بدلا من أن يحتفل الصحافي الفلسطيني كبقية زملائه في أنحاء العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، يبقى يقلب أوجاعه ويرصد الانتهاكات التي تعرض لها وزملاؤه طيلة العام، فلم يكن مفاجئا أن أعلن الاحتلال في الثالث من مايو الذي يصادف اليوم العالمي لحرية الصحافة، الحكم على الصحافية ميس أبو غوش بالسجن 16 شهرًا ودفع غرامة مالية 2000 شيقل.
منذ اعتقال أبو غوش-22 عاما- نهاية أغسطس الماضي، تعرضت لتعذيب شديد في مركز تحقيق "المسكوبية" استمر لأكثر من شهر، وفي تلك الفترة حرمت لقاء المحامين، لكن بعد ذلك تمكنت من أن توصل للعالم الخارجي ما عانته من حرمان النوم والشبح على مدار الساعة خلال التحقيق، عدا عن تحويلها للتحقيق العسكري واستخدام أسلوبي ما يعرف "بالموزة" و "القرفصاء" عند شبحها.
وبحسب ما أخبرت به الصحافية المعتقلة ذويها أنه في إحدى المرات تعمد المحققون إدخال جرذ كبير إلى الزنزانة لإيذائها، عدا عن مماطلتهم في الاستجابة لأبسط مطالبها كحرمانها من الدخول إلى الحمام، واستفزازها والسخرية منها.
يذكر أن الأسيرة أبو غوش شقيقة الشهيد حسين أبو غوش وشقيقة الفتى سليمان أبو غوش (17 عاماً) والمعتقل إداريا للمرة الثانية، واتهمت بممارسة نشاطات عسكرية ضمن الأنشطة الطلابية لكن رغم التحقيقات لم يثبت ذلك، بالإضافة إلى أن الاحتلال لا يزال يحرم ذويها زيارتها، علما أن جلسات المحكمة تعقد في معتقل (عوفر)، المتاخم لمدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
ورغم أساليب التعذيب القاسية لم تكن لتستسلم الاسيرة الصحافية، يقول والدها بأنه بعد اعتقالها بعدة أسابيع استدعته مخابرات الاحتلال، وخلال التحقيق معه في معسكر عوفر هددته إحدى المحققات بالحكم على ميس بالسجن المؤبد، وسألته "إنت كيف بتربي ولادك؟ ليش بنتك عنيدة هيك؟
وبحسب قوله فإن "ما لاقته ميس من تعذيب في سجون الاحتلال، جزء من المعاناة التي تعيشها الأسيرات، وبخاصة الأسيرة الجريحة إسراء الجعابيص".
وكان الاحتلال الاسرائيلي فرض على المؤسسات الحقوقية أمر حظر نشر تفاصيل التعذيب الذي تعرض له أكثر من 25 أسيراً فلسطينياً بينهم ميس أبو غوش، لكن بعد وقت أعلنت مؤسسة الضمير، عن جزء من الانتهاكات التي تعرضوا لها.
أبو غوش ليست الصحفية الوحيدة التي تعاني ويلات الاحتلال داخل المعتقلات، فهناك 15 صحفيا أقدمهم الأسير محمود عيسى من القدس، والمحكوم بالسجن ثلاث مؤبدات و(46) عاماً، والأسيرة الصحفية بشرى الطويل التي تعرضت للاعتقال الإداري أكثر من مرة، وكان آخرها في شهر ديسمبر العام المنصرم، ولا تزال معتقلة، فهي كحال الصحافيين لم تسلم من انتهاكات الاحتلال وملاحقاته.
وبحسب ما أورده نادي الأسير في بيان له تزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة فإن سلطات الاحتلال تنتهج سياسة اعتقال الصحفيين والنشطاء في محاولة لتقويض دورهم المجتمعي والثقافي والسياسي، والأهم منعهم من الكشف عن جرائم الاحتلال، حيث تلاحقهم إما من خلال الاعتقال المتكرر، أو بالاحتجاز، أو بالاعتداء المتكرر عليهم أثناء عملهم.
ولفت نادي الأسير إلى أن الصحفيين يواجهون اليوم إلى جانب الآلاف من رفاقهم الأسرى، التخوفات الكبيرة من انتشار فيروس (كورونا)، وما يزيد من معاناتهم، استمرار إجراءات الاحتلال منذ شهر مارس، والمتمثلة بوقف زيارات المحامين، وعائلاتهم، الأمر الذي وضع الأسرى في عزل إضافي، وأعاق عمل المؤسسات الحقوقية في متابعة شؤون المعتقلين.
يذكر أن الاحتلال فرض على مدار العقود الماضية واقعا على الصحفي الفلسطيني يمنعه الانخراط بالنضال بكل أشكاله وأدواته كحق مشروع في تقرير المصير، والذي يُشكل عملهم أبرز أدوات النضال الفلسطينية، ومن أبرز الصحفيين المحكومين بأحكام عالية في سجون الاحتلال، إضافة إلى الأسير محمود عيسى؛ الأسير باسم خندقجي المحكوم بالسّجن لثلاث مؤبدات، والأسير أحمد الصيفي المحكوم بالسّجن لمدة (17) عاماً، والأسير منذر مفلح المحكوم بالسّجن لمدة 30 عاماً.
واستخدمت سلطات الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري الممنهجة، لملاحقة الصحفيين وكتاب الرأي، في محاولة لمصادرة حرية الرأي والتعبير، تحت ما يسمى "الملف السري"، ومنهم الأسيرة الصحفية بشرى الطويل.