تعلمنا في مساق المنطق في المرحلة الثانوية، وحسب مربع أرسطو بأن "المتناقضين لا يجتمعان"، ولكن الحياة أكدت أن "ليس كل ما نتعلمه في الكتب يصدق في الواقع "وهذه قضية أرسطية ايضاً.
" كورونا "لا أخالُ أحداً في العالم لم يسمع بها، ولا أخالُ مجلساً خلى منها، فقد حظيت بنصيب وافر من أحاديثنا، وأشبعناها بحثاً وتقييماً علنا نجد تفسيراً لمولدها، فمنا من قال "مؤامرة أمريكية ضد الصين"، قال آخرون " خدعة صينية ضد العالم"،" ومنا "أرجعها لإدارة الله عز وجل"، و(كل حزب بما لديهم فرحون) آية قرآنية.
الصحيح أن كل الأدلة ورغم تناقضها " مقنعة " وهذا مؤلم، ويزيد من صعوبة النطق بالحكم، إليكم التفاصيل:
من قال انها مؤامرة أمريكية ضد الصين استند إلى أن:
تاريخ أمريكا حافل بالحرب بشتى أنواعها، ووجود أعمال أدبية وسينمائية تؤكد ذلك مثل رواية "عيون الظلام"، ومسلسل كوري" وفيلم أمريكي، وكتب تتحدث عن ظهور وباء في 2020 ويقتل الآلاف من البشر، ورغبة أمريكا في تشديد قبضتها على العالم من خلال كسر رأس الخصم الذي بدأ يعلو نجمه في سماء العالم" الصين"، ورغبة أمريكا في ابعاد الأنظار عن صفقة القرن، وغيرها.
الآراء السابقة مقنعة، لكن عليها رد:
وجود روايات وكتب وأعمال سينمائية ينبئ بذلك، لا يمكن اعتماده كـ" دليل " فهو في أحسن الأحوال " قرينة" والتطابق ليس بالضرورة أن يكون صادقاً، نظراً لوجود نوع من الأدب يسمى "الأدب التنبؤي"، ثم إن كل قرن تقع مشكلة بيولوجية في العالم تحصد آلاف الأرواح على مستوى العالم خاصة في عام 20، قد فتح المجال للأدباء والسينمائيين لأن يتوقعوا بأن 2020 سيكون عام وباء " كورونا "، وطبعا، لا خلاف بأن بداية أمريكا وتاريخها وحاضرها حافل بالإجرام.
ثم ما يمنع أمريكا من تمرير صفقة القرن وكسر رأس الصين بهدوء بما لا يؤثر على اقتصاد امريكا؟ وألم يخطر في بال أحد من المخططين الأمريكيين بأن هذا الوباء قد يصل لأمريكا وينتشر فيها ويحصد قتلى ومصابين ويعطل الحياة " وكأنك يا ابو زيد ما غزيت".؟
أما من قال انها صناعة صينية: فساق الأدلة بأن الصين أرادت من خلال هذه الخدعة طرد الشركات الأمريكية والأوربية من أراضيها لأنها تحصد ملايين الأرباح وتذهب خارج الصين، والصين أولى بها، وبصراحة فقد أقنعني هذا الرأي في بداية كورونا، لكن بعد تمددها وتكبد الصين خسائر فادحة، لم أعد مقتنع، وتساءلت، ماذا ستستفيد الصين من ذلك وماذا يمنعها من طرد الشركات الأجنبية من أراضيها دون كورونا؟
ومن أرجع ذلك لعقوبة ربانية فهذا أمرٌ طبيعيٌ، ومن نافلة القول بأن كل ما يحدث هو من تقدير الله، فقد شهد تاريخ المسلمين أمراض انتشرت وقتلت الكثير من المسلمين في عصر الصحابة، وما عرف باسم " طاعون عمواس".
أختم بما اعتبره أقرب للصواب : بأن فايروس كورنا هو حرب بيولوجية أرادت بها أمريكا مآرب شتى، لكن مشيئة الله اقتضت ألا تحقق أمريكا مآربها، وكأني بقول الله عزوجل " سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
" فها هي الآن تحصد من الزرع الخبيث الذي زرعته، وهنا يتجلى قول الله عزوجل " ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله " فاعتبروا يا اولى الأبصار ".
كورونا،،، حين تقتنع بالمتناقضات!
بقلم: مصطفى أبو السعود