هذا هو الشهيد رقم خمسة خلال هذا العام، شهيد سجين، خلف القضبان منذ 26 عاما، المرض والإهمال، ثم ينسل الموت الى روحه ببساطة ويتحول الى رقم في مقابر الأرقام.
هذه المعادلة التي نجحت (إسرائيل) بفرضها علينا، أسراكم سيموتون داخل السجون، ثم يتحولون الى الدفن في مكان مجهول، دون وداع ولا نحيب ولا عناق أخير لأبنائه.
الشهيد سعدي خليل الغرابلي، الشهيد رقم 224 منذ بداية الحركة الأسيرة، والذي أعلن عن استشهاده بالأمس بعد تضارب للأبناء ليومين، بين من ينفي ويؤكد بقي الخبر معلقا ينتظره أبناؤه العشرة حتى أكدته هيئة شؤون الأسرى.
استشهد صباح اليوم، الأسير سعدي الغرابلي (74 عاما) من قطاع غزة، داخل سجون الاحتلال نتيجة سياسة الإهمال الطبي، اهمال مركب لستة وعشرين عاما.
وقال مكتب إعلام الأسرى، إن الأسرى في سجون الاحتلال قرروا إغلاق كافة الأقسام حدادًا على روح الشهيد الأسير الغرابلي، واحتجاجا على سياسة الإهمال الطبي التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال.
نتقن الحداد حين يتعلق الأمر بالخطوط الحمراء، بالموت انتظارا، موت كأقسى ما يكون الموت، ما أصعب أن تموت منتظرا على قارعة زنزانة باردة، بينما علت تكبيرات الرفاق في الزنازين المجاورة، تكبيرات ممزوجة بالقهر والظلم ورائحة العمر الذي ينسل بين الأصابع.
مات الغرابلي سريريا قبل أيام، فسارعت قسوة السجان إلى رفع أجهزة التنفس متعطشة لخروج الشهقة الأخيرة فأعلن الحداد مرة، ثم نفى السجان خبره، فارتفع الأمل في قلوب عشرة أبناء ينتظرون فرجا بات مستحيل الحدوث، حتى أتى الخبر اليقين واستشهد الأسير الذي أمضى سبعة وعشرين عاما ينتظر.
أعلنت الهيئة استشهاد الأسير الغرابلي في سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي وإصابته بمرض السرطان، قبل أن تتراجع صباح أمس عن ذلك.
والأسير الغرابلي ثاني أكبر أسير من قطاع غزة بعد الأسير فؤاد الشوبكي، وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة بعد إدانته بقتل أحد الضباط الإسرائيليين عام 1994 في (تل أبيب). وارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال بعد استشهاد الأسير الغرابلي إلى 224 شهيدًا منذ عام 1967م.