أوقفت السلطة الفلسطينية العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي، لكنها لم توقف استعدادها للذهاب نحو المفاوضات برعاية "الرباعية الدولية"؛ بحجة انها ترفض ان تكون عدمية وتحاول طرح بديل عن خطة التسوية الأمريكية.
وتقود السلطة حراكا لمحاولة إقناع عدة أطراف دولية، خاصة الاتحاد الأوروبي الضغط على الاحتلال للعودة للمفاوضات.
آخر هذه التحركات كان عبر مكالمة هاتفية بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، حيث أبدى استعداد الجانب الفلسطيني لإجراء مفاوضات مع (إسرائيل)، "على أساس الشرعية الدولية"، وبرعاية "اللجنة الرباعية الدولية".
وتترأس ألمانيا مجلس الأمن الدولي خلال يوليو/تموز الجاري، فيما تولت في الأول من هذا الشهر رئاسة الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر.
وأكدت المستشارة ميركل موقف ألمانيا الداعم للسلام على أساس حل الدولتين، والالتزام بالقانون الدولي، وهو الموقف الذي يتبناه الاتحاد الأوروبي بالعموم.
عباس دعا في أكثر من مناسبة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، يقر آلية دولية متعددة لرعاية محادثات السلام مع (إسرائيل).
موقف الرئيس عباس يعكس عجز السلطة السياسي فهي ما زالت تتمسك بالمفاوضات رغم انهيار مشروع التسوية بالكامل، فيما بات أشبه بالفخ الذي ترفض السلطة الخروج منه، فكان من الطبيعي أن تعتبر تأجيل الضم فرصة لمواصلة النضال لإنجاز الحقوق الوطنية، وليس فرصة للعودة للمفاوضات.
وتدرك السلطة أكثر من غيرها أن كل المقترحات التي تقدم في الوقت الراهن أياً كانت درجة المرونة فيها هي غير قابلة للتنفيذ، نتيجة عدم وجود مرجعية أو راع لعملية التسوية اليوم في ظل وجود إدارة أمريكية ترفض الاعتراف بالوجود والحقوق الفلسطينية، وحكومة إسرائيلية لا ترى ضرورة للوجود الفلسطيني وبإمكانها فرض خططها بالقوة على الأرض.
ويبدو ان السلطة وجدت في تأجيل الاحتلال فرض السيادة على الضفة فرصة لتأكيد أنها مستعدة للعودة إلى مفاوضات جديدة ضمن ترتيبات جديدة، مقابل وقف (إسرائيل) عملية الضم.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أكد قبل أيام، أن القيادة الفلسطينية تمد يدها للسلام ومستعدة للذهاب لمؤتمر دولي، والعمل من خلال آلية متعددة الأطراف هي الرباعية الدولية لرعاية المفاوضات، على أساس قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
رغبة السلطة في فكرة العودة للمفاوضات في مواجهة صفقة القرن وخطة الضم، يلقى تأييداً من دول عربية وإقليمية والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين.
وسلمت السلطة الرباعية الدولية (الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، وروسيا، والولايات المتحدة)، رسالة، جاء فيها: «نحن مستعدون لقيام دولتنا المحدودة التسلّح وذات الشرطة القوية، بفرض احترام القانون والنظام. نحن مستعدون للقبول بوجود طرف ثالث مفوّض (من الأمم المتحدة) من أجل (...) ضمان احترام اتفاق السلام فيما يتعلّق بالأمن والحدود»، ويتضمن النص إشارة إلى حلف شمال الأطلسي لـ«قيادة القوات الدولية».
كل المؤشرات الراهنة تؤكد ان السلطة تراوح مكانها وأنها ما زالت عاجزة عن اتخاذ خطوات حقيقية لمواجهة المخططات (الإسرائيلية) والسيطرة على ما تبقى من الأرض الفلسطينية، فهي تدرك ان طريق المواجهة الحقيقي مكلف وهي غير مستعدة أن تغامر بامتيازاتها مقابل هذه التكلفة.
والمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متوقفة منذ أبريل/ نيسان 2014؛ جراء رفض تل أبيب وقف الاستيطان، والإفراج عن معتقلين قدامى، وتنصلها من خيار حل الدولتين، المستند إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود ما قبل 5 يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.