أدانت 17 منظمة حقوقية المشروع "الإسرائيلي" "توربينات الرياح"، المزمع تنفيذه على الأراضي الزراعية المملوكة لسكان القرى المتبقية في الجولان المحتل، والمنتجة للتفاح والكرز بشكل أساسي.
وأكدوا، في بيان مشترك لهم، الأربعاء، أن هذا "المشروع الخطير يُشكل خطرا وجوديا على سكان الجولان السوريين والسوريات، ويهدف لترسيخ الاحتلال الاقتصادي للجولان على نحو مخالف لحق الانتفاع المنصوص عليه في المادة 55 من اتفاقيّة لاهاي الرابعة المتعلّقة بقواعد وأعراف الحرب البريّة لعام 1907".
وطالبوا "إسرائيل"، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، بأن تلتزم بالقانون الدولي وتوقف هذا المشروع، وكافة أنشطة التوسع الاستيطاني في الجولان، وتمتنع عن إحداث أية تغييرات في الجولان المحتل، إلا في الحالات التي تخدم أمن ورفاه السكان السوريين، داعين إياها إلى الامتناع عن استغلال جائحة كوفيد-19 في تمرير هذا المشروع وفرضه كأمر واقع.
وشدّدوا على ضرورة احترم "إسرائيل" لحق السكان السوريين بالجولان المحتل في تقرير المصير والسيادة الدائمة على الموارد الطبيعية، بموجب القانون الدولي، وأن تتوقف عن إصدار تراخيص لاستغلال الموارد الطبيعية في الجولان السوري المحتل، وتوقف أنشطة الشركات التجارية الإسرائيلية والمتعددة الجنسيات العاملة فيه، لضمان احترام المعايير الدولية ومعايير حقوق الإنسان. والحصول على موافقة السكان السوريين قبل الانخراط في أية مشاريع تستخرج موارد الجولان الطبيعية.
كما طالب المجتمع الدولي بالضغط على "إسرائيل" لثنيها عن إقامة مشروع "توربينات الرياح"، وحثها على الوفاء بالتزاماتها الناشئة عن الاتفاقيّات والمواثيق الدوليّة لحقوق الإنسان، وحملها على احترام حقوق السكان السوريين في الجولان المحتل.
وصادقت اللجنة "الإسرائيلية" الوطنية للتخطيط والبنى التحتية، في اجتماعها المنعقد في 9 أيلول/ سبتمبر 2019، بأغلبيّة أعضائها على مشروع "توربينات الرياح". وفي 12 كانون الثاني/ يناير 2020 أقرت اللجنة الوزارية لقضايا التخطيط المشروع، وبات له صفة القرار الحكومي في 30 من الشهر نفسه.
وهذا المشروع الموكل للشركة "الإسرائيلية" "إنرجكس" للطاقة البديلة بتنفيذه، مكون من 32 توربينة، ارتفاع الواحدة منها 220 مترا، ويعد حجمها الأكبر بين التوربينات المستخدمة في العالم حتى الآن.
وقال بيان المنظمات الحقوقية: "أقرت السلطات الإسرائيلية هذا المشروع الخطير رغم رفض واعتراض المؤسسات الزراعية والمنظمات الحقوقية والأفراد من الجولان، بما في ذلك اعتراض مرصد المركز العربي لحقوق الإنسان في الجولان، وجمعيّة حقوق المواطن في إسرائيل، وجمعية مخططون من أجل حقوق التخطيط (بمكوم) نيابة عن11 تعاونية زراعية ومؤسسة أهلية، تضم آلاف المواطنين السوريين.
ومع ذلك ضربت اللجنة الإسرائيلية بهذه الاعتراضات عرض الحائط، وتجاهلت معارضة غالبية السوريين لهذا المشروع الخطير".
وأضاف: "يسفر هذا المشروع حال إقامته عن آثار خطيرة ومدمرة على الجولان المحتل، وسيفضي إلى تدمير جزء هام من اقتصاده الزراعي التقليدي المتمثل في زراعة الأشجار، خاصة التفاح والكرز، إضافة إلى خطره على صحّة سكانه جراء الضجيج والموجات تحت الصوتيّة والوميض، وما يسببه من اضطرابات سمعية".
وأكمل: "ما يزيد من مخاطر هذا المشروع أنه يهدد محل إقامة المزارعين/ات وأفراد أسرهم/نّ في الأراضي الزراعية المزمع إقامة توربينات الرياح عليها، حيث يمكث المزارعون/ات معظم أيام السنة وتنتشر مئات المنازل الصغيرة.
ويتوقع الخبراء في الزراعة والطاقة البديلة والبيئة والفيزياء والصحة أن توربينات الرياح ستجبر المزارعين/ات على ترك الأراضي الزراعيّة التي تنتج محاصيل التفاح والكرز منذ عشرات السنين، والتي تشكّل ما يقارب ثلث أراضيهم الزراعيّة".
وتابع البيان: "ستؤدي إقامة هذا المشروع أيضا إلى عرقلة التوسع العمراني لثلاث قرى سورية محتلة من أصل خمس قرى تبقت في الجولان بعد احتلاله في 1967، هم (مجدل شمس) و(مسعدة) و(بقعاثا)، مما يفاقم أزمة السكن الخانقة التي يواجهها سكان هذه القرى، إضافة إلى تشويه المشهد الطبيعي للجولان المحتل، وتعريض الحياة البريّة للخطر".
وبحسب المعطيات المتوفرة لدى المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، حرصت "السلطات الإسرائيلية على إقامة هذا المشروع بعيدا عن منطقة مستوطناتها غير القانونية، مفضلة إقامته على الأراضي الزراعية التابعة للسكان السوريين وبين قراهم. الأمر الذي يعزز الاستنتاج بأن سلطة الاحتلال تحرص على حماية المستوطنين من أضرار التوربينات وتحافظ على جودة حياتهم، بينما لا تقيم اعتبارا لمصلحة وصحة السكان السوريين بوصفهم السكان الأصليين".
وأردف البيان: "يأتي هذا المشروع الضخم في ظل استمرار النزاع المسلح في سوريا، حيث تستغل دولة إسرائيل كسلطة احتلال واقع الحرب المأساوي والمرير لتقوية قبضتها على الجولان المحتل وسيطرتها على الأرض بشكل يصعب تداركه في المستقبل، لا سيما بعدما نجحت قبل عام في انتزاع اعتراف من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة دولة الاحتلال الإسرائيلي على الجولان، وتبع ذلك توسع غير مسبوق في المشروع الاستيطاني، وما يرتبط به من مساعٍ استيطانية بشكل غير مسبوق".
ووقّع على البيان كل من منظمة الحق، والشبكة السورية لحقوق الإنسان، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، ومنظمة رصد الإفلات من العقاب، واورنامو للعدالة وحقوق الإنسان، وشبكة سوريا القانونية في هولندا، وتحالف منظمات المجتمع المدني السوري، ومؤسسة اليوم التالي، ومؤسسة بدائل، ومؤسسة التآخي، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، ومركز وصول لحقوق الإنسان، ومساواة، ومنظمة كش ملك، ونقطة بداية.