قال كاتب إسرائيلي إن "إسرائيل ردت على الهجوم السيبراني الأخير على إيران باعتباره تحذيرا واضحا إليها، ما يعني أن السلطات الإسرائيلية تعاملت مع الهجوم الإيراني عبر الإنترنت على شبكات المياه الخاصة بها على محمل الجد، وانتقمت بسرعة، وحذرت طهران من قدراتها".
وأضاف بن كاسبيت في مقاله على موقع "المونيتور"، أن "إسرائيل وقعت هدفا لهجوم سيبراني ليلة 24 نيسان/ أبريل الماضي، أصاب مرافق المياه والصرف الصحي، واخترق أنظمة الكمبيوتر لمرافقها المائية، وعطلت عملياتها لفترة وجيزة، وحددت هيئة الإنترنت الوطنية الإسرائيلية محاولة معادية للسيطرة على نظام التحكم بالكلور والمضخات، ومركز القيادة والسيطرة بهيئة المياه الإسرائيلية، وجاء الهجوم برعاية إيران، وليس متسللين هواة".
وأشار كاسبيت، مقدم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وله عمود يومي بالصحافة الإسرائيلية، إلى أنه "بعد أقل من أسبوعين، جاء انتقام إسرائيل في 9 أيار/ مايو، بتعرض أكبر ميناء إيراني بمحطة شهيد رجائي في بندر عباس لهجوم إلكتروني، يمر منه 60% من التجارة الإيرانية عبر مضيق هرمز، ويضم أهم قاعدة بحرية استراتيجية لإيران، وتحدثت المصادر الأمريكية والأجنبية عن علاقة إسرائيل بالهجوم، رغم أنها لم تتحمل المسؤولية الرسمية".
وأوضح كاسبيت، وثيق الصلة بدوائر صنع القرار الأمني والسياسي الإسرائيلي، أن "خطابا ألقاه الجنرال أفيف كوخافي قائد الجيش الإسرائيلي في 19 أيار/ مايو، ألمح للهجوم، حين قال إن إسرائيل ستواصل العمل باستخدام مجموعة متنوعة من الأدوات العسكرية وأساليب القتال لضرب العدو، باعتبار أن الهجوم الإيراني على نظام توزيع المياه في إسرائيل تجاوز الخط أحمر".
ونقل الكاتب عن خبير إلكتروني إسرائيلي، ومسؤول كبير سابق بوزارة الحرب، لم يكشف هويته، إن "ذلك أول هجوم على إسرائيل من نوعه، ولم يكن بعيدا عن إلحاق إصابات بشرية، فكل من يحاول تغيير كمية الكلور بمياه الشرب يحاول إيذاء السكان، حتى لو فشلت هذه المرة، فقد تنجح المرة القادمة، ولذلك أثار الهجوم الإيراني غضبا إسرائيليا كبيرا، وتبعه قرار بتلقين الإيرانيين درسا رادعا في الحال".
وأكد أن "صور الأقمار الصناعية وتقارير المخابرات الغربية تشير إلى أن الانتقام الإسرائيلي أقوى بكثير من الهجوم الإيراني، وأن الأضرار التي لحقت بميناء بندر عباس كبيرة، والفوضى استمرت 3 أيام، ولم تنته بعد، مع تحطم معظم أنظمته الكمبيوترية، ووجود خطوط طويلة من الشاحنات لوحظت خارج بواباته، وازدحام مروري ضخم للسفن التي تمنع الدخول من البحر".
وأشار إلى أن "إيران استثمرت جهودا كبيرة لاحتواء الهجوم الإسرائيلي، وتقليل أضراره، وإعادة الميناء لعملياته الكاملة بأسرع ما يمكن، ومن الواضح أن جهة ما استخدمت سلاحا إلكترونيا معقدا تم إعداده مسبقا، وقام بتفعيل الأسلحة الاستراتيجية السيبرانية التي تعكس قدرات القوة السيبرانية، وتم تحضيرها مسبقا لصدام إلكتروني شامل، وأرادت هذه الجهة نقل رسالة تحذيرية رادعة، وعرضا لقدراتها، ويبدو أنها نجحت".
وأضاف أن "الهجوم الإسرائيلي على الميناء لم يتسبب بأضرار استراتيجية لإيران، فقد هدف لإفهامها حجم الفرق بين قدراتها وقدرات إسرائيل في ساحة السايبر، وأن محاولاتها لتدمير البنية التحتية المدنية بإسرائيل ستكون مكلفة، ولذلك يمكن لها مهاجمة أهداف أكثر أهمية من الميناء، والتسبب بألم أكبر لها، ولكن تم استخدام جرعة دقيقة هذه المرة لتحقيق التوازن بين عرض القوة والإشارة الرمزية، على أمل وصول الرسالة للإيرانيين".
وأشار إلى أنه "في 21 أيار/ مايو، بعد هجوم بندر عباس، تعرضت إسرائيل لهجوم سيبراني هائل، لكن الهواة وقفوا خلفه، وتعرضت مئات الشركات للقرصنة على مواقعها الإلكترونية وشاشات الكمبيوتر الخاصة بها، وبث مقاطع فيديو تظهر تل أبيب تحترق، وتهديدات مختلفة ضد إسرائيل باللغة العبرية، وبعد أن اعتقد الإسرائيليون في الثواني الأولى أنها ضربة إيرانية ردا على هجوم الميناء، فقد اتضح لاحقا أننا أمام متسللين عملوا بمفردهم".
رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال عاموس يادلين، الرئيس الحالي لمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، يتساءل: "إلى أي مدى تسيطر إيران على نشاط المتسللين الإلكترونيين؟ وهل يعملون نيابة عنها؟ لأن الهجوم الأخير استهدف العديد من المواقع، لكنه لم يوقع أضرارا كبيرة، وتم حظره خلال 24 ساعة".
وأضاف أن "هذه الأحداث المتسارعة تقدم لمحة مثيرة للاهتمام عن الحرب السيبرانية الجارية بين إسرائيل وإيران، ويتم تنسيق النشاطين السيبرانيين الإسرائيلي والأمريكي معا، وتنفيذهما في بعض الأحيان بالتزامن".
ويكشف بن كاسبيت أن "الزيارة القصيرة لوزير الخارجية مايك بومبيو لإسرائيل، في 13 أيار/ مايو، ربما ترتبط بالهجوم الإلكتروني الإيراني، أو الهجوم الانتقامي الإسرائيلي الذي أعقبه، لكن العيب الذي رافق الهجوم أنه أهدر السلاح السيبراني الاستراتيجي المعد لهجوم شامل، ما يوفر للإيرانيين فرصة ممتازة لدراسة السلاح المستخدم ضدهم، وتخطيط أنظمة الدفاع ذات الصلة، واكتساب الخبرة التكنولوجية، وهذا ما يفعله الإيرانيون الآن".
وختم بالقول إن "الإيرانيين يتعلمون من كل شيء، كما تعلموا من شظايا الطائرة الأمريكية المسيرة التي سقطت فوق الخليج في حزيران/ يونيو الماضي، إنهم يتقدمون، ويتعلمون باستمرار، ولديهم قدرات محاكاة ممتازة، وينبغي لإسرائيل ألّا تقلل من شأنهم".