تداعى رئيس السلطة محمود عباس، للاجتماع مع ممثلي الفصائل الفلسطينية، عشية الإعلان الأمريكي عن صفقة القرن، في مشهد خرج فيه الرئيس من أزمته إذ بدا متسلحا بموقف وطني يبدو داعما له.
لم تخض الفصائل المشاركة وقتها في سبب النكسة ولم تعد بالذاكرة لما تسببه الرجل من آلام وأوجاع للقضية، وما جلبته سياساته الكارثية على الواقع الذي بات الفلسطينيون يحصدون ثمارها المرة.
اجتمعت الفصائل آنذاك بدعوات تلقتها من عضو اللجنتين المركزية لفتح وتنفيذية م.ت.ف عزام الأحمد، دعت فيه صراحة إلى ضرورة تطبيق مقررات المجلسين المركزي والوطني، والبدء في إجراءات عملية لدفع المصالحة إلى الأمام، متفقة على ضرورة توجيه وفد فصائلي برئاسة الأحمد الى قطاع غزة لإجراء اجتماع فصائلي مواز بالقطاع.
تزامن مع أجواء الاجتماع في ذلك الوقت، تصريحات لرئيس السلطة والمقربين منه، رغبته زيارة غزة، تلك الزيارة التي بدأ التنصل منها رويدا رويدا عبر تصريحات نقيضة قالت فيه إن الرئيس منشغل في المواجهة بمركز الميدان ممثلة بالضفة، بحسب ما صدر من تصريحات عن قيادات فتحاوية.
سرعان ما ذابت هذه الأجواء، وعاد التوتر والتصعيد مجددا على نبرة خطاب حركة فتح، وتوجيه جملة جديدة من الاتهامات ضد الفصائل الفلسطينية في القطاع، أدّت في محصلتها إلى افشال محاولات ترميم البيت الفلسطيني أو إمكانية تسيير قطار المصالحة مجددا.
واشترطت قيادات فتح عقد أي لقاء، بتحييد وتجميد حضور ومشاركة قوى المقاومة، إذ رفضت حضورها واشراكها في أي لقاء بغزة.
حاولت العديد من الفصائل والقوى، الخروج بمقترح ينهي الأزمة، عبر عقد لقاء وطني جامع، ينتهي بعقد لقاء فصائلي محدد، بيد أن حركة فتح وبحسب المصادر الفصائلية رفضت المقترح.
بهذا التعنت نسفت فتح إمكانية العودة لمسار المصالحة مجددا، بل رافقها تصعيد ميداني طال اعتقال العشرات من مناصري حركة حماس وقياداتها في الضفة.
على الصعيد السياسي، هددّ رئيس السلطة بتجميد العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية مع الاحتلال، بموجب قرارات المجلسين المركزي والوطني كرد على اعلان الصفقة، أسطوانة رددها قبيل ذلك عند القرار الأمريكي بإعلان القدس عاصمة للكيان، ثم عاد مجددا ليكررها عند قضية الضم.
"سمعنا العشرات من التهديدات على مدار السنوات الماضية، لكننا لم نلمس أي اجراء جدي من طرف الرئيس"، بذلك الكلمات لخص رئيس المجلس التشريعي د.عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حال الواقع السياسي للسلطة ورئيسها.
مع اجتياح وباء كورونا الأراضي الفلسطينية، تعمقت جذور الخلاف السياسي والميداني عبر تعمد السلطة الفلسطينية اقصاء المساعدات عن غزة، بل والاستمرار في إجراءاتها العقابية التي تستهدف قضم رواتب موظفيها في المحافظات الجنوبية.
ولخصت الفصائل الفلسطينية سلوك السلطة بـ"التمييزي العنصري"، وصل حتى الى صندوق عز الذي بات الحديث حول تشكيله من طرف المؤسسات الاقتصادية، ليتبين لاحقا أن عملية التوزيع تجري عبر قنوات فتح التنظيمية، وهو ما أدانه واستنكره نقيب المقاولين في القطاع أسامة كحيل.
ولم يقتصر السلوك السياسي للسلطة على هذه الجريمة، بل شملت السلوك الأمني، إذ شنت حملة اعتقالات واسعة بحق الجمعيات الخيرية والمتطوعين، في جريمة تعكس حجم رفضها للشراكة الوطنية، بحسب القيادي في حركة حماس المهندس وصفي قبها.
وعبر خليل عساف نائب رئيس لجنة الحريات بالضفة، بقوله إن هذه الإجراءات هي تعبير وانعكاس عن عدم الايمان بالشراكة السياسية والوطنية.
في محصلة هذه الظروف، خرج عضو اللجنة التنفيذية لـ"م.ت.ف" أحمد مجدلاني، يتحدث عن عقد اجتماع موسع بحضور الفصائل بما فيها حماس والجهاد، لبحث ملف ضم المستوطنات، وذلك يوم السبت المقبل، دعوة أكدّت الحركتين عدم مشاركتهما بالاجتماع.
القيادات الفلسطينية، عبرت عن ضرورة عقد الإطار القيادي المقرر كمدخل لبحث أي ملف مرتبط بقضية بحث القضية الفلسطينية وفتح حوار وطني حقيقي.
ويبقى السؤال الأهم، ماذا يجدي اجتماع القيادة في ملف الضم، بما لم يجد به اجتماعها الأول عن اعلان الصفقة؟