قائمة الموقع

تغسيل ودفن الميت بكورونا والصلاة والطلاق.. فتاوى شرعية

2020-05-15T13:14:00+03:00
دفن كورونا.PNG
الرسالة نت- وكالات

ضمن تغطيتها لجائحة فيروس كورونا المستجد وتفاعلها مع أسئلة القراء، ينشر موقع الجزيرة نت الدفعة الثانية من الفتاوى الشرعية المتعلقة بدفن وتغسيل الأموات وتباعد المصلين، وطلب الزوجة الطلاق من زوجها المتزوج بأخرى لا تأمن منها التزامها بالعزل ومخالطة المصابين.

وقد استقبل موقع الجزيرة نت أسئلة الجمهور عبر منصاته للتواصل الاجتماعي، ورفعها إلى لجنة الفتوى في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وسبق أن نشر الجزيرة نت مجموعة سابقة من فتاوى علماء الاتحاد حول مسائل تتعلق بصلاة التراويح عن بعد وصوم رمضان وخروج المصاب بكورونا من الحجر.

وقال الاتحاد إن اللجنة تناقشت بشأن الأسئلة نقاشا مستفيضا، واطلعت على ما كتبه المتخصصون من الأبحاث الطبية المحكمة، وتواصلت مع بعض الخبراء، واطلعت على إفادة منظمة الصحة العالمية.

وفيما يلي الفتاوى الأربعة التي أقرتها اللجنة:

الحكم الشرعي في دفن الأموات بسبب كورونا هل هو شعيرة لا بد من إقامتها أم أنه لا حرج في الحرق بالنار أو أية وسيلة أخرى للتخلص من الجثمان؟

- تأكيد ما صدر في فتوى سابقة من اللجنة أن المسلم يجب إكرامه حيا وميتا، لما ورد عن عائشة رضي الله عنها، أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلم، قال "كَسْرُ عَظمِ الميِّتِ ككَسرِهِ حيّاً" والحرق أعظم فداحة في حق الميت من الكسر، وأكبر إهانة له، ومخالفة صريحة لأحكام الدفن في الشريعة الإسلامية.

-والدفن في الإسلام عبادة وقربة، من خلال:

1ـ  ما ثبت قولا وعملا بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

2ـ  عمل الأمة، فإنه لم يعهد في تاريخ الإسلام الالتجاء إلى أية وسيلة من الوسائل في التخلص من الجثة سوى الدفن، وما يسبقه من الغسل والصلاة، وما يلحقه ويسبقه من الدعاء له أثناء تشييعه ودفنه.

3ـ  معهود تاريخ المسلمين، بل وحتى أهل الكتاب، وجود مقابر للموتى، لا يتخلص منها بما يفعله بعض الناس من الحرق.

4ـ  الدفن فريضة شرعية كفائية وزيارة المقابر من مذكرات الآخرة، فعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" وفي رواية "فزوروها فإن في زيارتها تذكرة". 

بناء على ما سبق وعطفا على فتاوى سابقة لاتحاد علماء المسلمين توصي اللجنة بأنه لا يجوز التخلص من الجثث بالحرق وغيره.

تشكر اللجنة الدول التي راعت الخصوصيات الدينية وحق المسلمين في دفن موتاهم وفق أحكام شريعتهم الإسلامية.


-الشريعة الإسلامية قائمة على تكريم الإنسان حيا وميتا، ومن مظاهر تكريمه ميتا غسله وتكفينه وتشييع جنازته ودفنه والصلاة عليه، وقد جعله الشارع الحكيم من الفروض الكفائية.ما حكم تغسي ودفن من مات بسبب فيروس كورونا؟ وما الطريقة المثلى لذلك خشية انتقال العدوى منه؟

-تطبيق هذا الحكم الشرعي في هذه المسألة وفي غيرها قد تختلف في ظروف غير طبيعية واستثنائية كلما ترتب على ممارسة الفعل ضرر أو أذى أو مفسدة أثبته أهل الاختصاص.

-وفي ضوء قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (سورة البقرة: 286)، وقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [سورة الطلاق 7]، وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن: 16]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (صحيح البخاري باب الاقتداء، ح7288)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" (سنن ابن ماجه).

وفي ضوء تأكيد الشريعة تحقيق المقاصد الضرورية، وهي هنا مقصد حماية أنفس القائمين بالفرض الكفائي، وهي حق للجماعة في الوقت نفسه، وتقديمها على غيرها من المقاصد الحاجية والتحسينية كالمقصد المتعلق بمصلحة تغسيل الميت وكفنه وتشييعه ونحو ذلك.

وعليه توصي اللجنة بغسل الميت المصاب بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بالتنسيق مع الجهات المعنية والمسؤولة عن الاحتراز والحماية من هذا الوباء، فإذا أمكن تغسيله بما لا ينقل العدوى فقد وجب غسله، وإن تعذر ذلك فيلجأ حينئذ للتيمم بدلا من الغسل، فإن تعذر التيمم أيضا تُرك غسله وسقطت المطالبة به شرعا. 

كما تنوه اللجنة بالجهات المسؤولة إتمام إجراءات الدفن، ولأهل الميت -إذا سمح بذلك الفريق المختص بإجراءات الدفن- المشاركة في مراسم الدفن وفق النُّظم واللوائح التي تنظم تلك المراسم من حيث التقيد والالتزام بعدد المشاركين، وإجراءات السلامة المتخذة، ومن برّ الأبناء بوالدهم ومن حقّه عليهم أن يقوموا بواجب التشييع إذا أمن الضرر.

بالنسبة للصلاة عليه، فإذا أمكن الصلاة على الميت قبل دفنه ولو من شخص واحد فيصلّى عليه، وبصلاته عليه يتحقّق الواجب المطلوب، وإلّا يصلّى عليه بعد دفنه في البيت أو في أي مكان آخر صلاة الغائب، شرط الالتزام بإجراءات وتدابير السلامة والأمان. 

ما حكم تباعد المصلين وعدم رص الصفوف بسبب جائحة كورونا؟
تعد صلاة الجماعة من شعائر الإسلام وعباداته الظاهرة، لها مقاصد عظيمة وغايات جليلة وإقامتها من دلائل صلاح الأُمّة وحسن اتباعها لنبيّها صلى الله عليه وسلم، وقد خصّها الإسلام بأحكام وسنن وآداب تتحقق بها مقاصدها وتجعلها شعارا لأهل الإسلام في أحسن هيئة وأبهى صورة، ومما سنّه فيها النبي صلّى الله عليه وسلم بقوله وفعله الاجتماع على إمام واحد بصفوف متراصّة وأقدام متحاذية وقلوب مجتمعة غير متنافرة.

هذه الهيئة الشرعيّة المطلوبة قد يطرأ عليها ما ينقص من بعض سننها وآدابها، ومن ذلك تسوية الصفوف واقتراب المصلين وسدّ الفجوات بينهم بسبب طارئ كوجود السواري والحيطان الفاصلة لضرورة البناء في المساجد، أو بسبب خوف اقتراب المسلم من أخيه خشية انتشار العدوى وانتقال الأمراض كما هو حادث حاليا.

1- تؤكد اللجنة ما اتفقت عليه المجامع والمجالس الفقهيّة واللجان الإفتائيّة من صحة ترك الجمع والجماعات اتقاءً لضرر وباء كورونا ومنعًا لانتشاره بين الناس، وذلك لأن الشريعة المطهرة مبنية في مصادرها ومواردها على اليسر ورفع الحرج ودفع الضرر والمفاسد الخاصة والعامة، وقد بيّنت الفتاوى السابقة الأدلة التفصيلية على ذلك.

2- الأصل في تقدير المفسدة المترتبة على تجمع الناس في مكان واحد هو للجهات الطبية المختصة المعنية بذلك، وما على المسلمين إلا التقيّد بالتعليمات الصحية الصادرة من هذه الجهات مع التذكير بأن هذه التعليمات واجبة الاتّباع شرعًا لما يترتب على مخالفتها من إضرار بالنفوس قد يعرضها للموت والهلاك، وقد قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}(النساء:29).

اعلان

3- إن تسوية الصفوف في الجمع والجماعات وتراصّها وتعديلها وإتمام الصف الأول فالأول وسدّ الفُرَج والخلل بين المصلين هو من الهدي الثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ"، وقد حمل جمهور الفقهاء الهدي النبوي في ذلك على أنّه من سنن صلاة الجماعة وآدابها وليس من واجباتها وفرائضها، واتفقوا على أن الصلاة لا تبطل بترك تسوية الصفوف وتراصها عمدا ولا سهوا.

4- إن حكم صلاة الجماعة والجمعة على الهيئة المذكورة صحيحة مع لزوم اتباع إجراءات الوقاية الصحية المطلوبة سواء منها المتعلقة بسلامة الأفراد من حيث العمر والحالة الصحية للمصلين وخضوعهم للتعقيم قبل دخولهم المساجد، أو المتعلقة بالمكان من حيث التعقيم الصحي ونحو ذلك.

توصي اللجنة بأنه لا حرج في تباعد المصلّين في الصف بعضهم عن بعض مسافة كافية للسلامة الصحية، فترك سدّ الفُرَج بين المصلين مكروه عند جماهير العلماء في حالة الاختيار والسعة، أما في حالة الحاجة والاضطرار فإن هذه الكراهة تسقط عن المكلف لقاعدة سقوط الكراهة عند أدنى حاجة.

وتنوه إلى من يخالف الإجراءات المقرّرة من قبل الجهات الصحية المعنية القاضية بمنع التجمعات في المساجد ونحوها، وبعيدًا عن إشرافها وإقرارها لذلك، فإنه آثم ويتحمّل المسؤولية الكاملة عن الآثار المترتبة على هذه المخالفة، وذلك من جهة مخالفتهم لما اتفقت عليه فتاوى المجامع والمجالس الفقهية من حرمة هذا الفعل وحرمة تعريض أنفسهم ومجتمعاتهم لخطر انتشار العدوى والمرض.

لجنة الفقه والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 الشيخ الأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي         رئيسا

 الشيخ الأستاذ الدكتور علي القره داغي           الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني            رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 الشيخ الدكتور فضل مراد                                      عضوا ومقررا

 الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد جاب الله                            عضوا

 الشيخ الدكتور سلطان الهاشمي                                  عضوا

 الشيخ الدكتور أحمد كافي                                       عضوا

 الشيخ ونيس المبروك                                          عضوا

 الشيخ سالم الشيخي                                            عضوا

 الشيخ الأستاذ الدكتور صالح الزنكي                             عضوا

الشيخ الدكتور محمد الرايس                                    عضوا

مسلمون في مسجد بلاهور في ظل إجراءات الإغلاق لمنع تفشي فيروس كورونا (رويترز)

هل يحق للزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها المتزوج بأخرى لا تأمن منها التزامها بالعزل ومخالطة المصابين؟

-لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إلا إذا كان هناك سبب معتبر لذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة"، رواه أبو داود والترمذي.

-أما إن وُجدت أسباب مشروعة كامتناع الزوج من القيام بواجبه أو أي ضرر حقيقي وتعذرت سبل الإصلاح فإنه يجوز لها التواصل مع أوليائها أو دوائر التحكم والقضاء للنظر في طلب الطلاق، وهذا باتفاق جمهور فقهاء.

ما ورد بشأن الخوف من نقل العدوى عن طريق الزوجة الثانية ليس مبررا لنقض عقدة النكاح وهدم بيوت الزوجية، كما أن هذا الفيروس قد يصيب أي فرد فيصبح ناقلا للعدوى، ولا يصح أن يلجأ الرجل للطلاق أو تلجأ الزوجة لطلب الطلاق عند وقوع مثل هذه الأزمات، بل الأولى تقديم مزيد من العناية البدنية والنفسية للمصاب لا أن نتخلى عنه، فالحياة الزوجية هي شراكة قائمة على التكافل والوفاء والود والرحمة.

-يمكن اللجوء لمزيد من التدابير الوقائية، ولو بطلب الحجر الشخصي المؤقت.

عضو لجنة الفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

ونيس المبروك عبد السلام

المصدر : الجزيرة

اخبار ذات صلة