بينما لا يزال العالم يبحث عن علاج لفيروس كورونا المستجد، توجهت دولة قطر نحو التكنولوجيا الذكية والمنصات التفاعلية في إطار إجراءات التصدي والحد من انتشار هذا الوباء والسيطرة عليه.
ويعتبر تطبيق "الفحص الذاتي" الذي أطلقه معهد بحوث الحوسبة التابع لجامعة حمد بن خليفة عضو مؤسسة قطر، إحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يمكن اعتمادها لتشخيص وتوعية المستخدمين بأعراض الإصابة بكورونا في ثوان قليلة وبدقة كبيرة، وطلب المساعدة الطبية.
ويهدف التطبيق الذي تم إطلاقه بـ11 لغة، بصورة أساسية للوصول إلى الأشخاص بلغتهم، والمساعدة في تسهيل وصول المعلومة إلى الجميع دون استثناء، ومن ثم المساهمة في التوعية المجتمعية التي من شأنها تخفيف الضغط على المنظومة الصحية.
ويوضح المدير التنفيذي لمعهد قطر لبحوث الحوسبة الدكتور أحمد المقرمد إن المعهد عمل بالتعاون مع وزارة الصحة العامة ومؤسسة حمد الطبية منذ بداية الأزمة، على تطوير سلسلة من المنصات الرقمية الجديدة -إضافة إلى إعادة توجيه المنصات الموجودة- لمنع انتشار الوباء.
ويقول المقرمد في حديثه للجزيرة نت إن تطبيق الفحص الذاتي يعمل على تثقيف المجتمع بكل أطيافه، ويطابق توصيات عمل منظمة الصحة العالمية، ويحاكي في سير عمله نظام الصحة الإلكتروني "سيرنير" (Cerner) الذي تستخدمه مؤسسة حمد الطبية.
وأطلق تطبيق "الفحص الذاتي" بـ11 لغة، منها العربية والإنجليزية والهندية والفلبينية، واستخدمه حتى الآن أكثر من 1.2 مليون شخص في وقت وجيز.
ويملك معهد قطر لبحوث الحوسبة قائمة كبيرة من التطبيقات التي تخدم مكافحة فيروس كورونا حاليا، وتمتد من تطبيق "جيوفينسينغ" (Geofencing) الذي يساعد على مراقبة أولئك الموجودين في الحجر الصحي للبقاء في المنزل، إلى تطبيق "تتبع جهات الاتصال المراعي للخصوصية"، إضافة إلى تكييف منصات تم تطويرها سابقا لخدمة الوضح الحالي مثل منصة "صقر" و"تنبيه"، وفقا للمقرمد.
كما طور المعهد تقنية تحليل الانتقال/المواصلات (mobility analysis tool) التي تستخدمها وزارة الصحة العامة للإشارة إلى كيفية عمل الحجر حاليا، وبدقة أعلى من تحليل التنقل التابع لشركة غوغل الأميركية. فمن خلال التقنية التي طورها المعهد، يتم رصد بيانات التنقل من غوغل وتصويرها على خارطة قطر بدقة أعلى، ثم يتم تحديد أنماط حركة المرور، وتركز الحشود والزحام.
"تنبيه" و"صقر"
يوضح المقرمد أن "تنبيه" و"صقر" هما منصتان تم تطويرهما على مدى السنوات العديدة الماضية، وقد تم استخدامهما في مواجهة الحصار على قطر منذ العام 2017، ويتم استخدامهما حاليا لمكافحة فيروس كورونا.
وتركز منصة "صقر" على تحديد الحسابات المستهدفة والمعلومات الخاطئة في تويتر، وتحليل الاتجاهات الفكرية تجاه موضوع أو شخص معين خلال إطار زمني محدد. أما منصة "تنبيه" فتعمل على التعرف على الشائعات والدعاية والمعلومات الخاطئة وما إلى ذلك، وتركز على وسائل الإعلام الإخبارية التقليدية مثل وسائل الإعلام المطبوعة والبث الإخباري.
وجاءت المساهمة الأهم للمعهد في مكافحة كورونا خلال وقت مبكر عندما بدأت حالات المرضى تظهر في قطر، حيث عمل مع "مركز القيادة الوطني" على تطوير برنامج مخصص قائم على الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم على تتبع المصابين وتحديد مخطط حركتهم، وكذلك تحديد الأشخاص الذين تواصلوا معهم والتقوا بهم، والمحتمل إصابتهم أيضا. وكان هذا أول برنامج تتبع لجهات الاتصال مستخدم في قطر، وواحدة من أولى التقنيات التي طورت لهذا الغرض في العالم.
كما قام فريق الأمن السيبراني في المعهد بتطوير وتدشين منصة رقمية ترصد وتلاحق المواقع الخبيثة ذات الصلة بوباء كورونا، حيث يتتبع الفريق هذه المواقع بشكل استباقي حتى يتم حظرها وتقليل الضرر الناتج منها إلى أدنى حد.
وعلى نفس النهج، يسير تطبيق "احتراز" الذي يستهدف المساعدة على احتواء انتشار فيروس كورونا، حيث يرتبط التطبيق بقاعدة بيانات وزارة الصحة العامة ويوضح أن الشخص الذي حمّل التطبيق إذا كان سليما من الفيروس فسيكون اللون في التطبيق لونا أخضر، وإذا كان الشخص ربما خالط شخصا مصابا فسيكون اللون رماديا، وإذا كان الشخص موجودا في الحجر الصحي فسيكون اللون أصفر، بينما يكون اللون أحمر إذا كان الشخص مصابا بالفيروس. وفي حال شفاء الشخص فإن لون التطبيق سيعود رماديا، حيث يتم وضع فترة زمنية محددة لفحصه مرة أخرى للتأكد تماما من الشفاء، ومن ثم يعود لون التطبيق أخضر مرة أخرى.
وتعتبر المتحدثة باسم اللجنة العليا لإدارة الأزمات لولوة الخاطر أن إطلاق تطبيق "احتراز" على الهواتف الذكية يعزز جهود الدولة الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، ويساعد أيضا في مسألة الحجر الصحي لتنبيه الأفراد في حال اقترابهم مسافة أقل من المسافة الآمنة، فيتم تنبيههم بأنهم اقتربوا لمسافة غير مسموح بها حتى داخل الحجر الصحي نفسه.
وبشكل مختلف استعانت وزارة الداخلية بالروبوت الأمني "عساس"، لتوفير التوعية المجتمعية بشأن منع التجمعات وضبط المخالفين، ضمن الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا، وذلك عبر تجوله في الأحياء السكنية والأماكن العامة.
ويعمل الروبوت بست كاميرات مثبتة عليه لرصد المخالفين لقرار منع التجمعات من خلال الدوريات التي ينفذها.
وفي إطار جهودها وبالتعاون مع وزارة الصحة، استخدمت وزارة الداخلية الطائرات المسيرة التي تجوب مختلف المناطق لبث الرسائل التوعوية عبر مكبرات الصوت، حول ضرورة الالتزام بإجراءات السلامة الخاصة بالحد من انتشار فيروس كورونا التي تتمثل في الحث على البقاء في المنازل والالتزام بالقانون الذي يمنع التجمعات والصلوات في أسطح البنايات.
وتستخدم الحملة التوعوية عددا من اللغات الآسيوية (الأوردية، والهندية، والنيبالية، والمليبارية، والسريلانكية) وغيرها من اللغات الخاصة بمختلف أبناء الجاليات في قطر.
المصدر : الجزيرة