تزامن الإعلان عن وقف العمل بالاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال الإسرائيلي بما فيها التنسيق الأمني من قبل السلطة الفلسطينية، مع حملة دعائية وإعلامية واسعة، حيث أطلق عدد كبير من قيادات السلطة وحركة فتح تصريحات نارية ضد الاحتلال تتضارب مع حقيقة الواقع الموجود في الضفة الغربية.
ورغم إعلان السلطة الغاء الاتفاقيات إلا أنها ما زالت تتمسك بها عملياً وهو ما ينعكس عبر سلوكها السياسي والميداني في الضفة الغربية من خلال عدة مؤشرات:
الأول: التمسك الضمني بالاتفاقيات واستمرار اعترافها بالاحتلال الإسرائيلي، وهو ما ينعكس بوضوح في تصريح صدر عن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، حيث قال "إن القيادة الفلسطينية اتخذت خطوات كفيلة "لجعل الاحتلال يدفع ثمن احتلاله طوال 53 عاما على حساب الشعب الفلسطيني".
وأضاف عريقات، أن السلطة ألغت الاتفاقات التي تنصلت منها (إسرائيل) "وألغتها عمليا بفرض الوقائع على الأرض بقوة الاحتلال، وحملتها مسؤولياتها كافة استنادا إلى القانون الدولي وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة", وهو تصريح يحمل في متنه تناقضا واضحا مع قرار السلطة الغاء الاتفاقيات.
التصريح يعكس السلوك السياسي للسلطة رغم إلغاء الاتفاقيات التي شملت الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي. فعريقات ما زال يتحدث عن الاحتلال الذي بدأ قبل 53 عاماً فقط أي منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما يتم تجاهل الاحتلال والتهجير الذي جرى في العام 1948، وهو اعتراف صريح بالاحتلال.
الثاني: رغم إلغاء الاتفاقيات وفق ما أعلنت السلطة إلا أنها ما زالت تلتزم بتعهداتها الأمنية اتجاه الاحتلال ميدانياً، فقد أوقفت التنسيق لكن عمل الأجهزة الأمنية لم يتوقف ولا تتوان عن محاربة المقاومة الفلسطينية ومنع أي عمل ضد الاحتلال، ما يعني انها ما زالت مستمرة بتقديم الخدمات الأمنية لحماية الاحتلال حتى لو من طرف واحد.
ويتضح التزام السلطة بالتعهدات الأمنية وحماية المحتل حتى لو من طرف واحد عبر تصريح قيادي في السلطة الفلسطينية لقناة كان العبرية قبل أيام "في حال ضم الضفة سيسمح بالمظاهرات الشعبية ولكن لن نسمح بالعمل المسلح".
وقالت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية صباح الأحد، أن أجهزة أمن السلطة أحبطت عملية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي خطط لتنفيذها شبان فلسطينيون في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.
وبينت الصحيفة أن المعلومات الاستخباراتية التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية قادت للكشف عن 30 عبوة أنبوبية، بالإضافة إلى بندقية من كارلو، مشيرة إلى أنه بسبب التوتر الشديد الناجم عن وقف التنسيق الأمني فقد نقلت المعلومات حول العبوات مباشرة وبشكل فوري إلى قيادة الأجهزة الأمنية، التي أمرت بالتحرك بشكل مستعجل.
الثالث: تمسك السلطة بما تسميه المواجهة السياسية والقانونية والدبلوماسية لجعل المجتمع الدولي ينخرط في إنفاذ قرارات الشرعية الدولية وتطبيق القانون الدولي"، وهو استمرار لمحاولاتها تدويل القضية واللجوء للشرعية الدولية التي لم تتمكن من تنفيذ أي قرار جرى اتخاذه سابقاً لإنصاف الشعب الفلسطيني وإعطائه حقه في تقرير مصيره.
والأسوأ ان السلطة تتمسك بهذا السلوك في وقت تشهد المنظومة الدولية انهيارا واضحا ونشر الفوضى وهيمنة القوة وقانون الغاب الذي تزايد نتيجة سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
السطلة تتعهد بجعل الاحتلال يدفع ثمن احتلاله فيما تحارب من أجل حمايته ومنع أي شكل من أشكال المقاومة ضده، إلى جانب استمرارها في نهجها السياسي القديم والمريح إلى حد كبير بالنسبة للاحتلال، الذي اعتاد ان يسمع عن الحرب والمواجهة في الاعلام فقط وينعم بالهدوء والاستقرار على الأرض.