بعد الاتفاق على تشكيل الحكومة (الإسرائيلية) التي تأخر ميلادها لأكثر من عام، عاد الإعلام العبري للحديث مجددا عن ضم الضفة الغربية للسيادة (الإسرائيلية).
ووفق ما تم اعلانه فإن نتنياهو وغانتس وقعا على مخطط الضم، الذي ينص على أن "رئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل سيعملان بالتنسيق من أجل دفع اتفاقيات سلام مع جاراتنا"، وكذلك "بكل ما يتعلق بتصريح الرئيس ترامب" حول "صفقة القرن".
وحسب البند 29 في الاتفاق، فإنه بدءا من يوليو المقبل، بإمكان نتنياهو أن يطرح "الموافقة التي سيتم التوصل إليها مع الولايات المتحدة بشأن فرض السيادة في الكابينيت، وأنه يحظر على حزب أزرق أبيض تأخير الاقتراح في لجان الكنيست.
وفي حال الضم (الإسرائيلي) فإن الأمر سيكون مثيرا للجدل ومحل ادانات دولية واسعة، وسيقضي على جميع الآمال المتبقية لإقامة دولة فلسطينية.
** معيقات الضم قليلة
ويرى الخبير في شؤون الاستيطان عبد العظيم وادي أن الظروف حاليا غير مهيأة لضم الضفة بالكامل بسبب الرفض المحلي والدولي، "ولكن المناطق ج سهلة جدا في الضم، لأن الضم يحدث حاليا حتى من دون الإعلان عن فرض السيادة".
وقال وادي في حديث لـ "الرسالة": "في المناطق الأخرى الأمر مختلف، فالسيادة ستكون شكلية نوعا ما ولها أهدافها، ولكن مع مرور الوقت سيعمل الاحتلال على تغيير ديموغرافية المنطقة".
وتحدث وادي عن غور الأردن، وما سيتبعه من مشاكل مع المملكة الأردنية الهاشمية، "وبالتالي هناك عقبات كبيرة في ضمه".
من جهته، قال أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة النجاح الدكتور أحمد رأفت إن مناطق ج يمكن ضمها بكل سهولة "لأنه لا تواجد فلسطيني في هذه المناطق وأكثر من 85% من مستوطني الضفة يقبعون فيها، والتواصل الشرياني قوي جدا، وبالتالي ليس مفاجئا ضم هذه المناطق".
وعن المخاطر الأمنية لفرض السيادة على الضفة قال رأفت في حديث لـ "الرسالة": "لا شك أن ضم الضفة سيشكل متاعب كبيرة، ولكن الاحتلال يأخذ جميع احتياطاته الأمنية.
وأشار إلى أن اتفاقية "أوسلو" مهدت للضم منذ أكثر من 25 عاما،وشبكة المستوطنات موجودة في "مناطق رؤية" أي أنه تم اختيارها بعناية بالغة حتى تسيطر على من حولها من المناطق، ودون مخاطر.
وشكّل نتنياهو لجنة مشتركة (إسرائيلية) – أمريكية، ستبدأ برسم الخرائط استعدادا لضم الضفة، وسربت اللجنة نشاطها لوسائل الإعلام المتماهية مع المستوطنين، من أجل الإشارة أن الموضوع لم يتم نسيانه".
وخرج طوفان من التنديدات الشديدة، في أعقاب الإعلان عن توقيع الاتفاق الائتلافي للضم بين نتنياهو وغانتس، من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيرلندا ودول أخرى في أوروبا التي عبرت عن موقف واضح ضد الضم.
** الضم سيحدث
وفي ذات السياق، قال إيلان باز المسؤول الأمني (الإسرائيلي) السابق إن الحكومة الجديدة ينتظرها تحديان رئيسيان، يتمثلان بمحاربة فيروس كورونا الذي انتشر في (إسرائيل)، وقضية ضم أجزاء من الضفة الغربية للسيادة (الإسرائيلية).
وأضاف باز الذي شغل منصب الرئيس السابق للإدارة المدنية في الضفة الغربية، أن القيادة (الإسرائيلية) تقدم قضية الضم على غيرها.
وانتقد تقديم الضم بدلا من البحث عن إعادة تأهيل الاقتصاد ومساعدة الأسر التي انهارت بفعل توقف الاقتصاد ومعالجة النظام الصحي السيئ، والنزيف لميزانية الدولة بسبب مرض "كورونا".
وأشار إلى أنه رغم الاتفاق الحاسم على قضية الضم، إلا أن مؤيديه لم يسألوا أنفسهم كيف سيؤثر على الاتفاق مع الفلسطينيين؟، وهل سيعرض عملية السلام للخطر؟ وهل نحن على استعداد لإعادة السيطرة على ملايين الفلسطينيين؟
في حين قالت ما تسمى هيئة "قادة أمن إسرائيل" التي تضم فريقا من الخبراء درسوا جميع جوانب قضية ضم الضفة، وجاء الاستنتاج الذي توصلت إليه بأن "عملية الضم سواء كانت واسعة النطاق أو جزئية، ستلحق أضرارا جسيمة بأمن (إسرائيل)، واقتصادها وعلاقاتها مع جيرانها في دول المنطقة، وستؤدي إلى ردود فعل متسلسلة لن تستطيع (إسرائيل) السيطرة على اتجاهاتها".
وكلفت الهيئة، وفق قولها، 3 اقتصاديين كبار عملوا سابقا كرؤساء تنفيذيين في وزارة المالية (الإسرائيلية)، بدراسة الجوانب الاقتصادية لعملية الضم ودرسوا التكاليف المباشرة وغير المباشرة لهذه الخطوة، وخلصوا إلى أن التكلفة المباشرة عشرات المليارات، وأن التكلفة الثابتة لإدارة المنطقة والفلسطينيين ستكون 52 مليار شيكل (14.8 مليار دولار).
وتضمّنت الخطة التصفوية الأمريكية -التي عرضها الرئيس دونالد ترامب في آخر يناير الماضي اقتراح ضم (إسرائيل) 130 مستوطنة تقع في الضفة، وأيضا غور الأردن، وهو ما رفضه الجانب الفلسطيني.
وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن ما تخطط له (إسرائيل) من ضملأجزاء من الضفة سيلتهم أكثر من 30% من مساحتها، وحذرت السلطةمرارا من أن الضم سينسف فكرة حل الدولتين من أساسها.
واستولت (إسرائيل) على الضفة الغربية في حرب عام 1967، ومستوطناتها الآن موطن لحوالي 500 ألف (إسرائيلي)، بالإضافة إلى أكثر من 200 ألف (إسرائيلي) يعيشون شرقي القدس التي ضمتها (إسرائيل).