كثيرة هي البيانات والتصريحات التي أدلت بها السلطة حول العجز الكبير في ميزانيتها وعجزها عن دفع رواتب موظفيها للشهر الثاني على التوالي، في وقت لم يُعرَف بعد أين ذهبت الكثير من القروض والمنح والمساعدات التي وصلت للسلطة.
وبعيدا عن صندوق "وقفة عز" وما صحبه من إشكاليات وشبهات فساد، والتبرعات التي سبقت جائحة كورونا، دعونا نحسب الأموال التي تلقتها السلطة خلال أزمة كورونا ونتساءل عن سبيل هذه الأموال التي لم تستغلها السلطة حتى لحل أزمة رواتب موظفيها.
ولم تدفع السلطة رواتب موظفيها عن شهر مايو الماضي بسبب عدم تلقيها أموال المقاصة في وقت تنوي (إسرائيل) ضم الضفة والأغوار خلال الأيام المقبلة، في حين لم يعرف مصير الكثير من الأموال التي سنفصلها في التقرير.
** أموال طائلة!
وبالنظر للأموال المعلنة التي وصلت للسلطة، وأفصحت عن استلامها أو أعلنت الدول المتبرعة أنها سلمتها للسلطة، نجد أن سلطة النقد أعلنت عن رصدها مبلغ 300 مليون دولار كقروض من سلطة النقد لدعم المشاريع المتوسطة والصغيرة.
ورغم صعوبة نجاح تلك المشاريع في ظل الأوضاع الحالية، إلا أن السلطة لم تفصح عن آليات توزيع تلك القروض حتى اللحظة ولا مصير الأموال المرصودة لصالحها.
وأعلنت قطر عن تبرعها بمبلغ 10 مليون دولار للسلطة، في وقت أعلنت فيه الكويت عن منح السلطة مبلغ 5.5 مليون دولار، و5 مليون دولار من تركيا.
وكان البنك الدولي قد أعلن الشهر الماضي عن منح السلطة 6 مليون دولار، ودفعت السعودية 10 مليون ريال سعودي لخزينة السلطة.
ورغم أن السلطة أعلنت عن تلقيها 71 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، إلا أن الاتحاد أعلن عن مجموع أموال بقيمة 375 مليون يورو، وصلت السلطة خلال فترة كورونا، لتبقى بقية الأموال مجهولة المصدر.
كما أعلنت المملكة المتحدة عن تبرعها بمليون دولار للسلطة، وحصلت على 500 مليون شيكل كقرض من البنك المركزي (الإسرائيلي)، و2 مليون شيكل من البنك الإسلامي الفلسطيني والبنك الوطني الفلسطيني، ومليون دولار من رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري، ونصف مليون دولار من مجموعة الاتصالات الفلسطينية.
وبجمع المبالغ السابقة، نجد أن الإجمالي يصل إلى 3.25 مليار شيكل، في وقت أعلنت فيه الحكومة في رام الله عن عجز بقيمة 850 مليون شيكل لشهر مايو الماضي، وهو ما يثير التساؤلات عن مصير هذه الأموال.
الأرقام سابقة الذكر هي فقط الأموال المعلن عنها فيما تأتي الكثير من التبرعات دون إعلان، كالـ 5 مليون دولار من الولايات المتحدة وتبرع البرازيل الذي وصفته السلطة بأنه "مبلغ رمزي" ولم تذكر قدره، وكذلك لم تشمل الأرقام السابقة صندوق "وقفة عز" والتلاعب الذي حصل به.
ويأتي ذلك، في وقت لم تشرع السلطة بفتح مراكز للحجر الصحي بعدما أعلن رئيس الحكومة في رام الله محمد اشتية، بأن الحكومة ليس لديها قدرة مالية لفتح مراكز حجر صحي لأنها تحتاج مصاريف كبيرة.
بدوره، تساءل السفير الفلسطيني السابق، عدلي صادق، عن صندوق الاستثمار المسمى "الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار" الذي يديره محمد مصطفى منذ أكثر من 20 عاما، ولماذا لا يتم استغلاله لحل أزمة موظفي السلطة.
وقال صادق في منشور على صفحته على "فيس بوك": "تحدثت السلطة مسبقا أنه يوجد في الصندوق مليار و400 مليون دولار. بعدها أغلقت أبواب الصندوق ونوافذه ولم يعد يُسمع عنه شيء".
وأضاف: "مشكلتنا في أن مشروع السلطة يديره حفنة لصوص من ذوي البطون الجرباء، يتحكمون في مصير حركة تحرر".
وأكد على "ضرورة فتح ملف صندوق الاستثمار منذ أن تأسس، للنظر في هيكليته، والتساؤل عن بيانات أرباحه خلال أكثر من عشر سنوات، ولمعرفة بيانات رواتب المدراء فيه، والأسباب المنطقية إن كان فيها منطق".