اجتماع جديد أعلن عنه مجلس الأمن، ليس لتدارس قضية جديدة، بل هو دراسة المدروس سابقا لعشرات المرات، وهذه المرة هي قضية الضم، إذ لا يمكن أن تمر هكذا بدون بصمة لمجلس الأمن حتى لو كانت مضيعة للوقت، وحلقة جديدة في حلقات الكلام دون تنفيذ.
أعلنت الأمم المتحدة أن مجلس الأمن الدولي سيعقد الأسبوع الحالي اجتماعًا على مستوى عالٍ، بشأن الشرق الأوسط، لبحث قرار )إسرائيل( ضم أراض فلسطينية.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، عبر دائرة تلفزيونية مع الصحفيين بمقر المنظمة الدولية في نيويورك.
وقال حق: إن "كلًا من الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) والمنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، منخرطان بقوة في مسألة قرار )إسرائيل( ضم أراض فلسطينية".
هذا قرار آخر، إضافة جديدة لعشرات القرارات التي وجب علينا استعراضها لتقليب مواقف مجلس الأمن في ملفات القضية الفلسطينية.
كان أولها أول قرار أممي، وهو قرار 194 من الأمم المتحدة بحق اللاجئ الفلسطيني في العودة والتعويض لكل المهجّرين، وبدلا من تنفيذ القرار الرافض للتهجير، بارك قرار آخر في السنة التي تليها وهو انشاء الأمم المتحدة للأونروا لخدمة اللاجئين.
وفي قراره التالي وبعد احتلال 67 صدر قرار لمجلس الأمن يحمل الرقم 242 و338 والذي يعتبر الضفة وغزة والقدس الشرقية أرضًا محتلة وجب الانسحاب منها".
ثم وبدلا من تطبيق قرار مجلس الأمن بإعادة اللاجئين المقدسيين الى ديارهم، أصدر مجلس الأمن قرارا آخر بتبني قرار انشاء الأونروا في العام الذي يليه لخدمة مهجري 67 الجدد وهذا يعني تثبيت اللاجئين في لجوئهم.
ثم توالت الاجتماعات التي لا طائل منها، وبقيت مجرد تنديدات وقرارات حبر على ورق وخاصة فيما يتعلق بالتوسعة الاستيطانية (الإسرائيلية).
ففي 4 يوليو/تموز 1967: قدم مجلس الأمن دعوة لاحترام حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة وإلزام (إسرائيل) بضمان سلامة سكان تلك المناطق وأمنهم.
ـوتبعه في 20 ديسمبر/كانون الأول 1971 قرار آخر يقضي بمطالبة (إسرائيل) بإلغاء جميع إجراءات ضم أو استيطان الأراضي المحتلة.
هذا بالإضافة الى اجتماعات لتجديد قرارات قديمة لم تؤت أكلها، ومحاولة تأكيد المؤكد الذي لم يقدم أو يؤخر شيئا ففي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، خرجت أغلبية الدول في مجلس الأمن بمطالبة الاحتلال بإنهاء احتلاله للأراضي المحتلة وأكد مشروع القرار أهمية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ 1967، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وضرورة إيجاد حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية-الإسرائيلية، ودعوة إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني!!
وفي الوقت الذي استغلت فيه (إسرائيل) كل الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة وعلى رأسها المياه وفي 19 ديسمبر/كانون الأول 2017 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يؤكد حق الفلسطينيين في تقرير المصير حصل على تأييد 176 دولة ومعارضة سبع دول -بينها (إسرائيل) وأميركا- وامتناع أربع، وفي 20 ديسمبر/كانون الأول 2017 صدر قرار يؤكد حق الفلسطينيين في استغلال مواردهم الطبيعية التي لم يتبق منها شيء حتى ذلك التاريخ الا وسلبته (إسرائيل)!
ولم ينس مجلس الأمن القدس واعتراف الولايات المتحدة بها عاصمة (لإسرائيل)، حيث اجتمع في 21 ديسمبر/كانون الأول 2017 وخرج بقرار يؤكد رفضه لأي إجراءات لتغيير الوضع في القدس، وهو ما يعني رفض القرار الأميركي اعتبار المدينة المقدسة عاصمة (لإسرائيل)!
وفي الشهر الماضي قدم السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور وجهة نظر واحاطة كاملة لما سيجري في مشروع الضم، بل قدم منسق عملية السلام ميلاندوف ورقة أخرى حول المستجدات في مشروع الضم لافتا الى أنه خرق للقانون متحدثا بإسهاب عن خروقات في القانون الدولي وتأثيراته على العملية السلمية، وآثاره السياسية والقانونية والسلبية.
إذا لماذا الدعوة لاجتماع جديد؟! مضيعة للوقت أم دعوة لتأكيد المؤكد، وتشتيت المشتت، فالمتابع لسيل الأخبار يعتقد أن هناك الكثير من المحاولات لمواجهة خطة الضم، وفي الحقيقة هي محاولات مكررة، تحركات تمر على استحياء، تعلم تماما أنها ستبقى مجرد حبر على ورق، تتلخص في اجتماعات أصبحت تقليدية يعتقد المشاهد للوهلة الأولى أنها مكثفة، وستقدم حلا ما لمصادرة أكثر من 30% من أراضي الضفة على مراحل وبانسيابية (إسرائيل) المعتادة.
وفي الحقيقة فإن أغلبية الدول المجتمعة، والموقعة، والرافضة، والمنددة، هي دول التطبيع الجديد مع الاحتلال والذي ينسل بعناية فائقة إلى واقعنا ويفرض معادلة ليست بالجديدة، ولكن ظهورها على العلن هو الذي يبدو جديدا، وتلك المعادلة التي ستضم الضفة على مرأى من المجتمعين هي ذاتها التي حاصرت غزة لسنوات طويلة ودمرتها بثلاثة حروب متتابعة، وكان مجلس الأمن أيضا يندد ويعقد اجتماعات طويلة بالشراكة مع السلطة الفلسطينية.