قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن فترة الحظر التي مرت بها الدول، جراء تفشي فيروس كورونا، وما تبعها من إجراءات للتخفيف، تستلزم قواعد ومبادئ للعودة إلى العمل، في مرحلة ما بعد الفيروس، والصين هي المختبر الأول لذلك.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها إلى أنه "بعد ثلاثة أشهر من إغلاق السلطات العليا للبلاد في الصين للحد من تفشي المرض، عاد العمال الصينيون إلى وظائفهم لإعادة تشغيل عجلة النمو دون إحداث تفش آخر".
وأوضحت أنه "إذا كانت قد تمكنت المصانع والمكاتب الصينية من إعادة سير العمل بنجاح، دون إصابات كبيرة، فيمكن أن تشكل نموذجاً يحتذى به للعديد من القادة الذين يسعون لإعادة اقتصادهم إلى مساره الصحيح".
ولفتت إلى أن التجربة الصينية قواعدها في أماكن العمل واضحة وصارمة: "الأقنعة، واستخدام المطهرات، وابق بعيداً عن زملائك. كما أن بعض الشركات تتعقب موظفيها بطرق قد يجدها العاملون في بلدان أخرى غير مقبولة، بما في ذلك استخدام تطبيقات التتبع الصحي المعتمدة من الحكومة".
وفي الوقت نفسه، وضعت السلطات المحلية مجموعة من القواعد المربكة التي تختلف من مدينة إلى أخرى، بحسب الصحيفة. لكن يتفق الجميع هناك على شيء واحد: لن تعود الحياة كما كانت عليه قبل تفشي الوباء.
وقال يوهان فيلاند، الرئيس التنفيذي لمشروع بي إم دبليو المشترك في الصين: "لن تعود الحياة كما كانت من قبل، هذا ما يجب أن نتعلمه".
وتطلب الشركات الكبرى من موظفيها تغيير عاداتهم الشخصية اليومية وكذلك سلوكياتهم في مكان العمل. ونصحت فوكسكون، عملاق الإلكترونيات التايواني موظفيها بتجنب النقل العام والسير على الأقدام، واستخدام الدراجات أو السيارات بدلاً من ذلك.
كما أنها أوصت بغسل اليدين قبل وبعد لمس المستندات أو تناول الوجبات، والحرص على فتح النوافذ في الحافلات، وقاعات الاجتماعات.
أما شركة BASF العملاق الكيميائي الألماني، فيتم مراقبة الموظفين لديه عن كثب، وإذا وجد المراقبون أن عاملاً يعاني من حمى، يتم نقله إلى المستشفى وعزل زملائه في العمل، وتدار هذه العملية بمساعدة مسؤولين حكوميين محليين لمعرفة ما إذا كان الشخص قد اختلط بأناس آخرين.
وقال براد موريسون، نائب الرئيس الأول للعمليات وإدارة الموقع في الشركة: "أعتقد أنه من شبه المستحيل أن لا نحتاج إلى مساعدة السلطات المحلية".
وقواعد شركة BASF موحدة، فعلى الجميع ارتداء الأقنعة، ويتم مسح الأسطح الداخلية بانتظام، ويتواصل الموظفون مع بعضهم البعض من خلال أجهزة اتصال لاسلكية، ولا يسمح بالاتصال وجهاً لوجه أثناء تسليم المناوبات.
وللبقاء آمنا، تبنى العديد من أرباب العمل رمز الصحة المعتمد من الحكومة والمدمج في تطبيقات الهواتف الذكية مثل Alipay و WeChat. وهي تطبيقات تم تصميمها لقياس خطر إصابة الشخص، ويتتبع الرمز الصحي للشخص الأماكن التي تنقل إليها لمعرفة ما إذا كان قد زار مناطق فيها حالات عدوى عالية. وعندما يُطلب الرمز من قبل العاملين في الصحة أو أفراد الأمن، فإن الشخص يعرض رمزه ويكون إما باللون الأحمر أو الأصفر أو الأخضر.
ونقلت الصحيفة عن ليو نان، وهو صاحب مطعمين في شمال شرق الصين، طلبه من عملائه إظهار رموز الصحة في هواتفهم الذكية قبل السماح لهم بدخول المطعم وقال ليو: "يشكو البعض من أن المطاعم الأخرى ليست صارمة مثلنا، لكننا وببساطة نخبرهم بأننا نريد أن نتأكد من سلامة مطاعمنا وزائريه".
ومثل العديد من أصحاب المطاعم في الصين، يطلب ليو من موظفيه إرفاق بطاقة مع كل طلب لأسماء الموظفين الذين أعدوا ولفوا وسلموا الوجبة مع درجات حرارة أجسامهم. كما أنه يحرص على أن لا يختلط الطباخون والموظفون بالناس كثيراً، وقد منحهم صالات مجهزة للنوم كان قد استأجرها منذ وقت طويل.
وفي بكين قال نيو باوسيو، وهو سائق يبلغ من العمر 31 عاماً يعمل لدى شركة Didi Chuxing، وهي النسخة الصينية من شركة Uber، إنه يجب عليه كل صباح أن يقوم بتحميل فيديو، إلى منصة الشركة يظهر فيه أنه قام بتعقيم سيارته وتأكد من درجة حرارته، قبل أن يبدأ في العمل. كما أنه يقوم بمسح سيارته بين الطلبات، ويرتدي قناعاً وقفازات.
أما موظفو شركة بي إم دبليو فيتم قياس درجة حرارتهم ثلاث مرات يوميا، ويقدمون النتائج عبر تطبيق داخلي للشركة، وقال السيد فيلاند، الرئيس التنفيذي للمشروع المشترك، إن التحدي الأكبر الذي يواجهنا هو الضغط الاقتصادي والاجتماعي الذي نواجهه، ما يدفعنا إلى الانفتاح المبكر وتخفيف الإجراءات.
وأوضح فيلاند: "يريد الناس العودة إلى الحياة الطبيعية، ولكن على الجميع أن يتعلموا ويفهموا أننا لن نتمكن من ذلك وعلينا أن نتصرف بوعي وإدراك أكبر".
"عربي21"