قائد الطوفان قائد الطوفان

"أحلام يوم ماطر"

بدت السماء ملبدة بالغيوم و اكفهر وجهها مسودا مبشرا بخير قادم مع قطرات المطر المنهمرة , في حي جميل مليء بالأطفال سكنت الفتيات الصغيرات الخمس ( أروى و نسمة و سها و براء و علياء ) صديقات جميلات لم يكن لهن هموم ,و لا مشاكل, أحلامهن وردية , قلوبهن نقية كماء المطر المنهمر هذا الصباح جميعهم يحببن المطر لكنه منعهن اليوم من الخروج للعب فجلسن حبيسات المنزل أمام المدفئة أو تحت غطاء ثقيل , ينتظرن توقف المطر ليجتمعن فهذا هو اليوم الوحيد الذي لم يجتمعن فيه منذ فترة طويلة ..

 

ما أن توقف المطر حتى نزل الأطفال جميعا إلى الشارع الصبيان والفتيات مرتدين ملابس ثقيلة يضعون القبعات الصوفية على رؤوسهم, يركضون في الشارع يسابقون الريح يغنون أغاني المطر متجاهلين برودة الجو المحيط, لكنهم وقفوا جميعا أمام البركة الكبيرة في الحي و التي صنعتها الأمطار يقذفون الحصى و يتبارون أي منهم سيوصل حجره إلى المكان الأبعد, و ما أن يقذفون الحجر حتى تتكون حلقات كبيرة في الماء و يبتعد الحجر إلى وسط البركة أو لآخرها  ويبدأ هتاف الأطفال بالانطلاق " أنا الأبعد .. بل أنا الأبعد .. " لكن الفتيات الخمس الصديقات اجتمعن أمام البركة و فكرن بشيء مختلف قررن أن يصنعوا السفن الورقية و يلقوها في الماء و يتمنون الأمنيات مع كل سفينة يضعونها بالماء .

 

بأناملهن الصغيرة بدئن بطي الورق حتى صنعن سفن ورقية بألوان وأحجام مختلفة , و جلسن القرفصاء بجوار البركة الكبيرة و وألقين السفن الصغيرة كل واحدة منهن أغمضت عينينها و تمنىت أمنية.. فأروى تمنت أن تتفوق و تحصل على درجة الامتياز في دراستها, و نسمة الفتاة الشقية بينهم تمنت أن تجد قطتها المفقودة منذ يومين, أما سها فتمنت أن يموت اليهود و تعيش في سلام هي و صديقاتها, أما براء فتمنت أن تشفى جدتها من المرض, لكن علياء لم تكن أمنيتها بسيطة كأمنيات صديقاتها فتمنت أن يعود والدها للحياة بعد أن مات شهيدا منذ عام .

 

وضعت الفتيات قواربهن الورقية محملة بأحلامهن الوردية داعين أن تتحقق جميعها ...!!

 

مع هطول الماء الغزير رجع جميع الأطفال لمنازلهم ليختبئوا من المطر ..

 

مرت الأيام و تحققت الأمنيات لكن علياء ما زالت تنتظر .. بدموعها البريئة أفصحت لوالدتها عن قصتها هي و سفينتها الورقية و حلمها الذي لم يتحقق بعد .. فبقلبها الكبير تفهمت الأم حالة ابنتها علياء و أخبرتها " بابا سكن الجنة الآن و من يسكن الجنة لا يعود للأرض فهو ينتظرنا يوم القيامة لنعيش معا كما السابق" مسحت علياء قطرات دموعها و فرحت بكلمات أمها التي طمأنتها بأنها سترى والدها يوما حتى و إن كان هذا اليوم بعيد .

البث المباشر