ليس سهلا أن تكونا مزارعا في حقول القمح جنوب قطاع غزة، فالعمل شاق والحذر واجب أيضا كون قناصة المحتل تطلق الرصاص بعشوائية حال فكر المزارع بسلك طريق غير اعتيادية.
العمل في حصاد القمح والشعير يستغرق ساعات طويلة، وأياما أكثر فلكي يحصد المزارع دونما واحدا يحتاج يوما كاملا، لكن اليوم اختلف الوضع حين قرر المزارع الستيني محمد الفرا تطوير منجله البسيط الذي ورثه عن أجداده إلى حصادة تستخدم في حصد القمح والشعير وطحن القش أيضا.
الفرا ليس خبيرا في الهندسة الميكانيكية لكن عمله في ميكانيكا السيارات جعله يحقق حلمه ليخفف التعب والمشقة له ولبقية المزارعين.
المزارع الفرا راح يستعرض حصادته التي شكلت سابقة نوعية أمام المزارعين، فهي تستغرق نصف الساعة لإنجاز حصادهم اليومي حيث تقشر حبوب القمح وتفصلها عن السيقان لتتحول فيما بعد الى علف للحيوانات، وذلك بتكلفة مادية بسيطة، فالآلة توفر بين 60 و70 بالمئة من التكلفة المادية على صاحب حقل القمح، مقارنة بحصاد ودرس التبن بشكل يدوي.
نجاح المزارع في صناعة الحصادة لم يكن من المرة الأولى، بل بعد تجارب كثيرة كان يخفق فيها، لكن بإصراره تمكن من تشغيلها كما يقول، موضحا أنه منذ عام 2000 م وفكرة التطوير تراوده لكن عدم توفر قطع الغيار الخاصة بهذا التصميم الميكانيكي وارتفاع التكلفة المادية، كان عائقا بالنسبة له.
وعن المدة التي استغرقها لصناعة آلته الجديدة، ذكر أنها كانت ستة أشهر، فعمله في ميكانيكا السيارات ساهم في انجاز صناعتها بوقت قياسي مع الوقوف على صيانتها أيضا بجهد ذاتي.
الجهد كان مضاعفا أمام المزارع الفرا فمع الجهد المبذول والشهور التي بذلت لتشغيل الحصادة المتطورة، صنع قطع الغيار محليا.
وفي كل مرة تدور فيها الالة الحديثة، ينظر لها الفرا بفرحة كبيرة كونها إنجازه الذي بقي ينتظره سنوات طويلة، يقول وهو يراقب عمل الحصادة: "يمكنها طحن نحو 600 كيلو غرام من القش"، مضيفا: طحن القش لتحويله إلى تبن، كان وما زال يتم عند غالبية المزارعين في غزة، عبر طاحونة خاصة، وهو ما يحتاج تكلفة مالية وعمالا أكثر.
ومعروف أن المزارع الغزي يعاني أوضاعا اقتصادية صعبة بفعل الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 13 عاما، عدا عن تجريف الاحتلال للكثير من الاراضي الزراعية الحدودية مما كان يفقد المزارعين لمصدر دخلهم.
الوضع الاقتصادي السيئ للمزارعين طرح سؤالا حول التكلفة التي ساهمت في تطوير الالة، ليجيب الفرا:" المبلغ كان حوالي 7 الاف دولار، ساهمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتمويل جزئي".
كما أن الفرا عمل منذ 1988 في مجال الات الحصاد، وأدخل بعض الأدوات التي ساعدت المزارعين في الحقول، وكان منها أربع آلات تعد الوحيدة العاملة في القطاع الزراعي بغزة، وتحولت واحدة من بينها إلى حصادة متطورة.
كما يطمح المزارع الفرا للحصول على ماكينة حديثة، كي يساعد بقية المزارعين في حصد القمح والشعير توفيرا للجهد والوقت والمال.