يستعد الاحتلال الاسرائيلي لضم 30% من مساحة الضفة الغربية إلى سيادته، كما أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، أي ما يعادل 50% من المنطقة المصنفة (ج)"، وهي خطوة ضمن سلسلة خطوات تطبيق صفقة القرن التي أعلنتها الادارة الامريكية العام الماضي بهدف تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وقد حدد الاحتلال موعد الضم في الأول من يوليو القادم، وذكر نتنياهو أنه طبقا لـ"صفقة القرن" فإنه على مدى 4 سنوات لن يسمح للفلسطينيين أو الإسرائيليين بالبناء في 50% من مساحة المنطقة (ج) التي لن تفرض (إسرائيل) سيادتها عليها"، وهي المنطقة التي لا يوجد بها أي مستوطنات إسرائيلية قائمة، بمعنى أن المنع سيطال الفلسطينيين فقط.
وتخضع المنطقة "ج" التي تمثل 60 بالمئة من مساحة الضفة لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، وفق اتفاقية أوسلو الثانية 1995.
خطوات ردت عليها السلطة بوقف الاتفاقيات بما فيها التنسيق الأمني، فيما بدى الرد اعلامياً أكثر منه فعلا على الأرض، ما يفتح السيناريوهات حول واقع الضفة في اليوم التالي لعملية فرض السيادة الإسرائيلية عليها.
وقبل التطرق لتداعيات الضم وفرض السيادة يجب التأكيد أن الضفة الغربية وفق اتفاقية أوسلو تم تقسيمها إلى ثلاثة مناطق، وهي المنطقة "أ" وتخضع للسيطرة الأمنية والادارية الفلسطينية وتبلغ 18% من مساحة الضفة، والمنطقة "ب" تخضع ادارياً للسلطة الفلسطينية وأمنياً للاحتلال الإسرائيلي ومساحتها21% من مساحة الضفة الغربية، بينما المنطقة "ج" فهي خاصة تخضع بالكامل للسيطرة الإسرائيلية أمنياً وإدارياً وتشكل 61% من مساحة الضفة، وبمعنى آخر فإن اتفاق أوسلو مهد لعملية الضم من خلال القبول بالسيطرة الاسرائيلية على معظم مناطق الضفة.
ومع ذلك فإن الاحتلال ألغى الالتزام بتلك التصنيفات فعلياً بعد العام 2000 واندلاع انتفاضة الأقصى، ومن ثم في العام 2002 حينما أعاد احتلال الضفة الغربية بالكامل.
على المستوى الرسمي فإن موقف السلطة واضح منذ بداية الاعلان عن صفقة القرن واعلان القدس عاصمة للاحتلال فهي تنتهج سياسة التصعيد الاعلامي مع عدم المساس بالوضع القائم على الأرض، ويتضح ذلك بقوة من خلال تصريحات مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج بعد أسبوعين تقريباً على اعلان رئيس السلطة محمود عباس وقف التنسيق الامني والاتفاقيات.
وقال فرج أنه "سيحافظ على التنسيق الأمني مع (إسرائيل)، وسيعمل على تطويره بشكل عملي مستقبلا، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة تمكنت من إحباط تنفيذ 50 عملية ضد الاحتلال الإسرائيلي خلال النصف الأول من عام 2020 الحالي.
وقال فرج في حديث لمجلة "ديفنس نيوز" الأمنية الأمريكية إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلت خلال هذه الفترة أكثر من 70 فلسطينيا وصادرت أسلحة، مضيفاً أن الحفاظ على التنسيق الأمني مهم حتى استئناف المحادثات السلمية، و"العنف والإرهاب" لن يقربا الفلسطينيين من تحقيق حلمهم".
تصريحات فرج ليست الوحيدة في هذا السياق فمسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي يؤكدون على مواصلة التنسيق الأمني بين الجانبين، على الرغم من إعلان الرئيس محمود عباس وقفه، ما يعكس أمرين مهمين الأول أن السلطة ما زالت متمسكة بعلاقتها مع الاحتلال حفاظاً على المصالح والامتيازات التي يحظى بها قادتها، والثاني أن قرار وقف التنسيق وقلب الطاولة لم يعد بيد عباس وحده.
ومن ناحية أخرى فإن السلطة فعلياً تقبل بسيطرة الاحتلال على الضفة منذ سنوات طويلة وتتعامل مع ذلك على أنه أمر واقع ومفيد لمنع أي انهيار للوضع الأمني هناك أو صعود لقوى المقاومة التي ترى فيها العدو الأول، ولديها مصلحة مشتركة مع الاحتلال في محاربتها للحفاظ على وجودها.
أما على المستوى الشعبي فهو مرتبط بشكل كبير بالموقف الرسمي من حيث عدم قدرة أهالي الضفة حتى الآن الافلات من السطوة الأمنية الشرسة للسلطة والتي تنتهج سياسة جز العشب ضد كل خلايا المقاومة أو كل من يفكر في مقاومة الاحتلال، ومع ذلك فقد استطاع عدد من مقاومي الضفة تنفيذ عمليات نوعية خلال فترات ماضية رغم القبضة الأمنية القوية للاحتلال والسلطة معا.
ومع التوقع بحدوث اضرابات أمنية وعمليات فدائية في مناطق الضفة الغربية إلا ان اندلاع انتفاضة شعبية ما زال ضعيفا في ظل الوضع الراهن.