شنت السلطة الفلسطينية هجمة كبيرة ضد الاتفاق (الاماراتي - الإسرائيلي) الذي يقضي بتطبيع كامل العلاقات بين الجانبين، وتصدرت التصريحات النارية المنددة بالاتفاق وسائل الاعلام من قادة السلطة حتى وصل الأمر إلى اعتبار السلطة ما جرى خيانة وطعنة في الظهر.
وبخلاف التصريحات، أعلنت قيادة السلطة عن عقد اجتماع لبحث الاتفاق وآليات الرد عليه، ورغم أن جميع الفصائل والأحزاب الفلسطينية كانت متناغمة في رفضها الاتفاق والتطبيع بين الدول العربية والاحتلال، إلا ان الواضح أن التغييرات الأخيرة لم تحرك قيادة السلطة نحو توجهات وسياسات داخلية جديدة تنهي حالة الانقسام التي ساهمت بعدة طرق للحالة الراهنة.
ومرة أخرى تلجأ الرئاسة الفلسطينية إلى عقد اجتماع الفصائل والهروب من استحقاقات المصالحة الحقيقية التي تتطلب أولى خطواتها عقد الإطار القيادي الموحد.
القيادي في حركة "حماس" الشيخ حسن يوسف، كشف عن مشاركة حركته في اجتماع القيادة الفلسطينية المزمع عقده في رام الله لمناقشة اتفاق التطبيع (الإماراتي الإسرائيلي).
وقال يوسف إنهم تلقوا دعوة للمشاركة وأقرّوا الحضور والمشاركة، مشيرًا إلى ضرورة أن تكون أجندة اللقاء مفتوحة، لمناقشة كل القضايا المرتبطة بالضم وصفقة القرن وتطبيع العلاقات مع الاحتلال.
في ذات السياق صرح عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين خالد البطش، بأن الجهاد ستشارك في اللقاء بهدف تعزيز الموقف الوطني الرافض للضم وللتطبيع"، مؤكدا أن وحدة الموقف الفلسطيني تقطع الطريق على كل المحاولات البائسة لشرعنة وجود الاحتلال على أرض فلسطين.
وجدد البطش التأكيد على موقف حركة الجهاد الإسلامي الداعي إلى ضرورة استعادة الوحدة ورص الصفوف في مواجهة الاحتلال ومشاريع تصفية القضية الوطنية وصولا لتحقيق هدف التحرير والعودة.
لبت الفصائل الكبرى دعوة الرئيس عباس عدة مرات لحضور اجتماعات من المفترض انها تناقش قضايا مصيرية، لكنه امتنع في المقابل عن تلبية كل الدعوات لإنهاء الانقسام واتخاذ خطوات حقيقية وجدية نحو المصالحة.
موقف السلطة الأخير حتى في الهجوم على الامارات كانت يتطلب أن تتقارب مع الكل الفلسطيني في ظل الازمة الراهنة وان تتخذ خطوات جدية لمواجهة موجة التطبيع التي لن تتوقف عند الامارات فقط والمؤشرات كثيرة.
وما زال الاضطراب والعجز يسيطران على سلوك السلطة السياسي في كل القضايا المصيرية وتصعد اعلامياً دون ان تتخذ ما يجب من خطوات عملية لتحقيق اختراق حقيقي في الازمة المستحكمة فلسطينيا وعربياً.
القيادي في حركة حماس من الضفة الغربية وصفي قبها انتقد سلوك السلطة وقال "الرئاسة الفلسطينية توجه دعوات رسمية لحضور لقاء القوى والفصائل بمدينة رام الله اليوم الثلاثاء 19/8/2020, وتصر على عدم دعوة الإطار القيادي الموحد، وقد بُحت الأصوات التي تنادي بذلك لحساسية وخطورة المرحلة التي تتطلب الاجتماع على هذا المستوى".
واعتبر أن الغريب في الأمر أن الرئاسة لم تُقدم الأسباب التي تحول دون دعوة الإطار القيادي الموحد مما يجعل المواطن الفلسطيني في حالة من عدم الثقة بأن مثل هذه اللقاءات يمكن أن تُفضي الى مصالحة ووحدة وطنية وشراكة سياسية حقيقية وعمل وطني مشترك وموحد من خلال استراتيجية وطنية شاملة محددة الأهداف والمراحل.
وفي المقابل فإن التفاؤل المحدود الذي صاحب أجواء المؤتمر الصحفي المشترك بين القياديين في فتح وحماس جبريل رجوب وصالح العاروري قد تلاشى مع إلغاء فكرة عقد مهرجان وطني في غزة يتحدث فيه الرئيس، وربما تأجل الأمر دون ابداء أسباب مقنعة لذلك، في الوقت الذي اعتبر الكثير من المراقبين أن التأجيل كان مقدمة لإلغاء الفكرة نهائيا.
وتتجه السلطة مجدداً لعقد لقاء فصائلي أقرب إلى الخطوة الشكلية منه الي اتخاذ خطوات جدية، فقد عقدت عشرات اللقاءات خلال الأعوام الماضية بل واتخذت قرارات مهمة في بعضها وبقيت حبراً على ورق.
ويبدو من السلوك السياسي للسلطة أنها ما زالت بعيدة عن المصالحة وأن انهاء الانقسام تم تجاوزه واعتباره حالة مسيطرة على الواقع الفلسطيني، رغم انه يعتبر المسبب الأول في حالة العجز والتيه الفلسطيني.
ويتطلب أي لقاء قادم أن تتخذ السلطة فيه قرارات حاسمة أهمها إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أساس الاتفاقات السابقة التي جرت بين الفصائل ومعالجة الوضع السياسي الناتج عن المفاوضات ومشروع التسوية، والاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة ترتب المسار النضالي الفلسطيني، ودون اتخاذ هذه الخطوات لن يشهد الوضع الفلسطيني أي تقدم.