بغطاء عربي .. عباس يغرق في وحل التنازلات

الرسالة نت – لميس الهمص

لازالت سيناريوهات التنازل الفتحاوي تتكرر, فابتداء باعتراف منظمة التحرير عام 1974 بالنقاط العشر، وقبلت ضمنا بوجود "إسرائيل" ، مرورا بالسقوط في حفرة اتفاق أوسلو، وليس انتهاء بالاعتراف في حق اليهود في فلسطين ووجودهم التاريخي العميق في جذور أرضها.. فهل تؤشر الانزلاقات الأخيرة على قرب نهاية السلطة..

ضحك على اللحى

الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان يرى أن الحلقة الأولى كانت عندما فاجأ محمود عباس مضيفيه من قادة اللوبي اليهودي الذين اجتمع بهم في واشنطن في شهر آب/اغسطس الماضي، بالاعتراف بحق اليهود في فلسطين ووجودهم التاريخي العميق في أرضها.

ويقول عطوان:المشهد العلني الذي نراه حاليا يفيد بان المفاوضات المباشرة متوقفة، ولكن لا ندري ان كان هذا المشهد مزورا، وأننا أمام فصول من مسرحية مخادعة لتضليلنا جميعا، لإعطاء انطباع بصعوبة التسوية وتبرير تنازلات لاحقة تحت ذريعة التصلب الإسرائيلي، انعدام البدائل، الخلل في توازن القوى، الانحياز الأمريكي، وتخلي العرب عن القضية الفلسطينية.

ويتابع: الكثيرون اعتقدوا خطأ، ان السيد عبد ربه كان ينطلق من اجتهاد شخصي، او تورط في زلة لسان، عندما اطلق بالون اختباره الخطير باستعداده للاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية،ولكن بعد أن استمعنا الى رئيسه يذهب إلى ما هو ابعد من ذلك، ويعرب عن استعداده للتنازل عن الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، أدركنا ان هناك انسجاما كاملا بين الاثنين وان هناك ’طبخة’ نضجت منذ زمن في مفاوضات سرية موازية على غرار مفاوضات اوسلو الموازية لمفاوضات مؤتمر مدريد.

ويتحدث انه من غرائب الصدف ان الرجلين، عباس وعبد ربه، كانا الطباخين الرئيسيين للمفاوضات الأولى اي اوسلو، واشرفا على دهاليزها في غرفة عمليات أقاماها واشرفا عليها في مكتب الأول في تونس.

طرف ضعيف

وفي ذات السياق ذكر المحلل السياسي حاتم أبو زايدة أن السلطة الفلسطينية باتت طرفا ضعيفا وغير قادر على فرض أية حلول على الأرض بعد فقدانه للخيرات وارتباطه بالمال الأمريكي والأوروبي ، لافتا إلى أن عباس لا زال يقود  حملات جديدة من التنازلات .

ولم يستبعد أبو زايدة أن يعلن فياض الدولة الفلسطينية على الأراضي المتبقية من الضفة خلال العام المقبل كون السلطة تضيف كل يوم لائحة جديدة من التنازلات في مواقفها السياسية.وأوضح أن الاحتلال مسرور بجملة التنازلات التي يطلقها عباس كونه ممثل للشعب الفلسطيني أمام المجتمع الدولي, ولن تجد أحسن منه لتحقيق مصالحها .

من جانبه، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر د. ناجي شراب، أن نتنياهو والحكومة الإسرائيلية ترى أن هذه لحظة ضعف فلسطينية وعربية، وهي تحاول الاستفادة من هذه الحالة من أجل فرض الرؤية الإسرائيلية، والتخلص من القضية الفلسطينية، لاسيما في ظل التحيز الأمريكي الواضح لـ(إسرائيل).

وبين د.شراب "أن مسألة يهودية الدولة ليس مطلوب منها الاعتراف بـ(إسرائيل)، حيث إن الاعتراف في أدبيات القانون الدولي يقوم على أساس اعتراف سياسي، وهو ما قد حصل من قبل منظمة التحرير الفلسطينية.

الاعتراف بيهودية الدولة له بعد تاريخ وديني وحقوقي وسكاني، ويعني التسليم من قبل الشعب الفلسطيني أن لليهود حقوقاً تاريخية ودينية وسياسية ومكانية في فلسطين، وهذا الاعتراف يعني عدم الاعتراف بما للشعب الفلسطيني من حقوق.

وشدد المحلل السياسي، على أن الاعتراف بيهودية الدولة يعني إلغاء المفاوضات، واختزالها بالكينونة السياسية التي تحمل اسم دولة في داخل أراضٍ لن تزيد عن 10 % من مساحة فلسطين التاريخية.

ويوافقه الرأي أبو زايده فيرى أن قرار يهودية الدولة ينعكس بشكل سلبي على فلسطيني 48 ، موضحا أن الكنيست الصهيوني حريص على إقرار العديد من القوانين الجديدة التي تهضم حقوق فلسطيني الداخل .وذكر أن وضع العرب سيء وعباس أخذ منهم شيكا على بياض لفعل ما يريد ، مبينا أن العرب أعطوا عباس الغطاء السياسي كون الإدارة الامريكة هي التي تفرض شروطها على العرب .

وذكر شراب أن شرط نتنياهو يلقى قبولاً من الإدارة الأمريكية، حيث يشير بيان الخارجية الأمريكية إلى يهودية الدولة، مشددا على ضرورة أن يكون للفلسطينيين موقفا واضحا وحاسما، وان يردوا على هذا الموقف بإنهاء الانقسام الداخلي، وإعادة تفعيل خيارتهم وبدائلهم المختلفة.

وأضاف: "يجب إنهاء الانقسام الفلسطيني، والاتفاق على خيارات التعامل مع (إسرائيل) أو الذهاب إلى مجلس الأمن، أو تأهيل منظمة التحرير، نحن بحاجة إلى وقفة فلسطينية من قبل الجميع، لأن المسألة ليست مرتبطة بشخص"، مشدداً على ضرورة استرجاع عناصر القوة الفلسطينية لأن الموقف الفلسطيني سيبقى ضعيفاً بدون ذلك.

إلغاء العودة

وكان رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس كرر موقف سلطته وحركة فتح من الاعتراف بيهودية دولة الاحتلال، حيث قال:"إن هذا الموضوع "ليس من شأننا".وأوضح عباس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة جمهورية فنلندا تاريا هالونين في رام الله، أن السلطة اعترفت بدولة الاحتلال عام 1993 من خلال ما سميناه الاعتراف المتبادل.

وأضاف:"بالتالي موقفنا أننا معترفون بإسرائيل، ولكن إذا أراد الإسرائيليون أن يسموا أنفسهم أي اسم فعليهم أن يخاطبوا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لأن هذا الموضوع ليس من شأننا"، كما قال.

وتابع قائلا:"إن المطلوب من الحكومة الإسرائيلية  ليس بالشيء الكثير، وإنما المطلوب هو إيقاف الاستيطان، والذي هو بالنسبة لنا غير مشروع، ولكن نحن نقول أوقفوا هذا العمل لنتفاوض على المستوطنات واللاجئين والقدس وغيرها، وبالتالي يجب أن نركز على الأمل وليس على الفشل".

ووصف نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق نفي السلطة الفلسطينية استعدادها الاعتراف بالدولة اليهودية مقابل الاعتراف بالدولة الفلسطينية بأنها «بالونات اختبار»، معبراً عن مخاوفه من جراء هذه التصريحات «الخطيرة جداً» لافتاً إلى أنها «تنذر بعواقب وخيمة ومخاطر حقيقية تهدد القضية الفلسطينية برمتها».

واستنكر أبو مرزوق تصريحات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه، الذي أعلن، ثم نفى، استعداد القيادة الفلسطينية للاعتراف بالدولة اليهودية مقابل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على كامل الأراضي التي احتلت في حزيران (يونيو) عام 1967 ومدينة القدس الشرقية عاصمة لها.

وقال أبو مرزوق لـ «الحياة»: «اعتدنا على أن يكون لهم (السلطة الفلسطينية) خطابان, وحين يكون الجمهور عربياً تختلف اللغة ويحدث تراجع في ضوء رد فعل». وأضاف: «كأن هذه التصريحات حقل تجارب لما ينوون القيام به»، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية.

وشدد على أن هذه التصريحات لا يمكن القبول بها، ووصفها بأنها «خطيرة للغاية وتحمل توجهاً جديداً لدى المفاوض الفلسطيني في ضوء غياب البدائل.

من جانبه أكد خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي  ان الحديث  عن الاعتراف بيهودية كيان الاحتلال، يعني إلغاء حق الفلسطينيين من سكان أراضي 1948 وكذلك اللاجئين في أرضهم كما أنه يمثل جريمة تاريخية بحق الشعب الفلسطيني.

وقال القيادي البطش : هناك مساع من قبل الأطراف المعنية بالتسوية بان يتم انجاز شيئ ما على صعيد العملية، من خلال طرح فكرة قبول يهودية الدولة مقابل الانسحاب من أراضي 67، حيث تشكل مقدمة لفكرة تبادل الأراضي مع السكان وإلغاء حق العودة للاجئين.

وأضاف البطش: ان اي موقف فلسطيني رسمي أو غير رسمي يتحدث الآن عن يهودية الدولة مرفوض بالمطلق من قبل الشعب الفلسطيني، لان الفلسطينيين هم أصحاب الأرض التاريخيين، إن الاعتراف بيهودية الدولة يمثل جريمة تاريخية بحق الشعب الفلسطيني.واعتبر ان الاعتراف بيهودية الدولة يعني القبول بعدم عودة اللاجئين واخراج العرب من اراضي 48، والتعامل معهم كجالية في بلادهم.

 

البث المباشر