يستمر موقف الاتحاد الأوروبي الرافض لصفقة القرن وكل تبعاتها والتي تتجسد حالياً عبر تنفيذ مخطط ضم الضفة الغربية والأغوار، حيث أن الموقف الأوروبي يعتمد رؤية سابقة وثابتة لحل الصراع، والقائمة على "حل الدولتين"، وبعيدًا عن التفرد بالقرار.
وترفض أوروبا كل الإجراءات والرؤية الأمريكية الجديدة التي صعدت في عهد ترامب وما ينتج عنها من تداعيات على فرص التسوية.
ويحاول الاتحاد الأوروبي منذ الإعلان عن نية الاحتلال فرض السيادة على %30 من الضفة الغربية، الضغط باتجاه التراجع عن هذه الخطوة والعودة إلى الحل عبر التسوية، وقد طرح وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، على وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اقتراحًا بهدف العمل على إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين لطاولة المفاوضات، وبحث إطلاق عملية دولية مشتركة بهدف إحياء المفاوضات من جديد.
وأكد وزراء الخارجية أن أوروبا تدعم حل النزاع (الإسرائيلي) - الفلسطيني وفقًا لمعايير معترف بها دوليًا، وأن برنامج ترمب كان قادرًا على تحفيز العملية التي وصلت إلى طريق مسدود، لكنه لا يعتمد على المعايير التي تريدها أوروبا".
في المقابل تقتصر هذه المواقف على التصريحات والبيانات والتي جعلت من الدور الأوروبي مكملًا لا يرتقي، وغالبًا، لا يسعى، لمنافسة الدور الأميركي، ولا حتى لمستوى دوره الاقتصادي والتمويلي.
ويسعى الاتحاد الأوروبي لمنع (إسرائيل) من ضم أجزاء من الضفة المحتلة حتى لا يضطر للرد، فأعد تحذيرًا يهدف إلى إقناع دولة الاحتلال بالتخلي عن خططها بهذا الصدد لتجنب فرض عقوبات عليها، كما أظهر الاتحاد الأوروبي قبوله التعاون مع الدول المجاورة ودول المنطقة لدعم حل تفاوضي لدولتين من أجل آفاق سلام قابلة للاستمرار بين (الإسرائيليين) والفلسطينيين، وفق رؤيته.
وكان مسؤول في الاتحاد الأوروبي قال "إذا انتقلت (إسرائيل) إلى الأفعال وقامت بضم غور الأردن في الضفة الغربية، فلا فرق عما فعلته روسيا مع "شبه جزيرة القرم" في 2014، ما اعتبره البعض تلويحا بفرض عقوبات على الاحتلال كما فرضت على روسيا والتي شملت تقييد أنشطة وفعاليات مواطني وشركات الاتحاد الأوروبي في شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول، حيث لا يسمح الاتحاد الأوروبي باستيراد المنتجات من منطقة القرم وسيفاستوبول، ولا يمكن لمواطني وشركات الاتحاد شراء عقارات في المنطقة، ولا تمر سفن الركاب السياحية الأوروبية من موانئ المنطقة إلا في الحالات الطارئة.
كما تمنع العقوبات تصدير بعض المنتجات والتقنيات المستخدمة في قطاعات الطاقة والمواصلات والاتصالات إلى القرم، وتمنع كذلك مد منطقة القرم بالتكنولوجيا المستخدمة في عدد من القطاعات كالتنقيب عن النفط والغاز والمعادن واستخراجها وإنتاجها.
وبغض النظر عن مدى جدية الاتحاد الأوروبي في فرض العقوبات لكنه يتبنى سياسة واضحة اتجاه الصراع في الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينية لكنها سياسة لم تمنحه قدرة على تغيير الوضع السياسي نتيجة عدة أسباب وهي:
التركيز على الجوانب الاقتصادية: يعتبر الاتحاد الاوروبي تكتلا اقتصاديا بالدرجة الأولى، أكثر منه سياسي، ولذا اقتصر دوره خلال عقود التسوية والمفاوضات على التمويل وتعزيز الجوانب الاقتصادية، ما قلص من تأثيره على سير القضية الفلسطينية.
التبعية للموقف الأميركي: يرتبط الاتحاد الأوروبي بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة على كل الأصعدة واستطاعت الأخيرة ان تجعل من أوروبا تابعا سياسياً لها ما أثر على موقفها من الصراع وأدى لعدم تطور موقفها الفعلي، فقد أبقت أوروبا مفاتيح الحل في القضية الفلسطينية بيد الولايات المتحدة.
عدم وجود قرار موحد ومركزي لدى الاتحاد الأوروبي: تغيب عن قرارات الاتحاد الأوروبي المركزية نتيجة وجود عدد كبير من الدول التي تختلف في علاقاتها من الاحتلال الإسرائيلي وأميركا، وتختلف وجهات النظر السياسية فيما بينها اتجاه القضية الفلسطينية ما أضعف الموقف الأوروبي تجاه الصراع.