منذ الحديث عن مخططات الاحتلال بضم الأغوار وفرض السيادة عليها، بدأت تزداد مخاوف العائلات البدوية هناك، خاصة وأن الضم يعني تشريد أصحاب الأرض الأصليين بعد تضييق الخناق عليهم من خلال هدم مساكنهم ومنشآتهم ومصادرة أراضيهم وفرض قيود مشددة على حركتهم، بدعوى أنها منطقة تدريب عسكري، أو بحجة البناء في مناطق مصنفة "ج" دون ترخيص.
بالقرب من البحر الميت تصطف بيوت الصفيح المنتشرة لعرب المليحات "بدو الكعابنة" حيث يشكل وجودهم خط تماس متقدما في مواجهة الاستيطان كون المنطقة استراتيجية.
طبيعة حال بيوتهم ليست دليل فقرهم بل نتيجة منع الاحتلال لهم من البناء في المنطقة وفرض الضرائب وهدم كل بناء جديد، فقد كان جليا في السنوات الأخيرة تركيز الاحتلال في استهداف التجمعات البدوية مما أدى إلى تهجير 60% من تجمعاتهم ومضاربهم لمصلحة المستوطنات.
ويؤكد بدو المليحات أن مخطط الضم بدأ العمل به منذ احتلال أراضيهم عام 1967، وما يحدث اليوم هو تتويج لما فرض على الأرض من حقائق.
وعلى تلك المضارب يعيش حوالي ألف بدوي فلسطيني يتعرضون بشكل متكرر إلى شتى المضايقات من الاحتلال ومستوطنيه، حيث يعود أصلهم إلى النقب فقد هجروا منها عام 1948، وتم ترحيلهم مرة أخرى عام 1967 وانتقلوا للمنطقة التي يقيمون فيها حاليا.
ورغم أن الحياة صعبة ومحفوفة بالمخاطر في المليحات إلا أن سكانها يقاومون الظروف الصعبة من حيث ظروف السكن التي تحفها المخاطر والطريق الصعبة التي يسلكها الطلبة للمدارس، عدا عن تهديدات الاحتلال المتواصلة، فما يميز الناس هناك الطموح للبقاء في ظل الظروف القاسية.
الصمود الذي يسطره سكان المنطقة دفع الاحتلال لاستهدافهم في المنطقة التي يقيمون عليها، فيستهدف منطقة عين العوجا المجاورة حيث مجرى المياه المغذي للمنطقة لمصلحة المستوطنات المستحدثة في المنطقة، ويلاحق البدو بسبب انتشارهم على رقعة واسعة من الأرض.
ويستهدف الاحتلال البدو وخاصة عشيرة المليحات "الكعابنة" كون كل راع منهم يسوق أغنامه في مناطق شاسعة خالية من السكان فوق التلال والسفوح الجبلية وذلك مشكلة حقيقية للمستوطنين الذين يسعون للسيطرة على كل شيء، لكن يقلد المستوطنون البدو في نمط العيش حيث نصبوا الخيام ورعوا الأغنام.
ومؤخرا، وعبر تصريحات صحفية ذكر حسن مليحات وهو محام وناشط من بدو المليحات أن منطقتهم حساسة والحفاظ على الوجود الفلسطيني ودعمه فيها مهم للغاية لمواجهة مشروع الضم ومجمل المشروع الاستيطاني.
ودعا مليحات لمقاربات مختلفة للتعامل مع المنطقة، مؤكدا أن أهم عامل لصمود سكانها البدو هو الأمل والصمود في سياق مقوماتٍ صفر؛ ما يتطلب أن تعزز تلك الروح بجميع مقومات البقاء لحماية الحد الجنوبي للأغوار من التهجير مجددا.
وتجدر الإشارة إلى أن مخاوف العائلات البدوية في الاغوار بدأت تزداد بعدما اتفق رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو مع زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، على فرض السيادة الإسرائيلية على أراض من الضفة ابتداء من الأول من الشهر المقبل، كجزء من "صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.