قائمة الموقع

الرياضة الفلسطينية في ظل النكبة

2020-05-01T15:16:00+03:00
بقلم : أ. خليل العلي ..مدير المؤسسة الفلسطنية للشباب والرياضة في لبنان

              
قد يتساءل من يقرأ  عنوان المقال  عن  مدى تأثر الرياضة الفلسطينية  بالنكبة وقد أُحتُلت الأرض  وهُدّمت البيوت وهجٍر شعبنا  وارتقى الالاف من الشهداء الأبطال دفاعا ً عن الأرض ،وضاعت القدس وأزيلت مدن فلسطينية كثيرة عن الوجود. 
 ولا غرابة في هذا التساؤل، ولكني أقول: لقد كتب الكثير من المؤرخين أو الكتاب عن كل فصل من فصول النكبة  وتأثيرها على كل مكونات الشعب الفلسطيني  وتوسعوا في ذلك ونقلوا الصورة  بتفاصيلها المأساوية و بفصولها الجهادية والبطولية، وأردنا نحن في تخصصنا الرياضي أن نبرز ألأثر الذي تركته النكبة على الرياضة الفلسطينية  بعد أن كانت في قمتها وتألقها عربيا. 

الأندية الفلسطينية   طورت العابها رغم الانتداب البريطاني  :

كان لأثر التواجد الاسلامي العثماني على أرض فلسطين  منذ العام 1916 ايجابيات كثيرة  ومنها الجانب الرياضي حيث تأثر الرياضيون والاندية الفلسطينية ببعض الرياضات التي كان يمارسها العثمانيون  حينها  ، فتعرف الفلسطينيون على العاب لم تكن متوفرة  في رياضاتهم  واعتمدوها ثم ابدعوا فيها كالفروسية والقوس والرمح والمصارعة والسباحة والقدم وغيرها. ثم كان للإنتداب البريطاني على فلسطين  وهو إنتداب  إحتلالي  سيء بكل معاييره ولا توجد ايجابية واحدة فيه، لكن التعلم من العدو بعض اساليبه  واضافتها الى اسلوبنا  يجعلنا  في حال أفضل، وهذا ما  أفادنا  حين تعرف الرياضيون الفلسطينيون على نمط جديد من الرياضات التي بدأت تتطور في العالم  ومارسها البريطانيون على أرض فلسطين واكتسبها الرياضيون والاندية الفلسطينية وطوروا  العابهم واساليبهم ورياضتهم ليتألقوا فيها .
في العام 1928 تأسس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم  وانتسب الى الاتحاد العالمي الفيفا  وشاركت فلسطين في كاس العالم عام 1934  وشاركت في بطولات عدة على صعيد الالعاب  الأولومبية وغيرها   . 

*البريطانيون يحاصرون الرياضة الفلسطينية :*

شهدت الرياضة الفلسطينية  تطورا كبيراً  أقلق البريطانيون واليهود  ، فعمد البريطانيون إلى دعم الرياضة اليهودية التي كانت تمثل 4 %  على حساب الرياضة الفلسطينية   96% ، فتم  اشراكهم  في الدورات التي ينظمها الإنتداب  لفرقه والفرق الأجنبية  واقامة بطولات محلية لليهود (ماكيبات ) وأدخلوا خلالها الاف من الشباب اليهودي الى فلسطين   بحجة المشاركة  فيها  وفي الحقيقة كانوا محاربين  وضباط    ،  ثم عمدوا و حاولوا السيطرة على الإتحادات الفلسطينية من خلال زيادة الأعضاء من اليهود فيها للسيطرة عليها لأنهم كانوا يدركون تأثير الأندية والشباب الرياضي في الشارع الفلسطيني لما يتميز به الشباب الفلسطيني من قوة بدنية وفتوة وعنفوان وإنتماء وطني عميق, فكان تشكيل الإتحاد العربي الفلسطيني عام 1944 رداً على ذلك ومنعاً لسرقة انجازات  الرياضة والأندية الفلسطينية  .

*فلسطين أقدم اتحاد آسيوي يشارك في كأس العالم :*

كانت  فلسطين قبل النكبة تعج بالأندية الفلسطينية  الإتحادية  المتميزة  من البصة وضواحيها  الى غزة  ومدنها الى القدس ومدنها حتى وصل عدد الأندية في الدرجة الأولى حوالي الخمسين ،  ومثلها في الدرجات الأدنى  ، وتميزت هذه الأندية بالتنوع الرياضي في العابها ، والأهم من ذلك أن فلسطين أقدم اتحاد في الإتحادات الآسيوية التي شاركت في كاس العالم 1934.

*الأندية الفلسطينية والتهجير القصري في ظل النكبة 48:*

 بعد نكبة فلسطين وإحتلال اليهود للمساحة الأكبر  من أرض فلسطين  التاريخية  وعاصمتها القدس  تشتت الأندية الفلسطينية   ،وأغلقت مراكزها  وهدم بعضها، ومنها من حوله اليهود الى مراكز ادارية  ، وتم تحويل بعض ملاعبها الى مواقف للسيارات ،  وهجر اللاعبون الى بقاع الأرض مع عائلاتهم، وبقيت بعض الأندية  في المدن التي لم يسيطر عليها الإحتلال  مثل القدس الشرقية  وضواحيها وغزة وبعض مدنها ، لكن الإحتلال   قطع طرق التواصل ما 
بين المدن الفلسطينية غير المحتلة منعاً لإعادة جمع القوى والتجمعات   ،  فتشكلت في القدس الروابط الرياضية للحفاظ على الشباب الفلسطيني والأندية التي كانت تمارس رياضاتها ضمن بطولات الروابط المقدسية  ، وفي غزة  رغم أنها كانت تحت الإدارة المصرية  إلا أنه أعيد  تشكيل الاتحاد العربي الفلسطيني  الذي مارس دوره على المستوى العربي والآسيوي   والدولي حتى العام 1967 .

*عودة الحياة للرياضة الفلسطينية  رغم الصعوبات وانحياز الغرب للمحتل :*
 
أعيد تشكيل الأطر الرياضية الفلسطينية بعد نكسة 1967 فاعيد تشكيل المجلس الأعلى للشباب والرياضة  في بداية السبعينيات  وتشكيل كافة الاتحادات الرياضية  وأعيد الإنتساب (الإحتلال سرق وزور كل الوقائع  وسرق العضوية الاولومبية كما الفيفا ) من جديد  الى اللجنة الاولومبية الاسيوية عام 1986 والدولي عام 1995 والاتحاد العالمي لكرة القدم الفيفا  عام 1998  وما زالت الرياضة الفلسطينية رغم النكبة تلو النكبة  مستمرة في  أحتضان الأندية الفلسطينية في الضفة الغربية  والقدس وغزة والشتات وفي أماكن تجمعات المهاجرين الفلسطينين في امريكا الشمالية والجنوبية واوروبا .
قد تكون النكبة  تركت جراحاً في الجسد والفكر الفلسطيني  وفي التخصصات  الحياتية،   لكن العودة  والتمسك بها  والعمل من أجلها هو بلسم ودواء للنكبة و للتهجير والمعاناة والبعد عن الوطن  ولا بد اننا  بإذن الله عائدون .

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00