مصطفى الصواف
حتى لا يفهم ما أريد بشكل مغلوط، أؤكد أنني مع قرار وزارة التربية والتعليم العالي منع الدروس الخصوصية، هذا القرار الذي جاء حماية للطالب وأولياء الأمور، لان غالبية الطلبة الذين يتلقون دروسا خصوصية يهدرون الوقت الكثير، ففي الفصل يكون الطالب فاقد للانتباه على أمل أن ينتبه في الدرس الخصوصي، وعندما يريد الطالب ( الغالبية) الذهاب إلى الدرس الخصوصي يضيع إلى جانب ساعة الدرس ساعتان، وهاتان الساعتان لو درس فيهما بشكل جيد لأغنته عن الدرس الخصوصي، تغير ملابس، جل الشعر، المرآة، الذهاب إلى زميل، تسكع في الشارع، مواصلات، ورحلة العودة تستغرق جزء كبير أيضا من الوقت.
ولكن المهم في الأمر، كيف ستحمي الوزارة هذا القرار؟، والدروس الخصوصية بدأت منذ بداية العام الدراسي خاصة لطلبة الثانوية العامة، وما هي وسائلها إلى ذلك؟، هل ستضع على رأس كل مدرس من المدرسين الأوائل رقيب، أو حرس حتى لا يذهب أو يأتي إليه الطلاب؟، خاصة في ظل أن بعض المدرسين يحول بيته إلى مركز للأعمال، أو يستأجر شقة أو مخزن لاستقبال أفواج الطلبة الوافدين إليه.
ولكن السؤال الأهم لوزارة التربية والتعليم، ماذا وفرتي للطالب ولولي الأمر حتى يقتنع ويلتزم بعدم الذهاب إلى الدروس الخصوصية؟، وهل يكفي برنامج الدعم المقدم في المدارس؟، هل فصول الطلبة مثالية في عدد الطلاب؟، وهل توفر في مدارسنا كل أدوات المعرفة من مختبرات ووسائل إيضاح وغير ذلك من احتياجات التدريس الجيد والنموذجي، أنا اعلم الظروف، وأفهم الحصار، واقبل ضعف الإمكانيات، فهل أخذتم كل ذلك في الاعتبار؟، وهل تعتقدون أن الطالب سيقتنع بهذا الدعم عندما يعود إلى نفس المدرسة، ونفس الفصل بل ونفس المدرس، أسئلة كثيرة بحاجة إلى وقفة ودراسة حتى تستطيع الوزارة حماية القرار.
وهنا نقطة مهمة بالنسبة للمدرس، هذا المدرس المطحون، والذي يرفض أن يعمل بعد الدوام سائق على تاكسي، أو بائع في السوبر ماركت، مع كل الاحترام للسائقين والباعة، ويريد أن يعيش بكرامة براتب يوازي جزء من الجهد المبذول، وهو ينتظر بداية العام بفارغ من الصبر من أجل الدروس الخصوصية والتي تشكل له دخلا جديدا قد يضاعف دخله من الوزارة مرات، فهل نظرت الوزارة إلى هذا الراتب وكيفية دراسة زيادته عبر الحوافز أو البدلات حتى لا يفكر المدرس بالفعل من اللجوء إلى الدروس الخصوصية، المدرس يريد أن ينعم بقسط من الاطمئنان الوظيفي وكذلك بقسط من الراحة.
وللأسباب أنفة الذكر أنا أدعو وزارة التربية والتعليم بإعادة النظر في قرار الدروس الخصوصية، وخاصة في ظل الأوضاع التي نمر بها، وتأجيله حتى تتوفر الظروف المناسبة للطالب وللمدرس، وحتى لا نلعب لعبة( علي بابا والأربعين حرامي) ونجد أنفسنا في واد نحن والقرار، والمدرسين والطلاب في واد آخر، وعندها ستفقد قرارات الوزارة من هيبتها، ومن عدم قدرتها على متابعة تنفيذ قراراتها.