لأول مرة تحدّد سلطات الاحتلال الإسرائيلي عدد المصلين في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، بخمسين مُصلياً فقط، بحجة منع تفشي فيروس كورونا الجديد، ما أثار حفيظة وزارة الأوقاف الفلسطينية، واستياء الفلسطينيين.
وقال مدير الحرم الإبراهيمي حفظي أبو سنينة، اليوم الأربعاء، لـ"العربي الجديد"، إن "سلطات الاحتلال حددت أعداد المصلين في الحرم وفي ساحاته بخمسين مُصلياً، ومنعت المزيد من دخوله منذ فتح المسجد أمام المصلين، فجر أمس الثلاثاء، وقد كانوا قرابة الألف مُصل، وذلك من دون تنسيق مع إدارة الحرم أو وزارة الأوقاف، وبذلك طبقت سلطات الاحتلال القانون الإسرائيلي على المُصلين الفلسطينيين، والذي يحظر تجمع أكثر من خمسين شخصا خلال جائحة كورونا".
واعتبر أبو سنينة أن "هذا التحديد تدخل صريح بشؤون الوقف" قائلاً: "نحن أولى بالمحافظة على سلامة المُصلين الوافدين إلى الحرم، وقد يكون هذا التحديد بداية تهويد كامل للحرم الإبراهيمي، وكل ما يصدر بالقول عن سلطات الاحتلال بأن الأوقاف هي من حددت أعداد المصلين عار عن الصحة، وقد أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية فتح وزارة الأوقاف المساجد دون تقييد الأعداد".
وينوي الاحتلال إقامة مصعد في الحرم الإبراهيمي، ورغم منحه فرصة لمديرية أوقاف الخليل بالاعتراض على المشروع خلال ستين يوماً، إلا أن مراقبين يرون أن منح الاعتراض شكلي والسلطة على الأرض للاحتلال، خاصة مع قرب إعلان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عن ضم الضفة الغربية وإعلان السيادة الإسرائيلية على مستوطناتها يوليو/ تموز المقبل.
وأبلغت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، بحسب أبو سنينة، منظمة "اليونسكو" بإجراءات الاحتلال الأخيرة التي تمس الحرم الإبراهيمي ومنها "مشروع المصعد" بصفة الحرم والبلدة القديمة التي يقع داخلها في الخليل، مُدرجة جميعها على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة، منذ العام 2010.
وينوه الناشط ضد الاستيطان عيسى عمرو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى خطورة ما يقوم به الاحتلال إزاء تحديد أعداد المصلين بوصفه بداية لتحركات إسرائيلية جديدة في الخليل القديمة. ويوضح "لأول مرة تنتزع سلطات الاحتلال السيادة كاملةً من وزارة الأوقاف الفلسطينية وبلدية الخليل، وهذا الأمر يحصل لأول مرة".
وعمل الاحتلال على مشروع الضم في الخليل في السنوات الأخيرة، بحسب عمرو، ومنه تحويل خمسة حواجز في البلدة القديمة في الخليل إلى "معابر" وتنفيذ المزيد من القيود على الفلسطينيين هناك، وإقامة 31 وحدة استيطانية في البلدة "مشروع الكراج"، "بالإضافة إلى ما سبق هناك من مشاريع تهويدية يعمل عليها الاحتلال، منها مشروع تحويل سوق الحسبة في الخليل إلى بؤرة استيطانية، والمشاريع التهويدية في الحرم وبدايتها فرض السيادة على المصلين الفلسطينيين بتحديد الأعداد.
وتسعى المقاومة الشعبية في الخليل خاصة في عمقها التاريخي والديني، وهي البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي، إلى مواجهة قرار الضم بتفعيل الردود الشعبية، وتقوية أواصر الأهالي لإنعاش الحياة في البلدة القديمة. ويقول الناشط عيسى عمرو: "نحاول تفعيل الأهالي في البلدة القديمة بأنشطة حياتية لهم ولأطفالهم حتى، لكن المطلوب في هذه المرحلة توحيد صفوف القوى الوطنية والإسلامية لمواجهة قرار الضم المدروس والذي يجري العمل عليه منذ سنوات".
يُذكر أن الاحتلال قسّم الحرم الإبراهيمي زمانياً ومكانياً عقب مجزرة الحرم في العام 1994، وأدى ذلك إلى مصادرة كامل مساحات الحرم الإبراهيمي الخارجية ما يعرف بـ"الاستراحتين الأولى والثانية"، فيما يملك الفلسطينيون السيادة على قرابة 80 في المائة من ساحته الداخلية، لكن هذه المساحة تُغلق أمام المصلين الفلسطينيين 10 أيام خلال الأعياد اليهودية عدا عن التضييق على المصلين وسدنة الحرم خلال الحواجز المقامة أمامه، ويتخوف الفلسطينيون من القادم الذي يُحضر له الاحتلال، عقب تحديد أعداد المصلين.