تزعم السلطة أنها تُنفق ملايين الدولارات على غزة، دون أن يعود منها دولارا واحدا إلى خزينتها، في محاولة من السلطة للقول إن القطاع يكلف خزينتها الكثير من الأموال، إلا أن الحقيقة غير ذلك.
فالسلطة لم تترك بابا يجلب لها الأموال عبر استغلال قطاع غزة المنكوب والمحاصر، إلا وطرقته، ليكون نصيب خزينة السلطة حصة الأسد من هذه الأموال، والفتات لغزة.
ولعل حجم "الهالة الإعلامية" الكبيرة التي تحظى بها أي مساعدة تُجلبها السلطة للقطاع، يبيّن حقيقة ذلك، في وقت تصرف فيه السلطة هذه الأموال على أصغر محافظة في الضفة دون الحديث كما يحدث لغزة.
مشروع استثماري
ومؤخرا، ادعى روحي فتوح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إن السلطة تصرف على قطاع غزة 100 مليون دولار شهريا دون أن يعود لخزينتها شيئا.
وفي التقرير التالي سنفنّد حديث فتوح، ليتضح أن غزة تستفيد من السلطة أكثر مما تعطيها، وهو ما يجعل قطاع غزة المنكوب مشروعا استثماريا ناجحا للسلطة.
فلو تحدثنا عن أموال المقاصة التي تجبيها (إسرائيل) نيابة عن السلطة، نجد أن الأخيرة تستلم شهريا قرابة 160 مليون دولار من الاحتلال، بدل أموال المقاصة فقط، وهو ما يجعل مساهمة قطاع غزة كبير من هذه الأموال.
وليس غريبا أن غزة تساهم بأكثر من نصف هذه الأموال، لعدة أمور، منها الاغلاق المحكم لجميع معابر القطاع باستثناء معبر "كرم أبو سالم" الذي تجبي (إسرائيل) منه أموال المقاصة وتدفعها للسلطة، ومعبر رفح التجاري الذي فُتح حديثا.
وبذلك تكون السلطة قد جمعت ملايين الدولارات من أموال المقاصة عبر معبر "كرم أبو سالم" خلال السنوات الماضية، في وقت يعيش فيه قطاع غزة على السلع الاستهلاكية المستوردة، بسبب تدمير الاحتلال للمصانع المحلية وقضاء الحصار على ما تبقى منها.
ويعود ضعف تحصيل أموال المقاصة من معابر الضفة المحتلة، بسبب المساحات الواسعة والانفتاح على (إسرائيل)، والتي تزيد احتمالية تهريب البضائع عبر طرق إلتفافية دون دفع الضرائب عبر المعابر، في وقت لا تستطيع تهريب أيا من البضائع الى قطاع غزة.
ولو افترضنا أن نصف أموال المقاصة تأتي من قطاع غزة، فتكون مساهمة غزة في أموال المقاصة 80 مليون دولار شهريا.
ولكن، ما هي الحصة المفترضة لقطاع غزة من ميزانية السلطة؟ في زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات كان قطاع غزة يأخذ 40% من الموازنة، وهو ما يعني أن الـ 6 مليار دولار التي تعلن عنها السلطة كموازنة سنوية لها، يجب أن يذهب 2.4 مليار دولار منها لقطاع غزة، -أي 200 مليون دولار شهريا- وهذه الأموال لم تعد تصل قطاع غزة منذ الانقسام عام 2006.
ولو تحدثنا عن بند المنح والمساعدات، فرغم أن الجميع يدرك أن أغلبية المنح تأتي للسلطة من أجل دعم قطاع غزة، إلا أن ما يصل القطاع الفتات، وهو ما دعا الكثير من المانحين كالاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لضرورة الصرف على قطاع غزة وعدم تهميشه.
وتجدر الإشارة إلى أن موظفي السلطة في قطاع غزة يتقاضون ما نسبته (50-75%) من رواتبهم منذ أكثر من عامين، كما أن الميزانية التشغيلية للوزارات والمؤسسات الحكومية العاملة في قطاع غزة صفر منذ سنوات، في حين يتلقى موظفي حكومة غزة أموالهم من الإيرادات المحلية في وقت ترفض فيه السلطة دفع شيكل واحد لهم.
وخلال السنوات الماضية، طالت "مجزرة قطع الرواتب" آلاف الموظفين والأسرى والمحررين والجرحى وأهالي الشهداء والأسر الفقيرة، في وقت يشير في تقرير إلى أن 92% من هذه الفئات تسكن في قطاع غزة.
وأخيرا، نود الحديث أن الشركات الكبرى مثل البنوك وشركة الاتصالات وجوال وشركات التأمين تدفع جميع ضرائبها للسلطة، في حين لم تتلق غزة أية حصة من هذه الأموال.