعثون، ولم يبق إلا من أراد الله له النجاه، والموت والهلاك لمن كفر به وعصاه.