غزة _أمل حبيب (الرسالة نت)
كانت سعيدة بشريك حاضرها ومستقبلها.. أحلامها الوردية حلقت عاليا لتصل عنان السماء .. خططت بدقة لكل التفاصيل المتعلقة بعش الزوجية , وكان التوافق هو العنصر السائد في حياتهما وكأنهما "فولة وانقسمت نصفين"ولكن يا فرحة ما تمت , فجاء اليوم الذي قتل الأحلام وفرق الخلان وذلك بعد اختلاف أهل الخاطبين على فستان الزفاف فلقبت نور بالمطلقة لأتفه الأسباب وتبخرت أحلامها .
الخاسر الوحيد
قصة أحلام ابنة العشرين ربيعا لا تختلف كثيرا عن تفاصيل حكاية نور فالسبب هو تدخل الأهل ولكن بأسلوب آخر , أحلام تقول ودموعها تابى ان تسقط من عينها حتى تحافظ على بقايا كبريائها :" تقدم لخطبتي محام من أسرة محترمة استمرت فترة خطبتي منه ثلاثة شهور وكنت سعيدة بارتباطي به ", وأضافت :" بعدها حصل سوء تفاهم بين إخوتي وخطيبي فأصروا أن يطلقوني منه وضغطوا علي حتى أتنازل عن كل شيء (...) أنا الخاسر الوحيد من الطلاق فمن يومها لم يأت احد لخطبتي ".
واليوم تشعر أحلام بالندم والشعور بالفشل لأنها لم تتخذ موقفا صحيحا بالتمسك بخطيبها , بالإضافة إلى أنها لم تعد تحتمل نظرات المجتمع القاسية لها.
وتحرص الكثير من العائلات الفلسطينية في قطاع غزة على عقد قران بناتهن من بداية فترة الخطوبة حتى تستطيع أن تتحدث مع خطيبها وتخرج معه أمام الناس من غير نظرات غريبة وعلامات استفهام.
أما "نداء.ر" تنظر إلى سنوات حياتها التي تمضي من غير زوج يشاركها أفراحها وأتراحها وكأن المجتمع يعاقبها لأنها فسخت خطبتها بعد شهر من الارتباط فتقول بحسرة :" كانت شخصيته ضعيفة, لا يستطيع اتخاذ القرارات بمفرده والدته تتدخل في كل صغيرة وكبيرة , وتسألني لماذا اشتريت هذا ؟ ولماذا لم تأخذي هذه ؟ ", وصمتت نداء قليلا ثم شقت دمعتان لامعتان طريقهما على خديها, وتابعت :" عندما كنت أحدثه عن أي أمر في أثاث ولوازم بيت المستقبل كان يقول لي : بس احكي لماما ..الأفضل إني اسأل ماما , فلم اعد احتمل وأخبرته بان دلوع ماما ما بلزمني ".
الكثير من الناس يرى بان تجربة الطلاق قبل الزفاف تعتبر تفاديا من الوقوع بمشكلة اكبر, فوالدة نداء تقول للرسالة :" الحمد لله , "إحنا عالبر" الطلاق قبل الدخول أفضل من بعده مهما كانت سلبياته فهي اقل من بعد الزفاف ", مشيرة إلى أن فرص زواج ابنتها من الشخص الأفضل ما زالت متاحة .
ألم ومرارة للرجل
ويعتبر الطلاق قبل الزفاف مؤلما بالنسبة للفتيات ولكن بعض الشبان أيضا يشعرون بالمرارة خاصة عندما يكون الطلاق بغير إرادتهم, "ب.ح" يتحدث (للرسالة) عن تجربته الصعبة فيقول:" خطبت مرتين وفي كل مرة أفشل في الاستمرار". أما عن خطبته الأولى , فلم تستمر طويلا ففي يوم عقد القران في المحكمة جاء ابن عمها وطلبها من والدها فدهش الجميع من الطلب الغريب ولكن الفتاة وافقت واعتذرت من "ب.ح " , وعاد وحيدا ليبحث عن عروس أخرى من جديد .
أما عن تفاصيل خطبته الثانية فيقول :" تركت ألما ومرارة في قلبي أكثر" , احتفل بها ودعا الجميع ..كان سعيدا بزوجة المستقبل وأم أولاده , ولكن الخلل بدا عندما لاحظ الجميع أن عروسته لم تنسجم معه لا في الاحتفال أو في التنزه أو حتى عند زيارته لها في بيت أهلها, ولكن " ب.ح" لاحظ ذلك ولكنه " عمل نفسه مش شايف " وحاول أن يبين لها مدى احترامه وحبه لها , ولكن الفتاة صارحته بالحقيقة المرة وأنها لا تريد الارتباط به وان أهلها من اجبروها لأنه ميسور الحال ولديه وظيفة , فكانت الصدمة كبيرة على "ب.ح" وشعر بالفشل والإحباط بعد انفصاله عنها.
أما مجدي 27 عاما من غزة تمت خطبته على فتاة من محافظة أخرى من القطاع وبدا يزورها ويتحدث معها , ولكن الاختلاف وعدم التوافق كانا سيدا الموقف, فبعد أسبوعين على الخطبة أصر مجدي على فسخها , ولكن أهله وأهلها رفضوا وأرادوا تقريب وجهات النظر والإصلاح بينهما ولكن لا فائدة , واستمرت الخطبة لمدة عامين على أمل أن يعدل مجدي عن رأيه , ويقول "للرسالة":" تقدم أهلي لخطبة الفتاة لجمالها , ولكنني صدمت بعاداتهم وتصرفاتهم , فلم استطع التفاهم معها , ومع تفكيرها (...) بعد عامين تم الطلاق ".
الآثار الاجتماعية والنفسية
رئيس قسم الخدمة الاجتماعية بالجامعة الإسلامية د.وليد شبير يعرف فترة الخطوبة بأنها اختبار للخاطبين لدراسة شخصية الآخر ومعرفة العادات والتقاليد له , موضحا بان التعرف بين الطرفين يتيح تلافي كثير من المشكلات .
وقال الأخصائي الاجتماعي :" قد تحدث مشاكل بين الخاطبين ,بان يكتشف احدهما بان الآخر لا يتناسب معه أو مع مستواه العقلي أو الاجتماعي ولن يكون سعيدا بإكمال حياته معه فالطلاق قبل الدخول هو علاج للمشكلة بدلا من أن تتفاقم ويتم الطلاق بعد الدخول ".
ويرى شبير بان فسخ العقد قبل الزفاف اقل ضررا من بعده وخصوصا للفتاة لان نظرة المجتمع السلبية تكون قاسية على الفتاة وتجعلها هي السبب في أية مشكلة , مبينا بان هذه النظرة خاطئة فالكثير من المطلقات محترمات ومؤمنات , وربما يكون الطلاق خير لهن .
أما عن آثار الطلاق قبل الدخول يقول شبير :" ينتج عنه مشاكل نفسية واجتماعية ومنها الشعور بالفشل والقلق والخوف من خوض تجربة جديدة , بالإضافة إلى الانزعاج من تساؤلات الناس عن سبب الطلاق ونظرة المجتمع القاسية للفتاة المطلقة ".
وتتعدد أسباب الطلاق قبل الزفاف أوجزها رئيس قسم الخدمة الاجتماعية "للرسالة" :اختلاف المستوى التعليمي والثقافي , أو عدم رضا احد الطرفين عن سلوك الآخر , منوها إلى أن إشباع الرجل لنزواته فترة الخطوبة قد تحدث مشكلات تؤدي إلى الطلاق .
ودعا الأخصائي الاجتماعي الأهالي إلى السؤال عن سلوك وأخلاق وتدين الطرفين قبل الموافقة , فهي من العوامل التي تبني حياة أسرية ناجحة بعيدة عن المشاكل والاختلافات .
رأي قانوني
القاضي عمر نوفل رئيس محكمة الاستئناف بخانيونس تناول موضوع الطلاق قبل الدخول حيث أكد على أن الطلاق قبل الدخول يقع بائنا ويوجب نصف المهر المسمى في عقد الزواج ولا عدة فيه وهذا إذا لم يحدث خلوة صحيحة بين الخاطبين .
أما إذا حدث الطلاق بعد خلوة صحيحة بين الطرفين وهو أن يجلس مع خطيبته بعيدا عن أعين الآخرين ودون أن يطلع عليه احد, فعليها عدة ولها جميع المهر .
أما عن أكثر أسباب الطلاق التي تأتي إلى المحاكم الشرعية قال نوفل :" البيوت الممتدة والمشاكل التي تنتج عنها , فيكون الخطيب قد وعدها بشقة بمفردها ولكن بعد عقد القران يتضح بأنه يعيش مع أهله مما يسبب الطلاق قبل الدخول ", وأضاف :" المستوى الثقافي والتعليمي يسبب في الطلاق وكذلك تدخل الأهل , أو وجود عيب في احد الطرفين ".
وأوضح القاضي نوفل بان هنالك بعض الأشخاص لجئوا للطلاق لأسباب تافهة منها الاختلاف على مسالة الفندق وحجز الصالة , وكذلك عدم الاتفاق على فستان العروس , داعيا جميع الشباب أن يبحثوا عن المعايير التي وضعها الإسلام حسب قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف :" تنكح الفتاة لأربع : لمالها وجمالها وحسبها ونسبها وبدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ".