حذرت مستشرقة إسرائيلية من التداعيات السلبية لخطة الضم الإسرائيلية للضفة الغربية المحتلة على العلاقات مع العالم العربي.
واعتبرت كاسينيا سيفاتلوفا الخبيرة الإسرائيلية بالشؤون العربية بمقالها على موقع المونيتور، بأن "الضم" يعزز "العناصر الراديكالية، ويقوض المعتدلين، ويهدد التطلعات الإسرائيلية للعلاقات الدبلوماسية والعلاقات التجارية مع الدول العربية".
وأضافت أن "حزب يمينا المتشدد برئاسة نفتالي بينيت اتهم حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو بعدم رغبته بالمضي بعملية الضم، واكتفائه بالوعود فقط، فيما أعلن حزب أزرق-أبيض بقيادة بيني غانتس أنه على استعداد لمناقشة هذه الخطوة "في ظروف معينة"، رغم أن رقم اثنان في الحزب الجنرال غابي أشكنازي يرفض هذا الخيار"، في إشارة إلى الجدل القائم واللامتناهي بإسرائيل حول القضية.
وأوضحت سيفاتلوفا، العضو السابق بلجنة الخارجية والأمن بالكنيست، وأعدت تقارير من سوريا ولبنان وليبيا ومصر وتونس والخليج العربي، وتتحدث الإنجليزية والروسية والعربية، أن "كبار السياسيين الإسرائيليين الذين يوشكون على تشكيل حكومة وحدة، سواء الآن أو بعد إجراء الانتخابات الرابعة في الصيف، يعالجون الضم من خلال طرح متى، وليس هل، يعني أن هناك توافقا بينهم على الخطوة، لكن الخلاف على التوقيت".
وأكدت أنه "قبل عامين وثلاثة أعوام، كان الحديث عن الضم منحصرا بأعضاء الكنيست من حزب البيت اليهودي المتشدد، "يمينا" الآن، والجناح اليميني في الليكود، وفي الوقت الحاضر فإن زعيم أزرق- أبيض بيني غانتس على خلاف مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول طريقة تنفيذ الضم ومداه، وليس حول مسألة ما إذا كان ينبغي النظر في القضية على الإطلاق".
وأشارت إلى أن "مكتب رئيس الوزراء يواصل العمل على خرائط الضم الممكنة، ولكن مع انتشار فيروس كورونا، يصبح الكلام وراء هذه الإعلانات دوافعه سياسية حزبية وليست أيديولوجية، لأن قضية الضم المثيرة للجدل تخدم مختلف الأطراف المعنية كورقة مساومة، وأداة لتحفيز منافسيهم، أما التنفيذ الفعلي للضم فيستلزم ثلاثة شروط: تشكيل الحكومة الإسرائيلية، والعودة للوضع الطبيعي بعد كورونا، وتحصيل دعم البيت الأبيض".
وأضافت أنه "بما أن عودة الأمور لطبيعتها في إسرائيل قد يستغرق بعض الوقت، وطالما أن البيت الأبيض مشغول بإدارة أزمة كورونا، والتحضير لانتخابات نوفمبر، فإن تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة في هذه الأيام، إن تم فعلا، لن يعني تنفيذ الضم على الفور، لأنه قد يتأخر لما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بعبارة أخرى، لن يحدث ذلك في الأيام والأسابيع والأشهر القادمة".
وأوضحت أن "العالم العربي حين يتابع تطورات عملية الضم في إسرائيل، لا يميز بين المكون الأيديولوجي والعنصر السياسي، ويراقب تصريحات السياسيين الإسرائيليين بقلق بالغ، ولذلك حذرت الجامعة العربية من تداعيات الضم، وعقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس جولة عاجلة من المشاورات الهاتفية مع القادة العرب، لأن السلطة الفلسطينية مقتنعة بأن إسرائيل والبيت الأبيض يمضيان قدما في صفقة القرن".
وتابعت: "بينما تحول انتباه العالم إلى فيروس كورونا، وتنظر رام الله عمان والقاهرة والرياض إلى الضم باعتباره تهديدا فوريا، حتى لو كان تهديدا نظريا فقط، فإن خطاب الضم الإسرائيلي يدعم العناصر الراديكالية في العالم العربي، ويقوض المعتدلين، ويشعل نيران عدم الاستقرار الإقليمي، ويعرض الأمن الإسرائيلي للخطر".
وكشفت الكاتبة عن "تقييم داخلي حديث أجرته وزارة الخارجية عن مخاوف إسرائيل من احتمال انهيار عدة أنظمة عربية نتيجة لكورونا، وإنتاج إيران لسلاح نووي، وتعزيز المنظمات المسلحة، مثل الدولة الإسلامية والقاعدة، ومع علم إسرائيل بالتهديدات الإقليمية لأمنها، سيكون من المنطقي الافتراض أن الوقت ليس مناسبا الآن لزعزعة قارب الشرق الأوسط الهش، وتقويض التعاون مع السلطة الفلسطينية والأردن ومصر ودول الخليج".
وأكدت أنه "حتى قبل الوباء، لم تكن الأنظمة العربية وسكانها معجبين بفكرة الضم، أما الآن، ومع وجود الملايين في العالم العربي عاطلين عن العمل، يواجهون أزمة اقتصادية حادة، يمكن لأي خطوة إسرائيلية متسرعة أن توجه ضربة للنسيج الرقيق لعلاقاتها مع العالم العربي، ويكون لها في النهاية تأثير أشد على أمنها".
ونقلت عن "مسؤولي الحرب والأمن الإسرائيليين، السابقين والحاليين، ممن تمتعوا بعلاقات وثيقة مع نظرائهم العرب الكبار على مدى عقود، إدراكهم للخطر الكامن من سياسة الضم، فالجنرال عاموس غلعاد، الرئيس السابق للشؤون السياسية والعسكرية السياسية بوزارة الحرب، حذر أن فرض سيادة إسرائيل على الضفة وغور الأردن سيقوض معاهدة السلام مع المملكة، وقدم رئيس الموساد السابق داني ياتوم وجهة نظر مماثلة".
وأوضحت أن "رابطة "قادة الأمن الإسرائيلي"، التي تمثل عشرات مسؤولي الحرب والأمن السابقين، شنت حملة على الإنترنت تهدف للتأثير على بيني غانتس وغابي أشكنازي وزعيم حزب العمل عمير بيرتس لحجب الدعم عن خطوة الضم، لكن هذه التحذيرات القاسية من كارثة وشيكة، وقعت على آذان صماء، خاصة في هذا الوقت الحساس الذي يجب أن تكون فيه معركة هزيمة الفيروس على رأس جدول أعمال إسرائيل".
وأشارت أن "قدامى المحاربين الإسرائيليين في الجيش والمخابرات الذين يحذرون من خطوة الضم ممن أقاموا علاقات مع الأنظمة العربية لسنوات، في حين أن السياسيين الإسرائيليين الحاليين، يفتقر معظمهم لأي خبرة في الجيش والدبلوماسية، حتى بنيامين نتنياهو، يلتقي ويتفاوض بشكل دوري مع الحكام العرب، ويعرف آراءهم بشأن الضم، والتهديد الذي يشكله في زعزعة استقرار الشرق الأوسط".
وختمت بالقول "أن إسرائيل فشلت بإقامة علاقات رسمية مع المزيد من الدول العربية في السنوات الأخيرة، ولم تعزز التجارة، ولم تقم علاقات دبلوماسية أوثق معها، وبينما تتمتع بدفء طفيف في العلاقات مع بعض الحكام العرب، لكنها ستدفع إسرائيل ثمنا باهظا إن ضمت الضفة الغربية، وتوجه ضربة كبيرة للفلسطينيين، وتزعزع استقرار الأردن، وستنهي أحلامها بالتعاون مع المنطقة، وبناء جبهة موحدة ضد إيران".
عربي 21