قائمة الموقع

غزة بعافية حين مَرِض العالم

2020-04-07T16:42:00+03:00
ارشيفية
الرسالة نت-بقلم: خالد النجار

 

اللهم لا شماتة ولا فخر ولا عزة بالنفس، ولكنها الحقيقة التي أذن الله تعالى أن تتجلى بها عظمته وقدرته، وأن تكون غزة ملاذاً للأمن وتنعم بعافيتها بعيداً عن أسقام الجائحات والفيروسات وكل ما يهتك بالإنسان.. غزة التي غرقت في الفقر والدماء وطُويت أعمار ساكنيها تحت قنابل الموت وحمم الرصاص وجائحات الاحتلال بين فينة وأخرى، وتبددت آمالها وأمنياتها، أقلها أن تنعم بالأمن وتلتحف وقايةً من الموت، مع كسراتٍ من لقيمات يقمن صلبها، اكتفت غزة بفتات الحياة، لا لشيءٍ إلا أن تكون الروح التي بقيت على قيد الحياة وقت أن مات ضمير العالم، وغُيبت الإنسانية وقامرت قوى الشر بقضيتها العادلة، وتحالف عليها الأصدقاء قبل الأعداء.
لقد شاء الله تعالى أن تغرق أنظمة الأرض قاطبةً بهذا الوباء، وأن تبقى غزة بعافيتها التي كتبها الله لها، وأن يقيها الله من شر الوباء كما وقاها من شر الأعداء. غزة التي حوصرت ثلاثة عشر عاماً ولم تزل ترزح تحت هذا الحصار لم تسقط قلاعها، غزة التي تُعد أعلى كثافة سكانية في العالم لم تتوسل من عدوٍ يتجهمها، غزة التي قدمت آلاف الشهداء لم يثني ذلك عزمها وعزيمتها، غزة التي تبطش بعدوها ويرابط جندها حول أسوارها، يلاحقون الموت ولا يفرون منه، يعتلون سلم المجد حين تخاذل المنسقون والمنبطحون والمضيعون لأقدس قضية عبر التاريخ الحديث، بقيت غزة كالجبال الشمّاء في بهاءها وجمالها وقوتها وصلابتها ووفاءها وإخلاصها ومجدها وفداءييها ومقاتليها وأسراها ومجاهديها وعلمائها وأهلها المتجذرين بين نواضحها.
يربط أهل غزة وفائهم بصدق العقيدة الراسخة في قلوب أحياها الضمير ومجابهة العدو، والتي لا تنكسر أمام التحديات ولا تسقط أمام العابرين أو المؤامرات، فقد أفرزت الجائحة للتاريخ رجال عظماء أكفّاء يقاتلون المجهول بثوب ملائكي، يحرصون على الموت لحياة شعوبهم، يقدمون أنفسهم قرباً بين صفوف الشهداء والاستشهاديين، يذودن عن ساكني هذه الأرض بما يملكون من نعمة الإنسانية وتواضع الإمكانات الطبية والأمنية والتي يستغلونها ويوظفونها بكفاءة واقتدار، وقت أن سقطت قطاعات عالمية وتهاوت وأعلنت أن حلول الأرض قد فشلت وأحيل الأمر لرب السماء.. فما دامت تلك الأنفاس تشتعل لتضيء غزة أمناً وجمالاً بعد التوكل على الله، فنحن في حفظه تعالى بإذنه جل في عُلاه.

اخبار ذات صلة