قائمة الموقع

شهداء من الطين في متحف غزي

2010-10-12T15:57:00+02:00

الرسالة نت – مها شهوان

من بين الأزقة والبيوت العتيقة التي تفوح منها رائحة عبق التاريخ في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة أصر المواطن مروان شهوان -45 عاما-  على صون وحفظ الهوية الفلسطينية من الضياع والاندثار من خلال جمعه القطع الفنية التي تحاكي التراث الفلسطيني القديم، وحفظها في مكان صغير أسفل بيته لمدة خمس سنوات.

 

وعلى درج حجري منحوت بطريقة فنية راقية نزلت "الرسالة نت" إلى المتحف الذي يقيمه شهوان أسفل منزله لاستقبال ضيوفه الذين توفدوا لمشاهدة التراث الفلسطيني ذي الألوان الزاهية.

 

ويضم المتحف مقتنيات أثرية تعود لمئات السنين حيث العصر البيزنطي والمملوكي والفاطمي .

 

العامود المنحوت

بدأ شهوان جمع القطع والأدوات الأثرية وهو بعمر التاسعة عشر عندما كان يمر بسوق خان يونس وشاهد مكواة نحاسية تعود للعصر المملوكي أصر على شرائها ،ومنذ ذالك الحين وهو يشتري القطع القديمة والفريدة ويحتفظ بها في بيته لدرجة أن أصدقاءه ومعارفه حينما يرون قطع نادرة يهرعون لإخباره ليظفر بها قبل غيره فيضمها لمجموعته النادرة.

ومن بين الأدوات القديمة التي يحتضنها متحف شهوان للآثار والتراث العديد من أواني الطهي وطواحين القمح التي ترجع للعصر الروماني وأخرى للفرعوني، إلى جانب العديد من الأزياء التراثية التي تمثل مدن وقري فلسطين.

وأثناء تجول "الرسالة نت" في المتحف قاطعنا الحديث الطفل عبد الرحيم ابن الستة أعوام  قائلا لوالده وهو يقدم له نصف شيكل مرسوم عليها صورة رجل:"بابا هاي قطعة نقود أثرية حطها بالمتحف"،ذلك المشهد جعل الحضور في حالة دهشة ،حينها علق والده على الموقف قائلا:"تأثر أولادي كثيرا بهوايتي حيث أنني أسعى لتعليمهم إياها لأنها تعلمهم كيفية الحفاظ على التاريخ والهوية".

وأضاف ضاحكا :" الكثير اتهمني بالجنون لشرائي تلك المقتنيات بأسعار غالية ، لكنني سعدت كثيرا حينما رأيت حلمي يخرج إلى النور، مشيرا إلى أنه يطمح بتعليم أحد أبناءه اللغة الانجليزية لكثرة رواد المتحف من الأجانب، ليساعده في فهم ما يقولونه "الأجانب" عند زيارتهم للمتحف.

وفي إحدى زوايا المتحف عمود منحوت بطريقة تجعل الناظر إليه يشعر وكأنه يعيش في عصر الحجري حيث تصطف أجرار الفخار مملوءة  بمئات القطع المعدنية التي ترجع لحقب تاريخية متعددة كالعثماني والعباسي والأيوبي وغيرهم .

قبقاب فضي

وساعد شهوان على استمراره في هواية جمع المقتنيات التراثية مهنة النجارة التي ورثها عن أجداده ،فكان في شبابه يجمع ما يدخره من مال ويشتري بها الأدوات القديمة بالرغم من أنها باهظة الثمن.

وأثناء حديثه عن تاريخ قطعه النادرة توقف لحظة وقال : جمعي لتلك المقتنيات جعلني أتعرف على تاريخ فلسطين بمختلف عصوره، بالرغم أنني بالكاد حصلت على الشهادة الابتدائية".

صمت قليلا حتى أحضر بكرج القهوة الفضي القديم من على كانون الفحم الذي يعود لما يقارب المائة عام ليضيف الحضور ومن ثم واصل تعريف الموجودين بمتحفه .

وبعد تقديم القهوة للضيوف اصطحبهم إلى ركن آخر من المتحف حيث الأدوات القتالية القديمة كالمسدس والبندقية، إلى جانب أدوات النجارة القديمة المصنوعة من الخشب التي ورثها عن عائلته التي اشتهرت بتلك المهنة.

وأوضح شهوان أنه في كثير من الأحيان يأتي إليه أشخاص ويعرضون عليه بيع بعض قطعه الأثرية، لكنه يرفض الفكرة، مبررا الأمر بأنه لا يستطيع بيع هويته .

وفي جهة أخرى من المتحف تفوح رائحة الليمون من تلك المنضدة الخشبية المصنوعة من أشجار الليمون بدقة متناهية محتضنة بداخلها الكثير من الحلي والأقراط الفضية التي كانت تتزين بها النساء في العصور القديمة، إضافة إلى قبقاب وغليون فضي صغير ومعهم جرس كنيسة قديم، كما ويوجد داخل المتحف بعضا من الحيوانات المحنطة القديمة كالنمس الذي يوجد بجانب مدخل المتحف .

وبعد الانتهاء من الجولة داخل المتحف صعد الجميع على الدرج الحجري حتى لفتهم رأسا منحوتا بطريقه دقيقه لفيصل الحسيني معلقا أعلى مدخل المتحف فقد تم نحته على يد فنان فلسطيني.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00