هذه المرة لم تكن جريمة الاحتلال الإسرائيلي عادية، بل فيها إعدام للإنسانية حين أقدم الجنود على ملاحقة إياد حلاق -32 عاما- وهو مصاب بالتوحد وقتله بدم بارد داخل مدرسته الخاصة التي عاد الذهاب إليها بعد اغلاقها لأسابيع طويلة.
حالة من الفرح انتابت "حلاق" بسبب عودته لمدرسته، فهو خرج من بيته دون أن يخبر والدته، فقط حمل شنطته على كتفه وبين يده دميته، وما أن وصل باب الأسباط في مدينة القدس، حتى بدأ الاحتلال باستفزازه والصراخ في وجهه، وطالبوه بإظهار السلاح الذي يحمله لكنه لم يفهم عليهم وهرب إلى مدرسته وما أن وصل إلى غرفة النظافة حتى أطلقوا عليه 8 رصاصات اخترقت جسدته واستشهد على الفور.
في حقيبة الشاب ورقة تفيد أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن همجية الاحتلال حين تصرفوا معه افقدته صوابه وجعلته يهرب إلى مدرسته ليحتمي بها، لكن الجنود سبقوه دون مراعاة لحالته رغم أن المكان معروف لذوي الاحتياجات الخاصة.
تقول والدة إياد وهي سيدة تجاوزت الستين من عمرها، تسكن برفقة عائلتها في حي وادي الجوز:" إياد الابن الوحيد لي كنت أخاف عليه من النسمة هو شفاف بشبه الملاك".
تلهث كثيرا وهي تبكي ابنها وتكمل القول:" الصبح بنتي صحتني بتقولي اياد مش بالبيت، بعد شوية وصلنا الخبر اليهود طخوه"، متابعة: خرجنا للبحث عنه وتأكدنا من استشهاده حين وصلت لباب الأسباط، وعند العودة للبيت وجدت الجنود يحوطون البيت وبالداخل عددهم أكثر من الأهل والمعزين".
تقطعت العبارات التي تسردها أم إياد وهي تردد "ايش ذنبه يطخوه، ليش ما فتشوا شنطته، ليش طخوه مباشرة"، ومضت: كان حلمه يصلي بالمسجد الأقصى.
رحل "حلاق" شهيدا دون أن يعرف سبب قتله بهذه الطريقة الغير إنسانية، تاركا والدته تبكي صغيرها البريء كما تصفه، فهو كان يعاني بطئا في النمو، ولديه مشكلة في السمع، وتفكيره لا يتجاوز تفكير طفل في السابعة من عمره.
استشهاد الشاب لم يمض سهلا، فقد أثار غضب الفلسطينيين لاسيما وأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث سادت موجة غضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يخشى الاحتلال من تحولها إلى مواجهة وعمليات بطولية خلال الأيام المقبلة انتقاما لحلاق.
خوف الاحتلال الإسرائيلي من ردة غضب الفلسطينيين، قابلها بالتحقيق مع أفراد الشرطة "ماحش" التابع لوزارة العدل تحت طائلة التحذير مع شرطيين من حرس الحدود بشبهة ضلوعهما في مقتل الشاب اياد حلاق من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وزعمت شرطة الاحتلال انها اشتبهت في الشاب حلاق انه كان يحمل مسدسا وأطلقا النار عليه بعد ان حاول الفرار رافضا الانصياع الى الأوامر بالتوقف، وتبين فيما بعد انه لم يكن مسلحًا بل يحمل هاتفه الخليوي.
وبحسب شهود عيان فان الشاب حلاق هرب من الشرطة واختبأ في مجمع لإلقاء النفايات في طريق دون مخرج حيث يتم إيقاف سيارات عمال النظافة.
وأضاف الشهود ان قوة شرطية تم استدعائها الى المكان أطلقت ست رصاصات على الأقل صوب الشاب.
من جهته قال مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك: إن الاحتلال الإسرائيلي وبعد هبة الأقصى أدخل تغييرات كبيرة على تعليمات إطلاق النار للجنود ولحرس الحدود، متابعا: التعليمات تتيح للجنود استخدام إطلاق النار لمجرد الاشتباه البسيط، الأمر الذي زاد من حالات القتل والاستخدام المفرط للقوة.
وأشار إلى أن القضاء الإسرائيلي تساهل مع القتلة الإسرائيليين كما حدث مع الشهيد عبد الفتاح الشريف، حيث أعطى أحكامًا مخففة لا تتناسب مع حجم الجريمة المرتكبة، منوها إلى أن جنود الاحتلال يعملون في جو من غياب المساءلة لهم؛ ما يشجعهم على الاستخفاف بأرواح الفلسطينيين.
وأكد أن إطلاق النار المباشر يأتي في سياق الإعدامات الميدانية؛ لكونه نفذ حكم خارج إطار القانون، مشيرا إلى أنه تم رفع بلاغات من عدة مؤسسات حقوقية فلسطينية للمحكمة الجنائية الدولية بهذا الخصوص.