قائمة الموقع

الانتخابات والضم

2020-07-08T20:34:00+03:00
محمود مرداوي
بقلم: محمود مرداوي 

نتنياهو يدرك أكثر من غيره أين تقع التحديات لهذا المشروع السرطاني في فلسطين، ولم يوظب الضم في قائمة الاهتمامات المتعلقة بمستقبل المشروع الصهيوني وأمن الكيان.

نتنياهو يرى ويعرف، يدرك أن المخاطر الحقيقية والتحديات المفصلية لهذا المشروع لا تتلخص في ضم أراض هو يسيطر عليها، يقيم المستوطنات ويمنع الفلسطينيين من التصرف بها وعليها كما يشاؤون، يشق الطرق ويجري المناورات ويبني المعسكرات، فلم يكن الضم يوما هدفا ملحاحا للتنفيذ مع أنه يقع في قلب إجماع صهيوني سياسي وأمني يهدف للسيطرة والإحلال ، لكن نتنياهو قبل عدة سنوات وهو لا يقع تحت ضغط لوائح الفساد المقدمة ضده لم يسارع إلى إجراء الانتخابات أو الاستعجال في حسم مصير الضفة .

حيث أشرف على خطة التغيير الجيوسياسي في الضفة بهدوء لأنه كان يدرك أن العامل الدولي والقدرة على مخاطبته وتسكين تخوفاته من استشراء المشروع الاستيطاني والتهويدي بإعلان بار إيلان حينئذ الموافقة على حل الدولتين من خلال المفاوضات مع الفلسطينيين، بينما ال D9 وشركات البناء ومليارات الدولارات تُضخ والاستيطان يتفشى، والتهويد والتشويه والتحريف في القدس، والحصار على غزة، وإنهاء دور وكالة الأونروا رمز العودة للقضاء على عودة اللاجئين يشكل رافعة لاستمرار حكمه وتنفيذ أيديولوجيته السياسية والدينية .

لكن بعد غزو القوميين المتدينين بقايا المافدال والبيت اليهودي ثم ويمينا لاحقا ومؤسسات الجيش والأمن وحزب الليكود في خطة مبرمجة للسيطرة على القرار اليميني أو التأثير جوهرياً عليه، لكن نتنياهو تنبه لهذا المخطط ولم يتصدى له في داخل الليكود والمؤسسات العسكرية والأمنية بينما دوّره وخفف من آثاره السلبية من خلال إعادة التموضع السياسي والأيديولوجي فتبنى خطاب القوميين المتدينين وأثر على مفصليين في هذا التيار مع تقاطع التغيير في المشهد الدولي بعد وصول ترمب البيت الأبيض، فلم يعد نتنياهو بحاجة لاسترضاء الرأي العام طالما تمكن من إقناع ترمب بوجهة نظره السياسية والأيديولوجية، بما يتقاطع مع مصالحه ومصالح ترمب الشخصية في السياسات والأيديولوجيا الدينية .

الأمر الذي جعل التوسع والاستعراض في تنفيذ السياسات واتخاذ القرارات أحد أهم مركبات فوز كليهما، لذلك يدخر نتنياهو موضوع الضم إيذانا لإجراء انتخابات في توقيت مناسب يضمن النتائج من خلال الاستطلاعات كما هو الحال في الوقت الحاضر، حيث تمنح الاستطلاعات فوزا لليكود كحزب أول لا يليه ثان لحجم الفرق الشاسع بينهما ومعسكر اليمين المتدينين بفارق يمكن نتنياهو من التشريع لحماية رأسه من السجن ومستقبله السياسي في الاستمرار في الحكم.

ما لم يكن نتنياهو موقن أن الظروف مناسبة لإجراء انتخابات مبكرة لن يسارع لتنفيذ الضم ولن يُنحيه عن جدول الاهتمامات السياسية والإعلامية والبرلمانية من خلال التذكير ومعايرة الأحزاب في المركز واليسار.

لذلك لن يتوقف أعضاء من الليكود عن تحميل جانتس وحزبه مسؤولية تعطيل الضم من خلال تلكؤ الولايات المتحدة بإعطاء غطاء لبدء الضم بسبب التباين والخلاف الداخلي بين الأحزاب الصهيونية.

اخبار ذات صلة