حتى الآن، أصاب فيروس كورونا المستجد نحو 3.4 ملايين شخص حول العالم، توفي منهم ما يزيد على 241 ألفا، وتماثل للشفاء مليون و23 ألفا و900 مريض، وفق أرقام أوردتها وكالة الأنباء الفرنسية.
وخلال 24 ساعة الأخيرة شهدت الولايات المتحدة تسجيل 1453 وفاة إضافيّة بفيروس كورونا المستجدّ، مما يرفع إجماليّ عدد الوفيّات في البلاد إلى أكثر من 66 ألفاً، وقد تجاوز عدد الإصابات 1.1 مليون.
ورغم أنّ أعداد الضحايا ما زالت مرتفعة، فقد بدأت 35 من الولايات الخمسين رفع إجراءات العزل الصارمة التي فرضتها، أو باتت على وشك القيام بذلك، في وقت تتضاعف المظاهرات "لإعادة فتح أميركا".
لكن أندرو كومو حاكم نيويورك أكد أمس السبت أنه يعارض مطالب "سابقة لأوانها"
بإعادة فتح الولاية، مشيرا إلى أنه يعلم بأن الناس يعانون في غياب الوظائف، إلا أنه شدد على ضرورة فهم فيروس كورونا بشكل أكبر.
وتعتبر نيويورك بؤرة الوباء في الولايات المتحدة، وسجلت حتى الآن ما يزيد على 17 ألف وفاة.
ومع تحرك حكام نصف الولايات تقريبا لإعادة فتح النشاط الاقتصادي بشكل جزئي، قال كومو إنه بحاجة إلى معلومات أكثر عن تأثير الجائحة على نيويورك قبل أن يخفف القيود عن ولايته.
وأضاف حاكم نيويورك "عندما تكون في موقف لا تعتاده فإن هذا لا يعني أن تتقدم بشكل أعمى".
إلى المدارس والأسواق
وحتى الحين، سجلت القارة الأوروبية ما يفوق 1.4 مليون إصابة بالفيروس، في وقت تجاوزت الوفيات 138 ألفا والتي تتركز في إيطاليا والمملكة المتحدة وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا.
لكن العديد من الدول المنكوبة والمتضررة بدأت تخفيف إجراءات العزل والإغلاق، وسمح بعضها بالعودة للمدارس.
ففي ألمانيا قررت السلطات فتح المدارس بدءاً من يوم غد الاثنين في بعض الولايات. وفي النمسا، عادت الحياة للشوارع التجارية في فيينا مع فتح بعض المتاجر، في حين يتواصل تخفيف العزل في الدول الإسكندنافية التي لا تزال تفرض قيوداً وتباعداً اجتماعياً.
وفي العاصمة روما، ناشد دومينيكو أركوري مسؤول الخلية المكلفة بمكافحة الوباء المواطنين التزام الحذر مع بدء إجراءات تخفيف العزل اعتبارا من الاثنين.
وتبدأ إيطاليا غدا تخفيف بعض القيود مع فتح المتاجر، والسماح بالزيارات العائلية والتجمع بعدد محدد.
وقال أركوري "تبدأ الاثنين المرحلة الثانية. علينا أن ندرك أنها ستكون بداية تحد أكبر" منبها الإيطاليين بأن "الحرية النسبية" التي ستمنح لهم غدا سيعاد النظر فيها إذا انتشر الوباء مجددا.
أما في فرنسا فقد قررت الحكومة تمديد حالة الطوارئ الصحية السارية حتى 24 يوليو/تموز المقبل، معتبرة أن رفعها سيكون "سابقا لأوانه".
وفي بريطانيا، بلغ الوباء ذروته وفق قول رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي وعد بالكشف عن خطة رفع العزل الأسبوع المقبل.
أبطال في مواجهة الموت
وأمس استمتع الإسبان من جديد بممارسة الرياضة والتنزه في الهواء الطلق، فخرج العديد من السكان في مدريد وبرشلونة وغيرها من المدن لممارسة رياضة الجري أحياناً في مجموعات.
وروى ماركوس أبيتوا المستشار المالي البالغ 42 عاماً أنه استيقظ استثنائياً عند السابعة صباحاً، وقال "بعد أسابيع من العزل، كنت أرغب كثيراً في الخروج والركض ورؤية العالم.. كنت كطفل عشية عيد الميلاد".
ويفترض أن يتواصل رفع العزل في البلاد على مراحل حتى نهاية يونيو/حزيران المقبل.
واعتباراً من الاثنين، تفتح بعض المحلات الصغيرة مثل مصففي الشعر الذين بات بإمكانهم استقبال الزبائن بشكل فردي وبموعد مسبق، كما سيحق للحانات والمطاعم بيع منتجاتها.
غير أن وضع الكمامات سيصبح إلزامياً في وسائل النقل العام اعتبارا من الاثنين، كما أعلن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز.
ومع دخول مرحلة التعافي، يتكشف الدور البطولي الذي لعبه سائقو التاكسي في إسبانيا، وهو ما مكن من إنقاذ حياة أعداد هائلة من المرضى والأطباء على حد سواء.
ففي شوارع مدريد الخالية، صار سائقو سيّارات الأجرة ينقلون الأطبّاء مجانا من بيت إلى آخر أو يوصلون المرضى إلى المستشفيات، وتُساعد رحلاتهم المجّانية أطباء الخطّ الأول في مكافحة فيروس كورونا المستجدّ.
ورغم أنّ دور هؤلاء السائقين بقي مجهولاً إلى حدّ كبير، فإنّ العاملين الصحّيين يعتبرون أنّه بات أساسيّاً في جهود مقاومة الوباء الذي أودى بنحو 25 ألف شخص في البلاد.
وفي مدريد، أكثر مناطق البلاد تضرّراً، تطوّع ما يزيد على خمسمئة سائق أجرة عبر تطبيق "بايد تاكسي" وأجروا أكثر من مئة ألف رحلة مجّانية.
سائق الأجرة غابي سايث واحد من هؤلاء الجنود، وقد أمضى الأسابيع الستّة الأخيرة خلف المقود. ويقول "يُنبّهني التطبيق عندما يحتاجون إلى مساعدة، وإذا كنتُ الأقرب إلى المكان، أتوجّه إليه".
رغم المخاطر، يقول إنّه ليس خائفاً بل شديد الحذر، إذ يضع دائما كمامة وقفازات ويعقّم السيارة بعناية عقب كلّ رحلة.
ويضيف السائق البطل "في هذه الأوقات، علينا جميعا المساهمة حتى وإن كان ما يمكننا القيام به محدودا".
ونتيجة توفير خدمات النقل المجّاني في 266 مركزا صحّياً بالمنطقة، تمكّنت الأطقم الطبّية من زيارة مرضى في منازلهم لتخفيف الضغط على المؤسسات الصحّية.
ويقول أندريس فيغا رئيس "بايد تاكسي" إن المراكز الصحّية تطلب سيارة أجرة لزيارة كبار السنّ ومَن يحتاجون علاجا والمصابين بكوفيد-19.
وتقوم الفكرة على خفض عدد الأشخاص الذين يذهبون إلى المراكز الصحّية، حتى لا يُصابوا بالعدوى أو ينقلوها إلى الطواقم الطبّية.
ويضيف فيغا "قد يُجري سائق سيّارة أجرة عشر رحلات أو عشرين رحلة في اليوم لأطقم طبّية. وعوض أن يذهب المرضى إلى المراكز الصحّية، يزورهم أطبّاء أو ممرّضون".
ويتابع "ساهم ذلك بشكل كبير في وقف انتشار الفيروس، والمساعدة على احتوائه وحماية العاملين في قطاع الصحّة من العدوى".
من ناحيتها، تقول الممرضة سارة ديل كارمن فينسنتي "بالنسبة إليّ، دورهم ضروري للغاية".
وتضيف "يأخذونك إلى منازل الناس، ينتظرونك ثم ينقلونك إلى وجهتك المقبلة. إنهم دائما في الخدمة، موجودون دائما والبسمة تعلو وجوههم".
وتتابع "يسألون دائما عن حالنا، عن وضعنا النفسيّ وحال المرضى، وإن كان الوضع يتحسّن، كما لو كانوا جزءا من عائلتك".
وانتشرت في مواقع التواصل بكثافة مقاطع فيديو لأطباء وممرضين يحيّون سائقي سيارات أجرة على عملهم، ويظهر سائقون يبكون عندما تحيّيهم الأطقم الطبّية عند وصولهم إلى المراكز الطبّية.
ويعود السائق سايث -الذي تعمل زوجته أيضا بنفس المهنة- ليقول "كان من المحزن رؤية العاملين الصحيين ينهارون".
ويختم بالقول "بالنسبة إليّ، هؤلاء الأطباء والممرضون أبطال، لذلك يجب أن نحاول تهدئتهم ودعمهم".
المصدر : وكالات