يستغل الاحتلال الإسرائيلي انشغال العالم بجائحة كورونا، ليواصل خطته العنصرية في إذلال المقدسيين وتعمد إهمالهم الطبي بعدم توفير الاحتياجات الوقائية لمواجهة الفايروس، ولم يتوقف عند هذا الحد بل اعتقل الشهر الماضي شبانا مقدسيين كانوا يعقمون شوارع وأحياء بلدة سلوان المقدسية ويوزعون نشرات توعوية بشكل تطوعي.
ويمارس جنود الاحتلال منذ أواخر مارس الماضي حملة عقاب جماعي طالت أهالي حي سلوان الواقع جنوب المسجد الأقصى البالغ عددهم حوالي 70 ألف مقدسي، حيث أغلقوا الشوارع والطرقات بواسطة الحواجز العسكرية، ومنعوا المقدسيين من الوصول إلى العيادات الطبية لإجراء الفحوص للوقاية من تفشي فايروس كورونا.
ويعتبر حي سلوان الأكثر اكتظاظا بالسكان رغم ضيق مساحته، وهذا ما يفسر نداءات التحذير لاتخاذ الإجراءات الوقائية خشية تفشي الوباء في ظل غياب جهة تنفيذية تفرض إجراءات الحظر والتباعد الاجتماعي رغم تسجيل العشرات من الإصابات، ما دفع سكان الحي لسد الفجوة عبر تشكيل لجان.
يقول أحمد سمرين عضو رابطة حمايل سلوان:" شكلنا لجانا لأخذ جميع الإجراءات الوقائية، ووزعنا نشرات توعوية والمناداة في المساجد لتحذير الجمهور من التجمهر، كما طالبنا التجار الالتزام بالتعليمات".
ووفق الإحصاءات الأخيرة فقد سجلت بلدة سلوان أكبر عدد من المصابين بكورونا، وكانت حالة الوفاة الأولى الاثنين الماضي، بعدما ماطلت سلطات الاحتلال في توفير مستلزمات مواجهة "كورونا"، ولولا الضغوط الشعبية لما تم السماح للمقدسيين بإنشاء وحدة للفحص في مركز عين اللوزة الطبي.
وفي تصريحات صحفية ذكر مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية أن سلطات الاحتلال تمارس التمييز العنصري بحق الفلسطينيين حيث تمنع الفحوصات الطبية الخاصة بفيروس كورونا في القدس.
وأوضح أن 74 بالمئة من الإصابات في القدس والضفة سببها الاحتلال الذي يتعمد نشر الفيروس في صفوف الفلسطينيين عبر المستوطنين المصابين بكورونا الذين يقتحمون بشكل يومي القرى والبلدات الفلسطينية ويعتدون على أبنائها.
ولفت البرغوثي إلى أن الأوضاع الصحية في القدس في غاية الخطورة في ظل مواجهة الشعب الفلسطيني لوباءين في الوقت نفسه هما كورونا والاحتلال العنصري.
بدوره قال الناطق الإعلامي باسم أهالي سلوان فخري أبو دياب:" يتعمد الاحتلال إبقاء الحي مفتوحا على العالم الخارجي رغم أنّ 67% من سكانه يخالطون الجزء الغربي من مدينة القدس المحتلة التي تتفشى بها الجائحة؛ وذلك كي لا يلتزم بالدعم اللوجستي لسكانه حال إغلاقه".
وفيما يتعلق بأعداد المصابين والمخالطين في سلوان، لفت أبو دياب إلى أن الاحتلال يفرض ضبابية حول المعلومات بهذا الشأن، خاصة أن جميع المعلومات والأرقام تصل وزارة الصحة "الإسرائيلية" والتي بدورها لا تعيد نشرها للسكان.
وعن التحديات التي تواجه سكان الحي مع انتشار كورونا، أكد أنه لا يتوفر رعاية صحية للمصاب، مع عدم إمكانية الوصول للمشافي الفلسطينية؛ وذلك بسبب العقوبات التي سيتم فرضها في حال التواصل مع اللجان الشعبية الفلسطينية.
ونوه إلى أن الاحتلال أغلق مركز الفحص الذي استطاعت وزارة الصحة الفلسطينية تزويد "سلوان" به، ووفرت بداخله أطباء متخصصين؛ من أجل إحكام سيطرته على كافة مناحي الحياة.
وبحسب أبو دياب فإن المواطن المقدسي يجبر على دفع تأمين شهري تقدر قيمته بآلاف الشواقل للاحتلال الإسرائيلي، فيما يعاقب كل من لا يلتزم بحجوزات وغيرها من العقوبات، ومع ذلك لا تقدم له خدمة تتناسب مع حجم ما يدفعه مقارنة بالإسرائيليين.
ويتخبط السكان من خوف وباء يداهمهم وحالة الإهمال التي أفرزتها الحالة السياسية، لذا وجه مركز حماية لحقوق الإنسان رسالة لعدد من الهيئات والشخصيات الدولية، انتقد فيها الإجراءات العنصرية التي يمارسها الاحتلال بحق الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة.
وأوضح في رسالته أن سلطات الاحتلال تواصل التخلي عن مسئولياتها بموجب أحكام وقواعد القانون الدولي تجاه سكان مدينة القدس المحتلة في ظل جائحة كورونا.
وطالب المركز في رسالته بالضغط على سلطات الاحتلال وإلزامها بتنفيذ قرارات وتوصيات الأسرة الدولية المتعلقة بمدينة القدس ووقف إجراءاتها العنصرية ضد المقدسيين في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ودعا سلطات الاحتلال إلى تنفيذ التزاماتها المتعلقة بالرعاية الطبية، واتخاذ الإجراءات لمقاومة الأمراض المعدية والأوبئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عمومًا وفي مدينة القدس على وجه الخصوص.