قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إن الدبلوماسية القطرية النشطة هي علامة بارزة في الموقف العربي والإسلامي الداعم للقضية الفلسطينية، كونها الدولة الأولى في دعم الشعب الفلسطيني داخليا وخارجيا.
وأضاف هنية في لقاء مع الصحافة القطرية، أن هذا الدعم موجه لكل أبناء الشعب الفلسطيني وليس لحركة حماس، مشيرا إلى أن الدعم المالي القطري لقطاع غزة بلغ أكثر من مليار دولار.
وثمن دور الإعلام القطري الداعم للقضية الفلسطينية وتطوراتها، مشدداعلى دور قطر في دعم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بشكل عام.
وأكد أن الشعب الفلسطيني يثمن موقف قطر الأصيل والداعم، مؤكدا في الوقت نفسه أن قطر تسخر إمكاناتها وقوتها الناعمة بكافة المجالات لدعم الشعب الفلسطيني.
وتحدث هنية خلال اللقاء عن تطورات القضية الفلسطينية وآخر المستجدات التي تعيشها تلك القضية كتقدير موقف وقراءة لهذه المستجدات، وأيضا رؤية الحركة في التعامل مع هذه المستجدات التي تمر بها القضية الفلسطينية، وكذلك حول البعد الإقليمي والدولي وتأثيراتهما على القضية الفلسطينية.
كما تطرق إلى الدور القطري ودعم قطر للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بشكل عام، وأيضا التركيز على ما جرى في غزة خلال سنوات تقريبا.
وأشار هنية إلى أن قطر وشعبها هما عمق استراتيجي للقضية الفلسطينية لأن تلك القضية بالأساس هي قضية الأشقاء في قطر.
وقال: "الشعب الفلسطيني هم أشقاء وأخوة للشعب القطري. ونحن جسم واحد ونتطلع لمصير مشترك. والحقيقة ما تمر به قطر الآن من حصار نشعر به، لأننا نمر بنفس ظروف الحصار ومعاناتها، وما زلنا بهذا الحصار المفروض على غزة والشعب الفلسطيني بشكل عام".
وأضاف: "لا شك أن التطورات والمستجدات التي تمر بها القضية الفلسطينية في هذه المرحلة هي التطورات الأخطر التي تعيشها القضية منذ أن بدأ الصراع مع الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 وحتى الآن. وكوني أقول إن التطورات هي الأخطر، فهذا لا يعني أنها منقطعة عن طبيعة الصراع من ناحية، وعن طبيعة المشروع الصهيوني من ناحية أخرى".
وتابع: "فالمشروع الصهيوني قام على ركيزتين أساسيتين الأولى احتلال الأرض، والثانية طرد الشعب الفلسطيني وتهجيره. ومنذ احتلال الأرض ونحن أمام استراتيجية إسرائيلية تعكس نفسها في كثير من المخططات والاستهدافات الكبيرة، وفي قلب هذا الاستهداف هو القدس سواء فيما يتعلق بالاحتلال أو التهويد أو تغيير الهوية الفلسطينية العربية الإسلامية وعزلها عن محيطها الفلسطيني والعربي بتكثيف المستوطنات في القدس، وأيضا محاولات الاستيلاء على المسجد الأقصى عبر ما يسمى مخططات التقسيم بالزمان والمكان والاقتحامات شبه اليومية، ومحاولة فرض ولاية دينية إسرائيلية على المسجد الأقصى".
وأضاف بقوله: «إلى جانب ذلك هناك قضية الاستيطان الذي امتد في الأراضي الفلسطينية منذ عام 1948 إلى الأراضي التي احتلت عام 1967. واليوم نتحدث عن 750 ألف مستوطن يعيشون في أراضي الضفة الغربية. نصفهم يعيشون في القدس. وهناك تكتلات تسمى التكتلات الكبرى للمستوطنات الإسرائيلية التي تقريبا تحتل 12 % من أراضي الضفة الغربية. يضاف إلى ذلك بناء الجدار في داخل أراضي الضفة الغربية، وهذا الجدار كانت له تداعيات كبيرة جدا على الجغرافيا وعلى الديموغرافيا، لأنه اقتطع أراضي جزء كبير جدا من الضفة الغربية فيما عرف باسم أراضي ما خلف الجدار. وكان له دور في معاناة الأسر والتواصل الأسري، وأيضا على قدرة الناس على الوصول إلى أراضيها والقدس والمسجد الأقصى. وبالتالي فالجدار العازل يمثل أحد الأوجه القبيحة لمشروع الاحتلال الإسرائيلي».
يضاف إلى ذلك هناك سياسة تستهدف الوجود الفلسطيني أرضا وشعبا داخل الأراضي المحتلة عام 1948 من خلال مسح الهوية الفلسطينية وفرض سياسات فصل عنصري على أبناء الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة. ومحاولة نزعهم من عمقهم الوطني والإسلامي عبر الكثير من السياسات.
وقال إنه بطبيعة الحال يمتد ذلك إلى غزة وإلى الحصار الذي فرض على القطاع. فغزة بعد عام 2006 تعرضت لمعركة ثلاثية الأبعاد، الأول هو البعد السياسي ورفض الاعتراف بنتائج الانتخابات التي فازت بها حركة حماس. وفرض عزلة سياسية على الحكومة التي شكلت وقتها، وعدم التعامل مع تلك الحكومة.
أما البعد الثاني للمعركة فكان البعد الاقتصادي من خلال فرض حصار على القطاع من كافة الجهات برا وبحرا وجوا، وهذا الحصار مستمر منذ 14 سنة. والبعد الثالث كان البعد العسكري حيث تعرضت غزة لثلاث حروب في أعوام 2009 و2012 و2014، وهذه الأخيرة كانت الحرب الأطول في الصراع مع العدو الصهيوني حيث امتدت 51 يوما ونحن في هذه الأيام نعيش ذكراها.
وتابع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: «المعركة بأبعادها الثلاثة سياسيا واقتصاديا وعسكريا كان الغرض منها أن تستجيب حركة حماس التي تحكم لشروط الرباعية الدولية، وتلك الشروط كانت أولا: الاعتراف بإسرائيل وثانيا: إنهاء أي شيء يتعلق بالمقاومة خاصة المقاومة العسكرية وثالثا: الإقرار بالاتفاقيات الموقعة مع العدو الصهيوني.
ولم يكتف الاستهداف بالداخل فقط، بل امتد للخارج أيضا حيث تقدر أعداد الفلسطينيين في الخارج بحوالي 6.5 مليون. والمقصود من تلك المقدمة أن نقول إن ما يجري الآن في الأراضي الفلسطينية هو امتداد لتلك السياسة وهذا المشروع الاستيطاني. والمستجد اليوم هو ما أطلق عليه صفقة القرن التي أعلنت عنها الإدارة الأميركية. وصفقة القرن تستهدف ركائز القضية الفلسطينية وهي القدس والأرض وحق العودة.
وتم التعبير عن ذلك من خلال الإعلان أن القدس هي عاصمة موحدة لإسرائيل، وبالتالي إخراج القدس من أي تداول سياسي. ثم استهداف الأرض بمعنى تشريع الاستيطان وهذا أعلنت عنه وزارة الخارجية الأميركية، وبالتالي يحق لإسرائيل أن تفرض السيادة على تلك الأراضي وأن تضم المستوطنات إلى الكيان الإسرائيلي. أما الأمر الثالث فهو حق العودة باعتبار أن هذه القضية ليست مطروحة على طاولة المفاوضات وليس مطروحا عودة الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948».
تداعيات صفقة القرن
وفيما يتعلق بخطة الضم قال هنية: «اليوم الحديث عن خطة الضم هي من انعكاسات وتداعيات صفقة القرن. وهذه الخطة تصل في مداها المعلن إلى ضم 30 % من أراضي الضفة بما في ذلك منطقة الأغوار. ولذلك فنحن أمام نقلة نوعية وتحول خطير في الصراع مع الكيان الصهيوني. ومن هذا المنطلق نرى أن اللحظة الراهنة هي الأخطر في مسار الصراع مع الاحتلال. وأريد أن أشير أيضا إلى أن صفقة القرن تحركت في اتجاهين، الأول فلسطيني وهذا قد تحدثت عنه، أما الثاني فهو إقليمي، حيث تسعى الإدارة الأميركية وإسرائيل مع بعض الأطراف يسعون إلى إعادة ترتيب المنطقة بما يخدم أمن إسرائيل ومصالح أميركا. وأن تكون إسرائيل مكون شرعي في المنطقة. وبالتالي مد الجسور بين الاحتلال والمنطقة، وإعادة ترتيب منظومة الأعداء وتفكيك المنطقة. ولذلك نحن نرى أن الضم والصفقة هي خطوة سياسية ضم استراتيجية الاحتلال في التعامل مع القضية بشكل عام، فهم يرون أن الوقت مناسب للانقضاض على ما تبقى من القضية الفلسطينية».
ونبه هنية إلى أن هذا الأمر له 4 سياقات الأول: السياق الدولي وتحديدا الدعم اللامحدود من الإدارة الأميركية، إلى جانب الموقف الأوروبي الذي لا يملك أنياب، الثاني: السياق الإقليمي، فإسرائيل ترى أن الإقليم مهشم وهناك محاولات لحصار بعض القوى والدول التي تشكل دعما للشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم قطر، وتركيا من خلال إشغالها ببعض المشكلات، وهناك أيضا إيران، والثالث: السياق الفلسطيني، ولا شك أن الانقسام الفلسطيني عامل ضعف للقضية وتستخدمه إسرائيل لتنفيذ مخططاتها.
وبالنسبة للسياق الرابع فهو السياق الإسرائيلي، حيث يميل المجتمع هناك نحو التطرف وأقصى اليمين، وتجليات ذلك ما رأيناه في آخر حكومة التي تدفع بتنفيذ هذه المخططات. وتلك الخطوة في حال تنفيذ الضم لها خطورة واضحة تتمثل في أمرين، الأول الاستيلاء على الأرض ضم استراتيجية خفض السقوف التي تتبعها إسرائيل ولكنها سياسة فاشلة، والخطر الثاني هو تهجير المزيد من الشعب الفلسطيني، وهذه إمكانية قائمة بحيث يكونون شرق النهر باعتبار أن الأردن هي الوطن البديل. ولذلك نحن في حاجة إلى استراتيجية وخطة شاملة لمواجهة هذا الوضع.
وعن رؤية حماس لهذه التطورات قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: «لدينا ثلاث أولويات للتعامل مع هذا الوضع على الأرض، أولا ترتيب البيت الفلسطيني وإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني على أسس صحيحة وسليمة ترتكز على ثوابت القضية الفلسطينية. وهذا هو أهم عامل في المواجهة. وإذا كان هناك موقف فلسطيني موحد فبالتأكيد سنكون قادرين على إفشال هذه الخطة. وأستطيع أن أقول إننا نجحنا حتى الآن في بناء موقف فلسطيني موحد ضد خطة الضم وضد صفقة القرن سواء في القطاع أو في الضفة الغربية، فالموقف الفلسطيني هو حجر الأساس الذي يبنى عليه إقليميا وعربيا وإسلاميا. وكما قلنا الأولوية الأولى ترتيب البيت الفلسطيني وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني على أساس طي صفحة أوسلو إلى الابد، فكل الجرائم الإسرائيلية تمت تحت ستار أوسلو. وبالتالي يجب أن يقطع شعبنا الفلسطيني مع مرحلة أوسلو بالكامل، ويجب وقف أي تعاون مع الاحتلال الإسرائيلي وسحب الاعتراف بإسرائيل من قبل منظمة التحرير الفلسطينية. إن إعادة الاعتبار للمشروع الوطني له ثلاثة أسس منها الاتفاق على أساس وطني، وثانيا الاتفاق على المرجعية القيادية للشعب الفلسطيني، ونجن نرى أن تلك المرجعية في الداخل والخارج هي منظمة التحرير الفلسطينية. ونحن لا نطرح بديلا عن تلك المنظمة، ولكن يجب إعادة بناءها. وثالثا الاتفاق على الإستراتيجية النضالية سواء الدبلوماسي أو العسكري».
ترتيب البيت الفلسطيني
أما الأولوية الثانية فتتعلق بكيفية مواجهة الخطة والاتفاق على وسائل النضال الفلسطيني. ونحن جاهزون لنجلس على طاولة واحدة وأن نتفق على كيفية ممارسة نضالنا الوطني لإنهاء الاحتلال. والأولوية الثالثة هي تنظيم العلاقة مع عمقنا العربي والإسلامي وهذا موضوع مهم لسببين لأن القضية لها بعد عربي وإسلامي، وثانيا أن هذه الخطط تداعياتها على المنطقة ككل. ونحن في حركة حماس نرى أن استراتيجية الانفتاح على الجميع هي استراتيجية ناجحة، وأن نستند على كتلة قوية في المنطقة. ولذلك عندما نتحدث عن ضرورة التنسيق مع قطر وتركيا والأردن وإيران وغيرها من الدول فنحن في هذا الاتجاه. وكذلك الاستفادة من دول العالم والعمل على تطوير تلك العلاقة في أوروبا أو حتى داخل أميركا نفسها.
واسترسل هنية بقوله: «السؤال الآن هل يمكن أن تنجح إسرائيل في تنفيذ ذلك أم لا؟ والإجابة قطعا لا لن تنجح إسرائيل في فرض إرادتها على الشعب الفلسطيني ولا تغيير الحقائق الجغرافية والديموغرافية والتاريخية مهما بلغت سطوتها أو قوة الدعم الدولي المقدم لها. وكان من المفترض أن يلعنوا عن بدء تنفيذ الخطة أول يوليو الجاري، ولكنهم لم يعلنوا، وهذا مؤشر بداية فشل الاحتلال وشعوره بمأزق التطبيق، وأيضا بداية التأكيد على أن الشعب الفلسطيني يستطيع أن يفشل هذه المخططات. وأنا أريد أن أذكر أن هناك الكثير من المشاريع التي طرحت في السنوات الماضية ولم يكتب لها النجاح. وأقول إن التقارب الذي يجري بين قطبي الساحة الفلسطينية فتح وحماس وإن كان في بدايته وإن كان رمزيا لكنه يشير إلى خطورة ما، إسرائيل تحسب لها حسابا لأنه عندما كنا موحدين استمرت الانتفاضة الأولى سبع سنوات وبنت معادلات سياسية وفرضت وقائع على الأرض، وكذلك في الانتفاضة الثانية التي أدت لخروج إسرائيل من غزة وغيرها من المدن الفلسطينية بالضفة الغربية. ونقول إننا نجحنا في مواجهة خطة الضم بموقفنا الموحد، ولكن أمامنا معركة طويلة وقد تكون قاسية لأن معركتنا مع وجود الاحتلال الصهيوني على أرضنا الفلسطينية، فخطة الضم أحد تداعيات الاحتلال، ونحن سنواصل حتى نحرر أرضا ويعود شعبنا الفلسطيني ونحرر أسرانا، ونحرر المسجد الأقصى، وبالتأكيد هذه معركة طويلة».
دعم تاريخي لا محدود
وحول الدعم الذي تقدمه قطر للقضية والشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، أكد إسماعيل هنية بقوله: «نحن نريد أن نسجل بكل فخر واعتزاز موقفهم العربي الإسلامي الأصيل، وكذا موقفهم التاريخي في دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. قطر تسخر إمكاناتها وقوتها الناعمة في كل المجالات لدعم الشعب والقضية لكي يصل الشعب الفلسطيني إلى حقوقه في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. وهذا الأمر واضح على المستوى الإقليمي والدولي والفلسطيني.
على المستوى السياسي مثلا نحن نرى أن الدبلوماسية القطرية النشطة في المنعطفات الصعبة التي تمر بها القضية تمثل علامة في الموقف العربي والإسلامي بدعم القضية. وأريد أن أنوه بأن مكونات الدولة القطرية كلها تعمل على نسق واحد سياسيا وإعلاميا وحقوقيا ورسميا وشعبيا، وهذا يدلل على أن سياسة الدولة واضحة ومعروفة لشعبها وللعالم. وهنا أشيد بدور الإعلام القطري الذي يحظي باحترام الفلسطينيين.
وعندما أطالع وسائل الإعلام والصحف القطرية فيما يخص الكتابات الخاصة بالقضية الفلسطينية أجد كأن الفلسطينيين هم من يكتبون. وهذا منطلق من استراتيجية الدولة في التعامل مع القضية الفلسطينية. وعلى المستوى السياسي والدبلوماسي خارجيا نرى ذلك بكل وضوح في مختلف المحافل الإقليمية والدولية. وكل ذلك يؤكد أن الموقف القطري غير متردد ولا ينطلق من مفهوم تبادل المصالح وإنما هو موقف مبدئي».
وأوضح أن الجانب الآخر، متعلق بالدعم المادي، قائلا: «اليوم قطر حقيقة أول دولة في دعم الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة أو القدس أو في الخارج. ولم تبخل قطر على شعبنا بأي شيء يعزز من صموده ويخفف من آثار العدوان والاحتلال. فقطر بكل مؤسساتها تعمل في كل مناطق تواجد الشعب الفلسطيني. وهنا أسجل بعلامة فارقة كيف كانت قطر داعمة لغزة خلال الحصار، حيث كانت قطر الدولة الأبرز في الوقوف إلى جانب أهلنا في غزة لمواجهة الحصار. وتمثل ذلك في زيارة سمو الأمير الوالد للقطاع، وقد دشنت تلك الزيارة كسر الحصار السياسي على القطاع، وثانيا بدأ مشاريع إعادة اعمار قطاع غزة لأن الزيارة جاءت بعد حرب عام 2009. ولا ينسى الشعب الفلسطيني قمة غزة الطارئة التي عقدت في الدوحة أثناء الحرب والجهد الذي بذل لجمع القادة العرب، وسجلت قطر خطوة السبق بعقد قمة عربية أثناء المواجهة الساخنة في القطاع. وامتد هذا الموقف إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، ففيما يتعلق بالدعم المالي أريد أن أعلن أنه منذ بدأ تنفيذ المشاريع في القطاع حتى الآن فقد بلغ الدعم المالي أكثر من مليار دولار دعما لقطاع غزة. وهنا أقول شيئا واضحا إن دعم قطر لكل أبناء الشعب الفلسطيني وليس لحماس. فقطر مع الشعب الفلسطيني ومع كل الفصائل، وما تقدمه ليس دعما لحركة حماس، فالحركة لا تمتلك ولا تستلم تلك المبالغ. وما يتم تقديمه من دولة قطر يتم عبر مكتب سعادة السفير محمد إسماعيل العمادي، رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، وهنا أسجل شكري وتقديري لسعادته لأنه الشريان الدائم الذي يصل غزة والضفة بأهلنا في قطر والدولة القطرية».
المنح القطرية لغزة
وعن الدعم المادي الذي قدمته قطر على مدى السنوات الماضية لمساعدة الشعب الفلسطيني، أوضح هنية أن قطر قدمت مئات الملايين من الدولارات لإعادة إعمار غزة ومساعدة أهلها بفضل منح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وسمو الأمير الوالد على مدار السنوات الماضية، ففي عام 2012 قدم سمو الأمير الوالد منحة بـ400 مليون دولار لإعادة إعمار غزة عقب الحرب، وقد تشرفت مع سمو الأمير الوالد بوضع حجر الأساس لمدينة حمد في غزة، كما منحت قطر قطاع غزة مساعدات بقيمة 35 مليون دولار في عام 2013 لإنشاء مجمع للمؤسسات القضائية، ومنحة أخرى لتشغيل محطة الكهرباء حتى أصبح سكان القطاع ينعمون بالكهرباء لمدة 12 ساعة متواصلة بدلاً من 4 ساعات فقط.
وأضاف أن الدعم المادي متواصل حتى يومنا هذا، فقد تلقى القطاع دعماً بـ9 ملايين دولار لإغاثة سكان القطاع وإنشاء وتشطيب مركز حمد بن جاسم للرعاية التأهيلية بـ5 ملايين دولار، ومنحة أخرى لتطوير مستشفى سانت جون في غزة، والتخفيف من نسبة البطالة بين شباب القطاع، وتابع: وفي عام 2019 تلقينا منحة بقيمة 180 مليونا لمدة 9 شهور، ومنحة أخرى لإنشاء مركز نورة راشد الكعبي لغسيل الكلى في شمال غزة.
واستطرد قائلا: قطر وحدها ساهمت في إعادة إعمار 10 آلاف بيت تم تدميرهم في الحروب التي تعرضت لها غزة. مشدداً على أن لجنة إعادة الإعمار القطرية هي التي تتولى إدارة جميع المشاريع في غزة، وما يخصص من الأشقاء يوضع في حساب لجنة إعادة الإعمار، وهي التي تنفذ وتشرف على جميع المشاريع، ونحن من جهتنا نساعدهم في تجهيز الأرض واللوجستيات ومساعدة عمل الوزارات وتنفيذ المشاريع ونحدد لهم الأولويات، ولكن هم الذين يشرفون على كل شيء، ولذلك قطر مع الشعب الفلسطيني وليس مع فصيل من فصائل الشعب الفلسطيني.
وبخصوص دعم الأسرى الفلسطينيين قال: قطر ساهمت في إنشاء مدينة للأسرى المحررين، والذين تم إبعادهم إلى قطاع غزة، على مساحة 100 ألف متر مربع، بـ25 مليون دولار، فالسجون الإسرائيلية بها 5000 أسير، منهم 550 محكوما عليهم بالمؤبد مدى الحياة، وهذه المدينة بمثابة قبلة الحياة لمن تم تحريرهم. مضيفاً: أسجل بكل الاعتزاز وكل الفخر باسمي باسم كل الشعب الفلسطيني، وفي غزة على وجه الخصوص موقف الحكومة القطرية، وهذا الشعب المضياف الذي لم يتوانى عن مساعدة أشقائه في غزة.
التغيرات الدولية والإقليمية
وحول التغيرات في الخريطة السياسية الدولية، أوضح هنية أن ما يجري على المسرح الدولي يجب أن نرصده بدقة، وخاصة مع جائحة كورونا، وقد يكون العالم ما بعد كورونا مختلفا وله إرهاصات وتداعيات يجب رصدها، بما في ذلك الانتخابات الأميركية المقبلة وما سيتبعها من تغيرات، لأن الموقف الأميركي في ظل الإدارة الراهنة يحاول أن يخدم السياسات الاستيطانية الاسرائيلية بشكل غير مسبوق، ولم يتجرأ أحد من قبل أن يوقع على قرار أن تصبح القدس عاصمة إسرائيل، واي تغيرات يمكن أن يكون لها تداعيات. وأشار إلى إننا أمام مسرح دولي متحرك، وصراع صيني أميركي، وهذا بالتأكيد سيكون له تداعيات على السياسة الدولية، وفي البعد الاقليمي يجري فيه العديد من التغيرات أيضاً، مثل الانقسام الخليجي وحصار دولة قطر، وصراعات القوة في المنطقة.
وشدد على ضرورة أن يتم رفع الحصار الجائر على قطر لمصلحة المنطقة واستعادة الوحدة لمواجهة التحديات التي تحيط بنا، مشيداً بقدرة الدوحة على تخطي آثار الحصار الجائر، حيث أصبحت قطر تعيش حالة من الاستقرار الاستراتيجي وتتعايش مع تغيرات المنطقة والحصار. منوهاً بضرورة اعتبار إيران ليست دولة عدوة، ونحن كفلسطينيين نرى ان إيران تقع في مربع الدعم للقضية الفلسطينية وكذلك المقاومة.
تنظيم الخلاف الفلسطيني
وقال هنية إن المرحلة الحالية هي مرحلة تنظيم الخلاف داخل البيت الفلسطيني بحيث بدل أن يكون الصراع فلسطينيا - فلسطينيا يتحول إلى فلسطيني –إسرائيلي، قائلا: من المهم البحث عن القائم المشترك بين حركة فتح وحركة حماس خاصة ان الفصائل الفلسطينية لها رؤى مختلفة.
وشدد هنية على ان المشكلة مع الاحتلال لا فلسطينية عربية أو عربية عربية. وذكّر هنية بالخطوات التي قامت بها حماس من أجل تقريب وجهات النظر وتحقيق الوحدة الوطنية، مشيرا إلى تنازلها عن السلطة بالرغم أن لديها الأغلبية داخل المجلس التشريعي الفلسطيني.
وقال إن حماس لديها رؤية مختلفة عن باقي الفصائل الفلسطينية وأبدت مرونة عالية من أجل رأب الصدع داخل البيت الفلسطيني. وبيّن ان اتفاقية أوسلو كانت محصلتها صفقة القرن والقدس عاصمة لإسرائيل، مؤكدا في هذا السياق أن خيار حماس ما زال قائما على المقاومة وعدم الاعتراف بإسرائيل.
وقال إن هناك دفعا لدى حماس وفتح لتضميد الجراح والتفاهم وتحييد الخلاف والاتفاق على مواجهة خطة الضم وصفقة القرن، قائلا: وجدنا حراكا إيجابيا ونحن ندفع في هذا الاتجاه وحريصون على بذل ما في وسعنا لمواجهة خطة الضم وصفقة القرن.
وكشف هنية عن وجود اتصالات مباشرة بين فتح وحماس دون وساطات مع احترام هذه الوساطات، مشيرا إلى تداول جملة من الأفكار لإقامة مؤتمر شعبي يخاطب فيه أبو مازن وأبو العبد الشعب الفلسطيني. كما أشار إلى وجود لقاءات بين قيادات حمساوية وفتحاوية لاول مرة منذ عشرة سنوات.
الانفتاح على المبادرات
وأشار هنية إلى أن حماس منفتحة على مختلف المبادرات للتقريب بين مختلف فصائل الشعب الفلسطيني، داعيا إلى خلية تفكير استراتيجي فلسطينية وبحث خطة لمواجهة المستقبل.
ولفت إلى وجود افكار لعقد اجتماع للأمناء العامين الفلسطينيين وترتيب منظمة التحرير الفلسطيني، قائلا: «حماس ليس لها سقف في استعادة الوحدة الفلسطينية خاصة أن اوسلو لم يعد له ما يبرره».
واوضح أن الوقت قد حان للبناء على قاسم مشترك وبناء الجسور وهو امر في حاجة للصبر وازالة الشكوك وبناء التوافق.
وقال إن فتح يجب ان تأخذ خطوات استراتيجية بالعلاقة مع المتغيرات الحاصلة بما في ذلك الاعتراف باسرائيل وبناء مشروع فلسطيني واعادة تعريف هذا المشروع.
وأكد ان خيار المقاومة والكفاح المسلح لا يزال قائما لدى حماس وهو خيار استراتيجي يقوم على مراكمة القوة، لافتا إلى ضرورة الاتفاق على وظيفة السلطة والقطع مع ركيزتها والمتمثلة في التعاون الأمني مع الجانب الاسرائيلي، مشيرا إلى وظيفة السلطة تقوم على خدمة الشعب الفلسطيني وتعزيز وحدته..
وقال إن الأردن ستكون أكثر الدول المتأثرة بصفقة القرن وقرار الضم، قائلا: «يجب ألا يكون حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن أو مصر أو غيرها من دول الطوق». وأشار إلى ضرورة تطوير العلاقات مع الأردن وتطوير المواقف للتصدي لموضوع الضم وصفقة القرن..
وقال هنية إن هناك شيطنة للقضية الفلسطينية لتبرير تقارب وتطبيع البعض في المنطقة، مشيرا إلى أن سياسة تهميش القضية الفلسطينية لن تنجح آملا أن يعود الجميع لرشده وموقفه التاريخي في دعم القضية الفلسطينية.