يتوقع أن تصادق الكنيست، الأسبوع المقبل، على تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بعدما كلّف رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، أمس، رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، الذي وقع على اتفاق ائتلافي مع رئيس حزب "كاحول لافان، بيني غانتس، الأسبوع الماضي، وباتت ملامح الحكومة المقبلة وخطوطها العريضة واضحة. فبعد أن كلف ريفلين غانتس بتشكيل حكومة، منتصف آذار/مارس، منح الأخير هذا التكليف، بصورة غير رسمية، لنتنياهو كي يشكل الحكومة القادمة، بادعاء أن مطلب الساعة هو تشكيل حكومة طوارئ لمواجهة كورونا ومنع انتخابات رابعة. وصادقت الكنيست على جميع التعديلات القانونية التي تسمح بتشكيل الحكومة، وخاصة القانون الذي يسمح بالتناوب على رئاسة الحكومة بين نتنياهو وغانتس.
ورأى المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، اليوم الجمعة، أن "الحكومة التي ستتشكل الأسبوع المقبل هي حكومة شخص واحد. ليست حكومة رأسين، ولا حكومة وحدة، ولا حكومة طوارئ. وجميع الأوصاف التي رافقت تشكيل حكومة نتنياهو الخامسة هي ذر للرماد في العيون. والحياة السياسية التي تبلغ 32 عاما وصلت الآن إلى ذروتها: لا أحد يهدد حكمه، لا في حزبه ولا في المؤسسة السياسية، ولا في الجهاز الحكومي ولا في الشارع. والأدق هو أن لا أحد يهدد حكم نتنياهو إلا هو نفسه".
وأضاف برنياع أن "غانتس هو الشريك الأسهل لنتنياهو في جميع حكوماته. فهو مختلف عن إيهود باراك وأفيغدور ليبرمان ويائير لبيد وتسيبي ليفني. وهو لا يحمل طموحاته الشخصية عندما يحضر إلى العمل في الصباح. وهو يستخدم كوعيْه لإلقاء التحية في زمن الكورونا، وليس أكثر من ذلك. وهو مبنيٌ لإنهاء الولاية، وهذا ما يفعله الضباط في الجيش. وثمة فجوة معينة بين آراءه السياسية وتلك التي لدى نتنياهو، لكن لا ينبغي لهذه الفجوة أن تؤرقهما".
واعتبر برنياع أن غانتس وشريكه في قيادة "كاحول لافان"، غابي أشكنازي، سيحاولان منع تنفيذ مخطط ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل بالاستناد إلى "صفقة القرن". وكتب أنه "عندما يحاول وزير الخارجية القادم، غابي أشكنازي، إقناع نظيره بومبيو أو العريس الرئاسي كوشنر بالتراجع عن فكرة الضم، سيتحول غانتس وأشكنازي في غضون دقيقة واحدة إلى خائنين. وسيكون هناك ثمنا لأي خطوة تلجم توجهات الحكومة المنتهية ولايتها. وستظهر فضائح بعدما تم دفنها، ووسائل الإعلام ستقفز عليها، فنحن لا نعرف سلوكا آخر".
وتوقع برنياع أنه في وضع كهذا "سيُسحق كاحول لافان بين شكوك اليسار وازدراء اليمين. وخلافا لحكومة شمير – بيرس، انطلقت حكومة نتنياهو – غانتس بإدراك أن أحد الطرفين (أي "كاحول لافان") ليس لديه معسكر سياسي بإمكانه العودة إليه".
"غانتس اختار بين الطاعون والكوليرا"
لقد امتدت ولاية نتنياهو في رئاسة الحكومة فترة طويلة للغاية بالمقاييس الإسرائيلية، ويرى البعض من أنصار نتنياهو أن هذه ربما لن تكون ولايته الأخيرة أيضا، خاصة إذا تم تقديم الانتخابات قبل انتهاء مناوبته في رئاسة الحكومة، في السنتين المقبلتين. وكانت كتلة "كاحول لافان" رفعت شعارا، خلال الجولات الانتخابية الثلاث في السنة الأخيرة وقبل أن ينشق حزب غانتس عنها، بأنه "فقط ليس نتنياهو" في رئاسة الحكومة، على خلفية استمرار حكمه فترة طويلة واتهامات الفساد المقدمة ضده.
واعتبر المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"،، بِن كسبيت، اليوم، أن "غانتس قرر تحويل الحلم باستبدال نتنياهو في الحكم إلى إمكانية أكثر واقعية. بأن ينضم إلى نتنياهو في الحكم. فقد توصل إلى الاستنتاج بأن احتمالات الانتصار ليست ضئيلة فقط، وإنما تتضاءل باستمرار. وفي هكذا وضع، فإنه بدلا من ضرب الرأس بالحائط، فإن الأفضل الدخول من الباب".
وأضاف كسبيت أنه "رغم أن غانتس يضفي الشرعية على نتنياهو، ورغم أنه خان وعوده والقيام الأساسية التي تأسست عليها (كتلة) كاحول لافان، لكنه سيحل مكان نتنياهو بعد أقل من سنتين، وهذه المرة الأولى في الزمن الجديد التي سيتجول فيها هنا شخص يستجيب لوصف ’رئيس الحكومة’ وليس اسمه نتنياهو. وقرار غانتس كان صعبا، فقد اضطر إلى الاختيار بين الطاعون والكوليرا".
وجسب كسبيت، فإن الاتفاق على تمديد ولاية الحكومة المقبلة من ثلاث سنوات إلى أكثر من أربع سننوات، بحيث يتولى نتنياهو رئاسة الحكومة أولا، ثم غانتس وبعد ذلك نتنياهو لعدة أشهر ويلي غانتس لفترة قصيرة أيضا، هي "ضمان بالنسبة لغانتس لأن ينفذ نتنياهو التناوب".
حكومة جديدة "حتى الآن"..
كتبت المراسلة السياسية لموقع "واللا" الإلكتروني، طال شاليف، اليوم، أنه "في هذا الأسبوع، الذي بدأ بإعلان الانتصار على كورونا وانتهى بإعلان الانتصار على المحكمة العليا، وبعد أكثر من ثلاث سنوات من انعدام اليقين القضائي، وسنة ونصف سنة من انعدام اليقين السياسي وسبعة أسابيع من الطوارئ والهلع والأنظمة المتشددة وتقييد الحركة، بإمكان نتنياهو الآن الإعلان أن ’التفويض بأيدينا’ لتشكيل الحكومة مع موعد لتنصيب الحكومة".
وأشارت شاليف إلى أن نتنياهو سيمثل في الجلسة من محاكمته في تهم فساد جنائية، بعد أسبوعين، "فيما هو في وضع مذهل، ولديه شرعية سياسية مدعومة من أكثر من 70 عضو كنيست وختم من المحكمة العليا لاستمرار ولايته" بعدما رفضت المحكمة العليا بإجماع 11 قاضيا، أمس، جميع الالتماسات التي طالبت بمنع نتنياهو، كمتهم، من تشكيل حكومة.
وأضافت أن "القوة التي جمعت بين احتفالات الكورونا والمحكمة العليا هو غانتس، وينبغي تخصيص النَخب الذي سيرفعونه في منزل نتنياهو لغانتس وأعضاء الكنيست الـ19 من كاحول لافان وحزب العمل وكتلة ديريخ إيرتس".
وأردفت شاليف أنه "بعد ثلاث معارك انتخابية لم ينجح فيها بتجنيد أغلبية، تمكن نتنياهو في ظل كورونا من تفكيك (كتلة) كاحول لافان والمعسكر الخصم ووصل إلى المحكمة مع غلاف دفاع سياسي مؤلف من أغلبية ساحقة في الكنيست".
وأشارت شاليف إلى أن "كورونا كانت ذريعة وحسب" لانضمام حزب غانتس إلى نتنياهو، الذي "أعلن عن الخروج من الأزمة قبل تشكيل حكومة الطوارئ التي يفترض أن تواجه كورونا. ورغم أن كاحول لافان يخوض صراعا طويلا من أجل الحصول على حقيبة الصحة، ولكن لا يوجد بأيديهم في الاتفاق الأصلي مع نتنياهو أي حقيبة ذات علاقة بالفترة التي تلي كورونا والتحديات الهائلة التي تضعها الأزمة أمام الاقتصاد".
وأضافت أنه "يوجد في الاتفاق الائتلافي الذي أشغل الكنيست والمحكمة العليا في الأسبيع الأخيرة عشرات البنود، لكن تلك المتعلقة بكورونا بالإمكان عدّها على كف يد واحد. وبقية البنود تتطرق إلى ضمان مكانة وحكم نتنياهو وغانتس وترتيب وظائف".
وتابعت أن أمام نتنياهو أسبوعين لعرض الحكومة، حسب القانون وبعد تكليفه بتشكيلها، أمس. "ولو كان هذا الأمر متعلق به، ليس مؤكدا أنه كان سيسرع إلى عرضها، ولكنه سيعرضها الأسبوع المقبل، فقط بعد أن مارس غانتس ضغوطا عليه".
ولفتت شاليف إلى أن الأمر المهم بالنسبة لنتنياهو في قرار المحكمة العليا برفض الالتماسات ضده، هو أن "القضاة منحوه شرعية لولايته كرئيس حكومة لسنة ونصف السنة القريبة، لكن القضاة لم ينظروا أبدا حتى الآن في الآلية الثنائية الرأسين لنتنياهو وغانتس في رئاسة الحكومة، وهذه وضعية قانونية جديدة وليست مألوفة، كما أنها لم تنظر بعد في اتفاق يسمح لرئيس الحكومة البديل (أي نتنياهو) الاستمرار في ولايته حتى في حال أنه متهم بجنائيات"، في إشارة إلى عودة نتنياهو للمنصب بعد ولاية غانتس فيه.
ورأت شاليف أنه "طالما أن هذه القضية لا تزال عالقة في فضاء المحكمة العليا، سيكون هناك ثقب منن انعدام اليقين في الاتفاق بين نتنياهو وغانتس، وفي حال قرر القضاة أن يكونوا محافظين أقل ويريدون التدخل، فإن أمرا كهذا بالنسبة لنتنياهو قد يتحول إلى ذريعة جذابة لانتخابات. ولذلك، سعى نتنياهو إلى تضمين الاتفاق مع غانتس إمكانية حل الحكومة في حال نشوء مانع قانوني في نصف السنة الأولى التي تلي توقيع الاتفاق. وهكذا فإنه لنصف السنة القريبة على الأقل، يجدر أن يتم الإلصاق بالحكومة التي ستُنصب الأسبوع المقبل، عبارة ’حتى الآن’".